البنك الفيدرالي ينصح البنوك الإقليمية بألا تخجل من طلب المساعدة

26 يناير 2024
المقر الرئيسي لبنك الاحتياط الفيدرالي في واشنطن العاصمة (Getty)
+ الخط -

بعد مرور ما يقرب من قرن من الزمان على محاولة بنك الاحتياط الفيدرالي لأول مرة تثبيط الاقتراض المنتظم من برنامج الدعم التقليدي، المعروف باسم نافذة الخصم، يحاول المسؤولون إعادة طرح التسهيل الائتماني الأساسي كمصدر للسيولة اليومية، بعد أن دأبت البنوك على تجنب اللجوء إليه خوفًا من إطلاق أجراس الإنذار.

وأصبحت هذه المهمة أكثر إلحاحا في أعقاب انهيار بنك "سيليكون فالي"، واقتراب عدد من البنوك الإقليمية من الانهيار خلال النصف الأول من العام الماضي.

ومع صدمة الجهات التنظيمية، وفي مقدمتها بنك الاحتياط الفيدرالي، من الهروب السريع للودائع، بدا واضحاً أن عدداً غير قليل من البنوك لم يكن مستعداً للجوء إلى نافذة الخصم التي يقدمها البنك الفيدرالي، بدلاً من الاعتماد بشكل كبير على الاقتراض من بنوك القروض السكنية، الأمر الذي تسبب في رفع تكاليف التمويل للجميع.

وقال نائب رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي للرقابة مايكل بار، في خطاب ألقاه في الأول من ديسمبر/كانون الأول: "يجب أن تكون البنوك جاهزة وراغبة في استخدام نافذة الخصم في الأوقات الجيدة والسيئة".

والآن، يقوم المنظمون، بما في ذلك بنك الاحتياط الفيدرالي ومكتب مراقب العملة والمؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع، بصياغة خطة لإلزام البنوك بالاستفادة من التسهيلات مرة واحدة على الأقل سنويًا، وهو إجراء يهدف إلى الحد من وصمة العار التي يتصور المستخدمون أنها تطاولهم عند اللجوء للاقتراض من البنك الفيدرالي. ويأتي ذلك بعد توجيهات من الجهات التنظيمية في العام الماضي، حثت المؤسسات على تحديث خطط تمويل الطوارئ الخاصة بها، بما في ذلك نافذة الخصم.

وفي الكونغرس، قال السيناتور مارك وارنر، وهو ديمقراطي من ولاية فرجينيا، إنه يدرس التشريع الذي من شأنه أن يفرض استخدام التسهيلات من قبل البنوك الأميركية. ويهدف الاقتراح الضخم الذي تقدمت به الوكالة الفيدرالية لتمويل الإسكان لإصلاح نظام FHLB، والذي صدر في نوفمبر/تشرين الثاني، إلى دفع البنوك نحو المزيد من نشاط نافذة الخصم أثناء الأزمات.

وعلى الرغم من وجود محاولات سابقة لتجديد النافذة، إلا أن ذلك يتطلب موافقة كل مستويات النظام المالي والمشرفين عليه، من البنوك إلى المراقبين والمحللين، ووكالات التصنيف، والمشاركين في السوق الذين طالما نظروا إلى الاقتراض من البنك المركزي بعين الشك.

وقال غينادي غولدبيرغ، رئيس استراتيجية أسعار الفائدة الأميركية في شركة تي دي سيكيوريتيز، لبلومبيرغ: "نافذة الخصم هي بحكم تعريفها أداة طوارئ، وإزالة وصمة العار عن منشأة الطوارئ هي بالفعل مهمة صعبة".

تردد البنك الفيدرالي

وفي السنوات الأولى لبنك الاحتياط الفيدرالي، كانت البنوك تلجأ إلى البنك المركزي بشكل مستمر من أجل "إعادة الخصم"، وهي الممارسة التي سمحت لها بتبادل الديون الخاصة، مثل الأوراق التجارية، بالدولار.

وتغير ذلك في أواخر العشرينيات من القرن الماضي، عندما بدأ صناع السياسات في إلقاء نظرة قاتمة على هذه الممارسة، وطلبوا من البنوك إثبات أن لديها سبب مشروع للاقتراض، وأنها استنفدت بالفعل مصادر التمويل الخاصة. وقد أدى هذا إلى خلق تصور مفاده أن أي شخص يستغل نافذة الخصم لا بد أن يكون في ورطة، وما زالت هذه النظرة القاصرة تلاحق بنك الاحتياط الفيدرالي منذ ذلك الحين.

وقال بريان موينيهان، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي في "بنك أوف أميركا"، خلال جلسة استماع بمجلس الشيوخ الشهر الماضي: "في كل مرة، نتردد بنسبة 100% في استخدامها كصناعة، لأنها تظهرنا في موقف ضعف. علينا أن نجد طريقة لتغيير ذلك."

وأنشأ بنك الاحتياط الفيدرالي في فترات الضغط الأخيرة برامج إقراض مؤقتة لإغراء البنوك بالاقتراض، بما في ذلك برنامج التمويل لأجل الذي أُطلق خلال أزمة البنوك الإقليمية العام الماضي، وسعدت البنوك باستخدامه، لشروطه الجذابة، وتكلفته المنخفضة، مقارنة بالبدائل التي كانت متاحة وقتها.

وقال بنك الاحتياط الفيدرالي، يوم الأربعاء، إنه سيرفع سعر الفائدة على القروض بموجب البرنامج قبل انتهاء صلاحيته في 11 مارس/آذار، بعد ارتفاع الاقتراض في الأسابيع الأخيرة.

وقال البنك الفيدرالي في بيان، أعلن فيه التغيير، إن البنوك "ستستمر في الوصول بسهولة إلى نافذة الخصم لتلبية احتياجات السيولة".

وقام البنك المركزي بإصلاح نافذة الخصم في عام 2003، عندما أنشأ التسهيل الائتماني الأولي، حيث تكون المؤسسات ذات رأس المال الجيد فقط هي القادرة على الاقتراض بمعدل أعلى من سعر الفائدة الفيدرالي القياسي على الأموال الفيدرالية، ولم يعد يتعين عليها إثبات أنها بحاجة إلى القروض. كما أنشأت تسهيلات ائتمانية ثانوية للمؤسسات الأضعف.

الحوافز الصحيحة

وعلى الرغم من هذه التغييرات، فإن وصمة العار المحيطة باستغلال التسهيلات استمرت، كما تقول سوزان ماكلولين، وهي من المخضرمين في بنك الاحتياط الفيدرالي في نيويورك، حيث عملت فيه ثلاثين عاماً، أشرفت خلالها على عمليات نافذة الخصم خلال الأزمة المالية.

وأرجعت ماكلولين، التي تقاعدت في أغسطس/آب، جزءًا من التحدي إلى الرسائل المختلطة من بنك الاحتياط الفيدرالي والجهات التنظيمية الأخرى حول متى يجب على البنوك أن تلجأ إلى التسهيل للحصول على التمويل.

وتذكرت أن المصرفيين قالوا مرارا وتكرارا إنهم لن يأتوا إلى النافذة، على الرغم من تشجيع البنك المركزي، لأنهم تعرضوا للاستجواب من قبل المشرفين عليهم، أو لجان المخاطر الداخلية، أو كبار المديرين الذين تذكروا حقبة سابقة عندما كان الاقتراض من التسهيلات غير مقبول.

وقالت ماكلولين، التي تعمل حالياً زميلاً تنفيذياً في برنامج الاستقرار المالي بجامعة ييل، إنه خلال فترة عملها في بنك الاحتياط الفيدرالي، أشارت البنوك مرارًا وتكرارًا إلى أن متطلبات الإفصاح الجديدة بموجب قانون دود-فرانك كانت بمثابة رادع محتمل، رغم تأخرها.

وأضافت: "نحن في الولايات المتحدة بحاجة إلى أن نقرر الغرض من نافذة الخصم، وأن نتصرف وفقاً لذلك، لخلق الحوافز المناسبة لضمان فعاليتها".

ومع ذلك، تعتقد ماكلولين أنه لا يزال من الممكن إعادة النظر في تصميم نافذة الخصم، بحيث تصبح أداة أكثر فعالية لضمان عدم تحول انقطاع التمويل المؤقت في بنك سليم إلى مشاكل ملاءة.

المساهمون