من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأردني بنسبة 2.1% عام 2022، إلا أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية واختناقات سلاسل العرض وتأثير الحرب في أوكرانيا تشكل مخاطر سلبية كبيرة على التوقعات الاقتصادية للبلاد، بحسب بيان صادر عن البنك الدولي اليوم الإثنين.
وأوضح البنك أن هذا التوقع يعتمد على معدل النمو القوي نسبيا والبالغ 2.2% المسجل عام 2021 بفضل السياسات النقدية والمالية الداعمة التي لجأت إليها الحكومة، إلى جانب إعادة فتح أبواب الأنشطة الاقتصادية بشكل تدريجي. ومع ذلك، لا تزال البطالة، ولا سيما بين الشباب والنساء، عند مستويات مقلقة، كما أن هناك حاجة إلى إصلاحات لتحفيز الاستثمار لخلق وظائف أكثر وأفضل.
وفقا لتقرير المرصد الاقتصادي للأردن الذي أصدره البنك الدولي في الربع الأول من العام الحالي تحت عنوان: "الاضطرابات العالمية تحد من التعافي وخلق فرص العمل"، كان النمو الاقتصادي عام 2021 قويا، بفضل التوسع الكبير في قطاعي الخدمات والصناعة، والانتعاش القوي وغير المتوقع في قطاع السفر والسياحة.
لكن مع ذلك، فإن بعض القطاعات الفرعية، لا سيما قطاع الخدمات التي تعتمد على التعامل المباشر مع الجمهور بدرجة عالية مثل المطاعم والفنادق، لا تزال متعثرة عن مستويات ما قبل الجائحة.
ووفق البيان، استأنفت الحكومة مسار ضبط أوضاع المالية العامة، يدعمها في هذا النمو القوي في إيراداتها الضريبية وغير الضريبية.
وقد سمح هذا أيضا للحكومة بزيادة النفقات الرأسمالية بشكل ملحوظ عام 2021، وهو تطور مرحب به نظرا للدور الحاسم للاستثمار في إنعاش النشاط الاقتصادي وزيادة معدلات التشغيل. ورغم التغيرات غير المواتية في أسعار السلع العالمية والارتفاع التدريجي للتضخم، ظلت أسعار المستهلكين منخفضة نسبيًا مقارنة بالبلدان الأخرى في المنطقة.
ومع ذلك، وبحسب التقرير، لم يؤد الانتعاش الاقتصادي الأخير إلى خلق فرص عمل بنسبة عالية. ورغم أن الانتعاش في قطاع الخدمات ساعد في تخفيف بعض ضغوط سوق العمل، إلا أن معدل البطالة الإجمالي في الأردن بلغ حوالي 23% نهاية عام 2021، مقارنة بمستوى ما قبل الجائحة الذي بلغ 19% نهاية عام 2019.
ويخلص التقرير إلى أن ارتفاع مستويات البطالة والعمل في القطاع غير الرسمي في الأردن يعود وبشكل رئيسي إلى القدرة المحدودة للقطاع الخاص على خلق وظائف أكثر وأفضل، حيث تسيطر الشركات الصغيرة منخفضة الإنتاجية على الاقتصاد.
وقال المدير الإقليمي لدائرة المشرق بالبنك الدولي ساروج كومار جاه: "رغم الانتعاش الاقتصادي الذي شهده الأردن، إلا أن التحديات الاجتماعية والاقتصادية الملحة، ومنها ارتفاع معدلات البطالة خاصة بين الشباب والنساء، لا تزال مترسخة. وللمضي قدما، سيكون تسريع تنفيذ الإصلاحات الداعمة للاستثمار أمرا بالغ الأهمية لضخ الديناميكية في الاقتصاد وتنشيط القطاع الخاص كمحرك أساسي من محركات خلق فرص العمل في البلاد".
ويقدم المرصد الاقتصادي توصيات لتشجيع الاستثمار وتعزيز قدرة البلاد، منها تكثيف إصلاحات الاقتصاد الجزئي لتشجيع تنمية القطاع الخاص، وتنفيذ الإصلاحات التي تستهدف معالجة أوضاع البطالة، وخاصة بين الشباب والنساء، وتجديد إستراتيجية تمويل الديون في الأردن للحفاظ على الاستثمارات العامة في البنية التحتية وتنمية رأس المال البشري في البلاد.
ويُفرد التقرير فصلا خاصا بعنوان "خلق وظائف أكثر وأفضل في الأردن" يستعرض فيه التحديات الهيكلية الرئيسية في سوق العمل الأردني، إضافة إلى الإصلاحات الضرورية المطلوبة للتغلب عليها.
ويبين التقرير أن جائحة كورونا أدت إلى تقليص فرص العمل المتاحة أمام الشباب، الذين يشكلون حوالي خُمس إجمالي السكان في سن العمل في الأردن.
واعتبارا من نهاية عام 2021، أشارت الإحصاءات الرسمية إلى أن أكثر من نصف الشباب في البلاد عاطلون من العمل، مع وجود نسبة أعلى بين العاملات الشابات.
ولا يزال الانقسام اللافت بين الجنسين يميز سوق العمل الأردني، حيث تقل نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة بنحو 40 نقطة مئوية عن الذكور، مما يجعلها من بين أدنى المعدلات في العالم.
وفي هذا الصدد، قالت سعدية رفقات، الخبيرة الاقتصادية الأولى لدى البنك الدولي ومؤلفة التقرير: "تساهم عدة عوامل في ارتفاع معدل البطالة بين الإناث، بما في ذلك ظروف مكان العمل غير الملائمة للأسرة، والشمول المالي المحدود للمرأة، والافتقار إلى الوصول إلى وسائل النقل العام الموثوقة والآمنة، بالإضافة إلى الأعراف الاجتماعية السائدة. ويمكن خلق المزيد من الفرص الاقتصادية للإناث من خلال رفع هذه القيود، مثل إزالة القيود القانونية المتعلقة بالحصول على الوظائف، وتوسيع إمكانية الوصول إلى رعاية جيدة للأطفال، وزيادة الشمول المالي للمرأة".