رفع بنك الاحتياط الفيدرالي، يوم الأربعاء، معدل الفائدة على أمواله 75 نقطة أساس، للمرة الرابعة على التوالي، وألمح إلى ما تصوره البعض عن إمكانية لخفض وتيرة رفع الفائدة خلال الفترة القادمة، قبل أن تختلف الصورة مع أول سؤال في المؤتمر الصحافي الذي أعقب الإعلان عن القرار.
وبعد أن احتفلت الأسواق بما تصوروا أن تلميحاً من البنك الفيدرالي، جاء أول سؤال في المؤتمر ليجيب عنه جيروم بال، رئيس البنك الفيدرالي، نافياً صدور أي تلميح بخصوص قرار البنك المنتظر قبل نهاية العام، أو احتمالات تخفيف وتيرة الرفع.
ولم يخالف البنك المركزي الأكبر في العالم التوقعات، آخذاً على عاتقه النزول بمعدل التضخم الأميركي إلى مستوياته المستهدفة بالقرب من 2%، ليصل بمعدل الفائدة الأساسي في الولايات المتحدة إلى نطاق 3.75%-4%، وهو أعلى مستوياته منذ عام 2008، الذي شهد ذروة أزمة الرهون العقارية الكبرى، التي سبقت الأزمة المالية العالمية.
وجاءت الخطوة، مع تحذير العديد من الرؤساء التنفيذيين في أميركا من تأثير استمرار الرفع بالوتيرة الحالية في دخول الاقتصاد الأميركي في ركود، لتكمل أكثر سياسات البنك الفيدرالي تشدداً منذ أوائل الثمانينات، التي شهدت مستويات تضخم فاقت المستويات الحالية، في الاقتصاد الأكبر في العالم.
وبعد دقائق من إعلان قرار البنك الفيدرالي، ارتفعت مؤشرات الأسهم الرئيسية، وأضاف مؤشر داو جونز الصناعي أكثر من 300 نقطة، وتراجعت عوائد السندات، أي ارتفعت أسعارها أيضاً، قبل أن تُمحى كل المكاسب بينما كان باول يجيب على أسئلة الصحافيين.
وعقب انتهاء المؤتمر الصحافي، كانت كل المؤشرات في المنطقة الحمراء، وفي مقدمتها مؤشر ناسداك، الأكثر تأثراً بتحركات معدل الفائدة، وتجاوزت خسائره من 3% بعد تأكيد باول أن "هناك المزيد من الرفع قبل أن نبدأ التفكير في التوقف أو تغيير الاتجاه".
وأكد باول أن المناقشات التي تخص إيقاف الرفع أو البدء بتخفيض معدلات الفائدة لن تبدأ قبل أن يرى أعضاء مجلس إدارة البنك تغييرات في الاقتصاد الحقيقي، مشيراً إلى أنهم لاحظوا بالفعل تراجع التضخم، "ولكن ليس بالقدر الكافي".
وبعد أن قام البنك الفيدرالي برفع معدلات الفائدة 3% خلال الأشهر السبعة الأخيرة، وقبل رفع اليوم، تعالت الأصوات المطالبة بتوخي الحذر، حتى لا يتسبب الرفع المبالغ فيه للفائدة في تراجع النشاط الاقتصادي في البلاد.
وأكد باول، خلال المؤتمر الصحافي، ملاحظته أن الاقتصاد الأميركي تباطأ هذا العام مقارنة بالعام الماضي، بسبب الرفع المتكرر لمعدلات الفائدة، وكذلك سوق الإسكان، إلا أنه أشار أيضاً إلى استمرار قوة سوق العمل، التي أضافت ما يقرب من 300 ألف وظيفة في كل شهر خلال العام الحالي.
وقبل أسبوعين، انضم جيف بيزوس، مؤسس عملاق تجارة التجزئة أمازون، وثاني أغنى رجل في أميركا، إلى قائمة المحذرين من الحالة التي وصل إليها الاقتصاد الأميركي مؤخراً، محذراً من "أوقات صعبة قريبة".
وفي تغريدة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قال بيزوس: "نعم، الاحتمالات في الظروف الحالية للاقتصاد تفرض ضرب الأبواب"، وهو تعبير يقصد به الاستعداد والحذر، خاصة عند توقع الاقتراب من الأزمات.
وسبق بيزوسَ ديفيدُ سولومان، رئيس بنك الاستثمار العملاق جولدمان ساكس، الذي حذر، في أعقاب إعلان نتائج الأعمال لبنكه، قائلاً إن "هناك فرصة كبيرة لدخول الاقتصاد الأميركي في ركود".
ورغم كل التحذيرات، توقع باول وصول معدل الفائدة على أموال البنك لأكثر مما كانت عليه التوقعات من قبل، والتي قدرت بنحو 4.6%، مؤكداً في الوقت نفسه أن أكثر ما يهم صانعي السياسة النقدية في الوقت الحالي هو ألا يكونوا قد رفعوا الفائدة بالقدر الكافي.