يضرب الانكماش الذي يزحف على الاقتصاد الأميركي، سوق العمل في الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم، بالتزامن مع غياب اليقين بشأن انحسار التضخم، ما يفاقم الضغوط المعيشية على فاقدي العمل لا سيما في ظل تآكل المدخرات في الفترة الماضية وتزايد أعباء ديون الأسر.
ولم تعد التسريحات تقتصر على شركات التكنولوجيا العملاقة، وإنما تمتد أيضا إلى قطاع البنوك الذي يتجه إلى تسريحات أعمق للموظفين، وفق تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، حيث يتعرض المسؤولون التنفيذيون لضغوط لخفض التكاليف في أعقاب انهيار عائدات الخدمات المصرفية الاستثمارية.
قال لي ثاكر، مالك شركة "Silvermine Partners" للبحث عن الكفاءات إن "تخفيضات الوظائف القادمة ستكون وحشية". وبدأت البنوك بما في ذلك "غولدمان ساكس" و"مورغان ستانلي" و"بنك أوف نيويورك ميلون" في إلغاء أكثر من 15 ألف وظيفة في الأشهر الأخيرة.
ويتوقع محللون في قطاع التوظيف أن يحذو آخرون حذو البنوك التي قلصت الوظائف، لكن آنا أراسوف من مؤسسة موديز، توقعت أن تكون تخفيضات الوظائف أقل حدة مما كانت عليه خلال الأزمة المالية قبل نحو 15 عاماً.
وتلحق البنوك بشركات التكنولوجيا الكبرى، التي كشفت عن تخفيض العمالة بما يقارب 100 ألف وظيفة خلال عام 2022، بارتفاع بلغت نسبته 649% عن العام السابق عليه، بحسب مسح لشركة تقديم الاستشارات "تشالنجر، غراي أند كريسماس"، التي أوضحت أن التخفيضات لدى الشركة الأم لشركة "غوغل"، وشركة "مايكروسوفت" و"أمازون.كوم" أدت إلى خسارة 30 ألف وظيفة أخرى خلال يناير/ كانون الثاني الجاري، وفق ما نقلت وكالة بلومبيرغ الأميركية.
وأظهر استطلاع أجرته الرابطة الوطنية لاقتصاديات الأعمال، أن المزيد من الشركات الأميركية تتوقع تخفيضات في الوظائف وتقليص الإنفاق على التوسعات في ظل حالة الركود التي تزحف على مختلف القطاعات. ويحدث ذلك للمرة الأولى منذ جائحة فيروس كورونا.
وقالت جوليا كورونادو، رئيسة الرابطة، في بيان وفق وكالة أسوشيتد برس، أمس: "تشير نتائج مسح ظروف العمل في يناير/كانون الثاني 2023 إلى قلق واسع النطاق بشأن الدخول في ركود هذا العام"، وذلك في ظل سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة بقوة في محاولة لإبطاء الاقتصاد الأميركي للسيطرة على التضخم.
من المتوقع أن يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مرة أخرى، هذا الأسبوع، وإن كان ذلك بوتيرة بطيئة عما كان عليه في السابق حيث تراجعت مؤشرات التضخم في الأشهر الأخيرة.
ونقل موقع "بيزنس إنسايدر" عن مايكل هارتنت كبير إستراتيجيي الاستثمار لدى "بنك أوف أميركا" قوله إن "هناك ركودا قادما.. من المحتمل أن يكون كبيراً"، مضيفا أن "القفزة في معدل البطالة ستتزامن مع معدل ادخار شخصي كئيب بنسبة 2%، وزيادة بنسبة 15% في ديون بطاقات الائتمان، ومتوسط معدل فائدة قياسي لبطاقة الائتمان بنسبة 19%".