البنك الفيدرالي الأميركي لا يتوقع ركود الاقتصاد لسنوات قادمة

24 مارس 2024
جيروم باول رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- لجنة صنع السياسات بقيادة جيروم باول في مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي تصدر توقعات اقتصادية متفائلة، مستبعدة حدوث ركود في العام الحالي أو القادم، مع تعديل توقعات النمو للأعوام 2024-2026 لتظهر قوة أكبر.
- الاقتصاد الأميركي يظهر مرونة مع توقعات بثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة خلال السنوات القادمة، مما يعكس نظرة مستقبلية "محايدة" للسياسة النقدية ويدعم استمرار النمو الاقتصادي القوي.
- على الرغم من التفاؤل، هناك تحذيرات من تأثيرات صدمات اقتصادية غير متوقعة، مثل توقف التضخم عن التراجع بسبب التوترات الجيوسياسية، ما قد يدفع البنك الفيدرالي لتشديد السياسة النقدية ويؤدي إلى تباطؤ النمو أو الركود.

أصدرت لجنة صنع السياسات التابعة لمجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي، والمكونة من 19 مسؤولاً، مجموعة جديدة من التوقعات الاقتصادية الأسبوع الماضي، والتي أظهرت استبعاد البنك الفيدرالي حدوث ركود العام الحالي أو العام القادم.

وقال رئيس البنك جيروم باول إنه وفريقه يتوقعون الآن أن يكون النمو الاقتصادي في الأعوام 2024 و2025 و2026 أقوى مما كانوا يعتقدون سابقًا.

ويبدو أن هذا التفاؤل موجود أيضاً بين المحللين، بمن في ذلك كبير الاقتصاديين في بنك غولدمان ساكس جان هتزيوس، الذي قال هذا الأسبوع إن "الآلام الاقتصادية القاسية الناجمة عن الركود، مثل تسريح العمال الجماعي والإنفاق الاستهلاكي الفاتر، ربما لن تحدث في أي وقت قريب".

وقال باول يوم الأربعاء: "الاقتصاد قوي، وسوق العمل قوية، والتضخم انخفض بشكل كبير".

وكانت أرباح الشركات قوية في الربع الأخر من العام الماضي، ما ساهم في استمرار تحقيق المستويات القياسية في سوق الأسهم الأميركية. ويرى البنك الفيدرالي أن أميركا ربما تكون في خضم طفرة إنتاجية تسمح بتعزيز النمو دون إشعال التضخم من جديد.

وأظهر الاقتصاد الأكبر في العالم مرونة غير متوقعة، على الرغم من تطبيق أشد السياسات التقييدية في عقود.

ومع استقرار معدلات الفائدة الأساسية عند أعلى مستوياتها في أكثر من 23 عاماً، عند نطاق 5.25% - 5.50%، يقول الاقتصاديون إن معدلات النمو الاقتصادي القوية يمكن أن تستمر خلال السنوات المقبلة.

ولا يزال مسؤولو البنك الفيدرالي يتوقعون ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة هذا العام، ومثلها العام القادم والذي يليه، وصولاً إلى مستوى قريب من 2.5% بحلول عام 2027. ويرى البنك هذا المستوى "محايداً"، أي أنه لا يحفز ولا يكبح جماح الاقتصاد.

ورغم استبعاد العودة إلى مستويات الفائدة الصفرية التي سادت قبل عدة سنوات، لا يتوقع الاقتصاديون أن يتسبب ذلك في حدوث أي مشكلة للاقتصاد الأميركي القوي.

وقال مايك سكورديليس، رئيس قسم الاقتصاد الأميركي في شركة الخدمات الاستشارية التابع لبنك "ترويست"، لشبكة "سي أن أن" الإخبارية: "الكثير من زملائي يصفون أسعار الفائدة بأنها أعلى لفترة أطول، لكن في الحقيقة فإن الاقتصاد هو الذي سيكون أقوى لفترة أطول".

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، وهو المقياس الأوسع للناتج الاقتصادي في البلاد، معدلاً سنوياً قوياً بلغ 3.2% في الربع الرابع، وهو ما جاء بعد معدل أعلى، بلغ 4.9%، في فترة الثلاثة أشهر السابقة.

ويتوقع بنك الاحتياط الفيدرالي في أتلانتا حاليًا نمو الاقتصاد بمعدل 2.1% في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2024.

ويقدر مسؤولو البنك الفيدرالي معدل النمو في عام 2024 بشكل عام بـ2.1%، ثم 2% في العام التالي.

ووفقاً لرئيس البنك الفيدرالي، لا تزال سوق العمل، وهي المحرك الرئيسي للنمو، قوية، رغم تراجعها عن المعدلات المرتفعة السابقة، التي سجلتها عام 2021، بعد الخروج من الجائحة. لكن معدل البطالة بالولايات المتحدة لا يزال قريباً من أدنى مستوياته في أكثر من نصف قرن.

وأضاف أصحاب العمل 275 ألف وظيفة في فبراير/ شباط، وارتفع معدل البطالة إلى 3.9% من 3.7%، لكنه ظل أقل من 4% لأكثر من عامين. وتظل طلبات إعانة البطالة، وهي مؤشر على تسريح العمال وغالباً ما يُنظر إليها على أنها المؤشر الأقدر على قياس أي تغييرات في سوق العمل، عند مستويات منخفضة تاريخياً.

وقال سكورديليس إنه من المتوقع أن يظل الاقتصاد قويا بسبب "الإنتاجية الأفضل عما كانت عليه قبل الوباء" و"التغيرات الهيكلية في القوى العاملة".

ولكن بقدر ما قد تكون التوقعات وردية، فإن أي صدمة اقتصادية غير متوقعة قد تعرقل النمو وتؤدي إلى الانكماش. ويتمثل أحد أهم التهديدات للسيناريوهات المتفائلة في تزايد احتمالات توقف التضخم عن التراجع، خاصة مع تعطل مرور سفن شحن البضائع في البحر الأحمر وقناة السويس، إثر هجمات الحوثيين.

وقالت ستيفاني لانغ، كبيرة مسؤولي الاستثمار في هومريش بيرغ، لشبكة "سي أن أن": "نعتقد أن خطر الركود قد انخفض، لكن المشكلة الكبرى ستكون عند حدوث مفاجأة بشأن بيانات التضخم، على نحو يخالف توقعات بنك الاحتياط الفيدرالي والسوق". وشددت: "إذا حدث ذلك، فسيكون بنك الاحتياط الفيدرالي أكثر ميلاً نحو مكافحة التضخم، لذلك قد يكون في وضع يبقي فيه أسعار الفائدة مقيدة لفترة طويلة جداً، ما قد يتسبب في تراجع النمو الاقتصادي كثيرًا، ويتسبب في حدوث ركود".

المساهمون