الانتخابات التركية: الاقتصاد إشارة المرور إلى كرسي الرئاسة

13 مايو 2023
تحسين المعيشة تتصدر وعود المرشحين في الانتخابات التركية (الأناضول)
+ الخط -

تصريحات ووعود بانتعاش ورفاهية مقابل تصريح بتنمية واستقرار وتحسين معيشة، فما أن يدلي المرشح في الانتخابات التركية، رجب طيب أردوغان بتصريح، حتى يخالفه مرشح المعارضة، كمال كلجدار أوغلو ويدلي بوعد للشعب ووعيد بالمحاسبة لحكومة العدالة والتنمية، حتى بات السجال بذروته عشية الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي ستشهدها تركيا غدا الأحد.
وبات الاقتصاد هو أهم الأوراق الانتخابية في أيدي المرشحين اللذين كثّفا وعودهما في البرامج الانتخابية التي طرحاها الأسبوع الماضي، ليأتي وعد كلجدار أوغلو أول من أمس بتحسين سعر صرف الليرة التركية التي هوت، لأول مرة بتاريخها، إلى ما دون العشرين مقابل الدولار الواحد" قائلا: "لا تقلقوا من أخبار انخفاض الليرة التركية أو ارتفاع البورصة"، مضيفاً بخطابه لأنصاره: "انتظروا في اليوم التالي للانتخابات، عندما يصبح كلجدار رئيساً، سترون النتائج".
وجاء تصريح كلجدار الأخير، رداً على تصريحات أردوغان منذ يومين بالعاصمة أنقرة، حول وعوده بتخفيض التضخم وتحقيق نسبة نمو 5.5% والإشارة خلال كلمة لتجمع جماهيري في بورصاكلار بالعاصمة أنقرة، إلى التطور الصناعي والزراعي الذي حققته تركيا وأهمية اكتشاف النفط والغاز، قائلا: "إذا لم يكن لديكم موارد طبيعية، فلا خيار أمامكم سوى العمل والإنتاج".
وتابع أردوغان: "لقد تم إقصاء تركيا عن عمد من إنتاج التكنولوجيا الفائقة لسنوات لكننا حققنا الاكتفاء الذاتي واستخرجنا النفط والغاز والمعادن، تركيا حاليا تجاوزت كونها قوة إقليمية وباتت قوة عالمية بإنتاجها وصادراتها".

ويرى المحلل التركي، سمير صالحة، أن الاقتصاد جاء بالمرتبة الأولى، ضمن برامج وتنافس الأحزاب والمرشحين، لأن تأزم الواقع المعيشي خلال العامين الأخيرين، بعد ارتفاع التضخم لأكثر من 85%، قبل أن يتراجع، وما رافقه من زيادة نسبة الفقر، جعل منه المادة الدسمة والخطاب الأقرب للجمهور التركي. وأضاف: "فعلاً عرف المرشحون استمالة الناخبين من بوابة الاقتصاد وتبدلت نسب التأييد وفق استطلاعات الرأي".
ويكشف الأكاديمي التركي لـ"العربي الجديد" أن بلاده ورغم قلة تأثرها بالأحداث الاقتصادية والتبدلات الدولية، سواء وباء كورونا أو الحرب على أوكرانيا وما تبعها من ارتفاع أسعار النفط والمنتجات الغذائية، إلا أن التبدل بالمعيشة كان كبيراً، ربما لأن تركيا من أكبر مستوردي الطاقة "نفط وغاز" ولأن المواطن التركي يعيش ببحبوحة ورفاهية قبل عام 2020.
وتابع: تركزت المطالب الشعبية على الاقتصاد ورفع الأجور، حتى قبل إعلان الأحزاب المتنافسة برامجها الانتخابية، لتأتي البرامج والوعود وفق آمال الأتراك، ولكن العبرة بالتنفيذ.
ويضيف صالحة أن حزب العدالة والتنمية الحاكم، ومنذ 11 مايو /أيار الجاري ركز خلال برنامجه الانتخابي، وعبر 11 بنداً، على الاقتصاد، فيما رآه كثيرون، قطع الطريق على المنافس الرئيسي، حزب الشعب الجمهوري، الذي أعلن منذ مطلع ديسمبر/ كانون الأول، أن الاقتصاد والمحاسبة ومكافحة الفساد، هي أهم أهدافه لمواجهة تحالف الشعب خلال انتخابات المئوية الثالثة التي وصفها صالحة بالقوية وربما الأهم بتاريخ تركيا الحديث.
وأعلن كلجدار أوغلو أهدافه الثلاثة حتى قبل أن يعلن عن نص اتفاق السياسات المشتركة والتي لم تخل أيضاً من الاقتصاد وزيادة الدعم الاجتماعي، حسب صالحة.
وكان الحزب الحاكم "العدالة والتنمية" قد وعد خلال برنامجه الانتخابي بالعمل على خفض التضخم وإعادته إلى خانة الآحاد، وأن حكومته سترفع نصيب الفرد من الدخل القومي في الفترة المقبلة إلى 16 ألف دولار سنويا ثم إلى مستويات أعلى، في حين وعدت المعارضة في اتفاق السياسات المشتركة بمضاعفته 200% في غضون 5 سنوات، علما أن معهد الإحصاء التركي أعلن أن نصيب الفرد من الناتج المحلي بلغ خلال 2022 نحو 10 آلاف و600 دولار.
وأصبح استمرار نمو الناتج المحلي الإجمالي هدفاً عاماً للأحزاب، بعد بلوغ تركيا المرتبة الثانية عالمياً، بعد الصين، ووصول نسبة نمو الاقتصاد التركي إلى 5.6% في عام 2022 وفق معهد الإحصاء التركي، كما بلغ حجم الاقتصاد 905.5 مليارات دولار.

وركز البيان الانتخابي لحزب العدالة والتنمية على دعم النمو الاقتصادي بنسبة 5.5% العام المقبل ليصل إجمالي الناتج المحلي إلى 1.5 تريليون دولار في نهاية عام 2028 الأمر الذي لم يرد عليه المرشح المنافس خلال بيانه أو يعد الأتراك باستقرار أو زيادة نسبة النمو.
ولأن نسبة البطالة مرتفعة بتركيا إلى حدود 11%، جاء بيان حزب العدالة والتنمية على توفير 6 ملايين وظيفة جديدة في 5 سنوات، وخفض معدل البطالة إلى حدود 7%، في حين وعد حزب الشعب الجمهوري على لسان رئيسه كلجدار أوغلو بتأسيس 9 مناطق اقتصادية خاصة تعود بالفائدة على 81 ولاية، بالإضافة إلى 50 قاعدة إنتاج و17 مركزا معنيا بالزراعة وتربية الحيوانات، مؤكدا أنه نتيجة لذلك سينخفض معدل البطالة إلى ما دون 5%.
وربما الليرة هي المثال الاقتصادي الأكثر تأثيراً ومباشرة على الناخب التركي، إذ ركزت الأحزاب المتنافسة خلال البرامج والوعود على تحسين سعر الصرف، بعد أن فقدت العملة التركية نحو 30% من قيمتها هذا العام، وتجاوز صرف الدولار، ولأول مرة، حاجز 20 ليرة تركية.
فوعد الحزب الحاكم بدعم العملة المحلية من خلال استمرار برنامج الودائع بالليرة التركية المحمية الذي أقرته الحكومة بداية العام الماضي، وإعادة هيكلة الديون، والمحافظة على أسعار الفائدة بدون زيادة، من دون إيقاف برامج المساعدات المباشرة "منح قروض بقيمة 150 ألف ليرة للشباب من دون فوائد"...
لترد المعارضة عبر البرنامج الانتخابي لما يسمى "الطاولة السداسية" بإلغاء برنامج الودائع المحمية بالليرة ودعم الليرة التركية، من خلال تدفق الاستثمارات والعملات الأجنبية لتركيا، ليعود التضخم إلى خانة واحدة خلال عامين، معيبة على سياسة العدالة والتنمية بالتدخل بقرارات المصرف المركزي واستمرار تخفيض سعر الفائدة المصرفية" نعد بتثبيت سعر الفائدة والتطبيع في السياسات النقدية".
وأشاروا خلال البرنامج ورؤية المئوية الثانية لحزب الشعب الجمهوري، إلى جلب 100 مليار دولار من الاستثمارات المباشرة، بالإضافة إلى استثمارات إضافية بقيمة 75 مليار دولار من صناديق التقاعد وصناديق الثروة في الخارج.

ترى عضوة حزب العدالة والتنمية الحاكم، عائشة نور، أن الحكومة التركية الحالية وعبر مسيرتها لعشرين عاماً، بدلت من وجه تركيا "الاقتصادي وغير الاقتصادي"


ويرى عضو حزب الشعب الجمهوري المعارض، جواد كوك أن "الوعود كثيرة لاستمالة الناخبين ولكن آلية التنفيذ ربما غامضة لجميع المرشحين والأحزاب، ولكن ورغم أن أوراق الحزب الحاكم الاقتصادية أكبر، نظراً لسيطرته على الاقتصاد منذ عشرين سنة، ونظراً لما طرحه أخيراً من إنجازات (السيارة التركية، الصناعات العسكرية، الغاز والنفط والوعود بتحسين الأجور) إلا أن هناك شبهات فساد بحكومة الحزب الحاكم، بل الأمر الذي يقوي برنامج المعارضة الاقتصادي والتي طرحت برنامجاً متكاملاً، نظراً لوجود وزير الاقتصاد السابق وأحد أهم أسباب نهضة تركيا الحديثة، ضمن تحالف الطاولة السداسية "علي بابا جان".
ويضيف كوك لـ"العربي الجديد" أن برنامج المعارضة الاقتصادي اتسم بتطبيق المعايير الدولية "خاصة ما يتعلق بسعر الفائدة وزيادة النمو وجذب الاستثمارات".
وفي المقابل، ترى عضوة حزب العدالة والتنمية الحاكم، عائشة نور، أن الحكومة التركية الحالية وعبر مسيرتها لعشرين عاماً، بدلت من وجه تركيا "الاقتصادي وغير الاقتصادي" فبعد الخلاص من الديون لصندوق النقد، تحولت بلادها لدائن، كما وصلت تركيا لنادي العشرين "أكبر عشرين اقتصادا" والآمال أن تصل إلى ضمن العشرة الكبار.
وأوضحت أن التنمية والتطور الاقتصادي التركي، شمل جميع القطاعات الحقيقية، ولم تنشغل تركيا بالاقتصاد المالي وإرضاء أوروبا وأميركا، مع التركيز على ما ينعكس قوة على تركيا في مختلف المجالات ومنها الصناعات العسكرية والفضائية واكتشافات الطاقة.
وتضيف عضوة الحزب الحاكم لـ"العربي الجديد" أن بلادها وحينما تتخلص من عبء فاتورة استيراد النفط والغاز التي تزيد عن 50 مليار دولار سنوياً، سيبدأ التخلص من الديون وأعبائها وستتزايد وتيرة النمو ورفاهية المواطن التركي، لافتة إلى أن حزب العدالة والتنمية لن ينتظر إلى وقتذاك، بل رأينا وعود الرئيس ووزير المال، بزيادة الأجور للعاملين بالدولة بعد الانتخابات بنسبة 45% ورفع الحد الأدنى للأجور لنحو 7 ملايين عامل، ليتمكن الجميع من العيش الكريم.

المساهمون