البحرين: انخفاض الأسعار مؤشر "ذو حدين"

29 مايو 2023
تراجع التضخم في شهر مارس بنسبة 0.1% (أحمد الفردان/Getty)
+ الخط -

انفراد عالمي سجله التضخم بالبحرين لشهر مارس/آذار الماضي، إذ تراجع المعدل بنسبة 0.1% على أساس سنوي، لتكون المملكة الخليجية الصغيرة واحدة من الدول القليلة التي سجلت انخفاضاً تضخمياً خلال تلك الفترة، ما سلط الضوء على أسباب ذلك، ومدى قدرة الدولة على الاستمرار في منحنى الانخفاض، في ظل محدودية ثروتها النفطية، وأزماتها المالية.

فالبحرين هي الأقل إنتاجاً من جهة الموارد النفطية بين دول مجلس التعاون الخليجي، بواقع 200 ألف برميل من النفط الخام يومياً فقط، لذا لا تستفيد كثيراً من ارتفاع أسعار النفط العالمية. كما عادت البحرين إلى سوق الدين العالمي عبر طرح سندات دولارية وصكوك في إبريل الماضي.

وأظهرت بيانات هيئة المعلومات البحرينية (حكومية) تراجع مؤشر أسعار المستهلك بالمملكة، في مارس، بنسبة 0.6%، على أساس شهري، مقارنة مع فبراير/ شباط 2023.

وجاءت أرقام التضخم في سياق بدأ منذ نهاية العام الماضي، وتحديداً في نوفمبر/ تشرين الثاني، عندما عدلت وكالة ستاندرد أند بورز للتصنيفات الائتمانية نظرتها المستقبلية لاقتصاد البحرين من مستقرة إلى إيجابية.

غير أن الدولة الخليجية الصغيرة لا تزال تكافح لمحاولة خفض فاتورة الديون، إذ إنها واحدة من أكثر الدول مديونية مقارنة بدول الخليج الأخرى، ما دفع تلك الدول الأكثر ثراء لتقديم حزمة إنقاذ لها في عام 2018 بقيمة 10 مليارات دولار.

ولدى البحرين إجمالي 2.5 مليار دولار من الديون التي تحين آجال استحقاقها هذا العام، بما في ذلك سندات بقيمة 1.5 مليار دولار تستحق في أغسطس، بحسب "أرقام كابيتال" التي يقع مقرها في دبي.

النشاط الاقتصادي
يشير الخبير الاقتصادي، جاسم عجاقة، إلى أن كل الدول الخليجية اتبعت سياسات نقدية تستند إلى رفع أسعار الفائدة في الآونة الأخيرة، استجابة لرفع أسعار الفائدة على الدولار، إذ ترتبط عملات تلك الدول بالعملة الأميركية، ما أسفر عن تراجع عام للتضخم فيها، لكن ذلك ليس هو السبب الوحيد في حالة البحرين، حسبما صرح لـ"العربي الجديد".

ويوضح عجاقة أن انفراد حالة البحرين يرتبط بوتيرة النمو الاقتصادي العالمي، فعندما يتراجع مجمل النشاط الاقتصادي يتراجع التضخم، مشبهاً العلاقة بينهما بعلاقة صحة الإنسان وظهور عرض الحرارة عليه.

ولذلك فالصحيح هو الحفاظ على مستوى تضخم لا يتخطى مستويات معينة، حسبما يرى عجاقة، مشيراً إلى أن معاهدة "ماستريخت" بين الدول الأوروبية حددت 2% حداً أقصى معيارياً للتضخم، وهو ما تبتعد عنه أغلب دول العالم حالياً.

توازن المالية
لكن عجاقة يلفت، في هذا الصدد، إلى توقعات بدول الخليج العربية ببلوغ التضخم حدود 2.7% العام الجاري، وهو أمر بالغ الأهمية على صعيد ضبط معدل التضخم بالمنطقة.

ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن محدودية امتلاك البحرين للنفط تجعل مستقبلها الاقتصادي متعلقاً بشدة بأسعار الخام الأسود، طالما ظل الخام هو مصدر إيرادها الأساسي، ولذا فعلى حكومة المملكة الإسراع بتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية، لتخفيف عجز الموازنة من جانب، والحفاظ على الأرقام الإيجابية بمنحنى التضخم والتصنيف الائتماني مؤخراً.

لدى البحرين إجمالي 2.5 مليار دولار من الديون التي تحين آجال استحقاقها هذا العام


ويؤكد عجاقة أهمية تحقيق البحرين التوازن في ماليتها العامة، لأنه يعني ضمان الاستدامة على المدى البعيد، مشيراً إلى أن حكومة المملكة بذلت جهوداً كبيرة على هذا الصعيد، ولذا يتوقع البنك الدولي أن يبلغ متوسط نمو اقتصاد المملكة 3.2% بين عامي 2024 و2025.

وبتوازي نمو الناتج المحلي الإجمالي مع انخفاض التضخم يمكن قراءة مستقبل اقتصادي واعد للبحرين، بشرط الاستمرار في سياسات الإصلاحات المالية والاقتصادية، بحسب عجاقة.

أول انخفاض
يشار إلى أن انخفاض معدل التضخم بالبحرين في مارس/آذار الماضي على أساس سنوي هو الأول منذ ديسمبر/كانون الأول 2021، وبعد ارتفاع بنسبة 1.1% في الشهر السابق، حسب بيانات "تريدنغ إيكونوميكس".

ووفق البيانات ذاتها، فمن التوقع أن يستمر معدل التضخم في البحرين متراجعاً عند مستوى 0.1% حتى نهاية العام الجاري.

وكانت وكالة ستاندرد أند بورز قد ذكرت، في تقريرها لشهر مايو/أيار 2023 أن تعديل النظرة المستقبلية للبحرين جاء بفضل تحسن المسار المالي للمملكة، وأكدت بقاء التصنيف الائتماني عند "+BB".

المساهمون