جريا على العادة وجد أعضاء مجلس النواب الأردني الفرصة مواتية لتوجيه انتقادات حادة لأداء الحكومة الجديدة برئاسة بشر الخصاونة، التي تشكلت منذ فترة وجيزة وتحديدا في شهر أغسطس/ آب من العام الماضي، وذلك لدى مناقشة البيان الوزاري للحكومة. وكان الخصاونة قد قدّم في الأسبوع الماضي بيان حكومته إلى مجلس النواب للحصول على ثقته عملا بأحكام الدستور.
وبدا النواب غير متفائلين بقدرة الحكومة على تحقيق إنجازات تذكر على صعيد تحسين الوضع الاقتصادي ومعالجة المشكلات الأساسية التي يعاني منها الأردن، خاصة الفقر والبطالة، إضافة إلى تخفيف تداعيات وآثار أزمة كورونا على مختلف القطاعات. كذلك لم يُظهر النواب الذين تحدثوا خلال اليوم الأول في جلسات المناقشة للبيان أي رضا عن خطة الحكومة.
وضم المجلس 100 نائب ينتخبون لأول مرة من أصل 130 نائبا إجمالي عدد أعضاء المجلس. وتبارى عدد من النواب على توجيه انتقادات حادة للحكومة ومطالبتها بالإعلان صراحة عن موقفها من بعض القضايا المحلية وآليات وقف تدهور الوضع الاقتصادي.
ووصف نواب الحكومة ووزرائها بغير القادرة على تنفيذ أجندة الإصلاحات المطلوبة في مختلف المجالات، خاصة الاقتصادية منها.
وقال النائب صالح العرموطي، من كتلة الإصلاح النيابية المحسوبة على التيار الإسلامي، لـ"العربي الجديد"، إن البيان الوزاري للحكومة جاء إنشائيا وسرديا دون تقديم حلول جذرية للمشاكل، وشمل عرضا عاما لواقع الحال الذي يعاني منه الأردن دون أن يذكر الإجراءات التنفيذية التي ستقوم بها الحكومة لتحسين الاقتصاد وتوفير فرص العمل وتخفيض نسبة الفقر وما إلى ذلك. وأضاف العرموطي أن هناك العديد من الملفات المهمة التي لا أعتقد أن الحكومة قادرة على التصدي لها في ما يخص الشأن الاقتصادي، ومن ذلك زيادة نسبة النمو هذا العام وتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين إضافة إلى محاربة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة والتي تدور قضاياها في الفلك منذ عدة سنوات.
وقال إن البيان الوزاري للحكومة جاء طويلا ولا يناسب واقع الحال الذي يمر به الأردن، ما يتطلب تحديداً وبشكل واضح رؤية الحكومية وبرنامجها التنفيذي للمشاكل الأساسية وعلى وجه الخصوص الاقتصادية منها، لا سيما مع الانكماش الاقتصادي وتداعيات كورونا وزيادة عدد الفقراء بشكل كبير.
وتطرق النواب إلى أن المرحلة الحالية تتطلب إعادة بناء الثقة بين المواطن والحكومة، إذ لم يعد الشارع يؤمن بقدرة الحكومات على معالجة الأوضاع الاقتصادية المتردية وتحقيق العدالة الاجتماعية وتحفيز بيئة الاستثمار ومحاربة الفساد بشكل جدي.
من جانبه، قال النائب موسى هنطش لـ"العربي الجديد" إن تحديات المرحلة تتطلب العمل بمنهجيات مختلفة وخطط وبرامج واضحة ومحددة للنهوض الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة، مشيرا إلى أن الحكومة ورغم الانتقادات التي يوجهها لها النواب إلا أنها ستحصل على الثقة.
وأضاف أن الوضع الاقتصادي في تراجع مستمر ويتوقع أن يصل عجز الموازنة إلى حوالي 3 مليارات دولار العام الحالي فيما سترتفع البطالة وفق المعطيات الحالية إلى أكثر من 25% وكذلك الفقر الذي بحسب تقديرات البنك الدولي ارتفع بنسبة 38%.
وقال رئيس الوزراء الأردني في بيان الحكومة: "لقد فرضت جائحة كورونا ظروفاً اقتصادية استثنائيّة، لكننا حافظنا على استقرار وضعنا المالي والاقتصادي رغم كل الصعوبات وسعينا جاهدين من أجل توفير الحماية الاجتماعيّة للقطاعات والمنشآت والأفراد الأكثر تضررا". وأضاف: "رغم ما فرضته جائحة كورونا من ضعف في النموّ الاقتصادي الحقيقي الذي انخفض خلال عام 2020 إلى (- 3%)، إلا أنّ المتوقع أن يبلغ معدل النمو الحقيقي للعام المقبل (+2.5%).
وقال النائب خالد البستنجي إن البيان الوزاري خال من التخطيط والبرامج فالحكومة قدمت نوايا وتوجيهات ولا يمكن الحكم على إمكانية تحقيقها جزئياً أو كلياً تقدم في الملف الاقتصادي، وكان على الحكومة طرح ما تراه من أولويات تشريعية ولكن ذلك لم يقدم في البيان الوزاري. ودعا الحكومة لأن تتذكر وسط الظروف الحالية أن المواطن الأردني راهن ويراهن على وطنه ويجب أن يكون الركن الأساسي الذي تبني الحكومة عليه خططها، وأن تعمل على استعادة الثقة بالدولة ومؤسساتها يعني ضرورة احترام المواطن.
وطالب النائب غازي البداوي بوضع خطة للتحفيز الاقتصادي وإعادة النظر بقانون ضريبة الدخل بحيث تخفض على الأسر، كما يجب تخفيض ضريبة المبيعات على السلع ووضع خطة لتفعيل سيادة القانون ومكافحة الفساد ومحاسبة المعتدين على المال العام وفتح كافة ملفات الفساد. ودعا لإعادة النظر في رواتب القطاع الحكومي والقوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية مدنيين ومتقاعدين.
ومن جانبها، قالت النائبة فايزة عضيبات، إن الكثير من الأردنيين تحسبهم أغنياء من التعفف ولكن عند دخول بيوتهم تجد الأمور مختلفة. وأكدت عضيبات أن الكثيرين باتوا يعانون لكن اليأس والإحباط يغزوان الشعب الأردني بعد أن أعياه البحث عن بصيص أمل يخرجه من عتمة النفق المظلم. وأعربت عن مخاوفها على سعر صرف الدينار وتفاقم مشكلتي الفقر والبطالة والعودة إلى السحب من جيب المواطن ورفع الضرائب، مؤكدة أن أولى خطوات تحسين الاقتصاد هي تخفيض الضرائب.
وخفّض صندوق النقد الدولي، في تقرير سابق، توقعاته لأداء الاقتصاد الأردني لعام 2020، بنسبة انكماش تصل إلى 5 بالمائة، بعد أن كانت التوقعات السابقة تشير إلى انكماش بنسبة 3.7 في المائة. وتوقع الصندوق أيضا أن يبلغ معدل النمو للأردن العام الحالي نحو 3.4 في المائة؛ مما يعوض جزءا من الخسائر في النتائج المتحققة في الناتج المحلي لعام 2020. وحول التضخم، رجّح الصندوق أن تتراجع معدلات الأسعار بنسبة 0.3 في المائة لعام 2020، مقارنة مع معدل التضخم قدره 0.7 في المائة لعام 2019، على أن ترتفع الأسعار مجددا بنسبة 1.4 في المائة العام الحالي. كان الصندوق قد وافق في شهر إبريل/ نيسان الماضي على برنامج قرض يمتد لأربع سنوات بقيمة 1.3 مليار دولار من أجل دعم الاستقرار المالي، والنمو الاقتصادي في الأردن.