استمع إلى الملخص
- فقدان العمالة الفلسطينية الحيوية، بما في ذلك 75 ألف من الضفة الغربية و12 ألف من غزة، أثر سلبًا على قطاعات مثل البناء والعمل المنزلي، مما ينذر بصعوبات مستمرة في سوق العمل الإسرائيلي.
- تداعيات الحرب تشمل أيضًا هجرة النخب وتراجع النمو الاقتصادي، مع توقعات بانكماش الناتج المحلي الإجمالي بنحو الخمس في الربع الأخير من 2023، مما يعكس التحديات الكبيرة للاقتصاد الإسرائيلي.
فاتورة الاقتصاد الإسرائيلي تتفاقم يوماً بعد آخر مع استمرار العدوان على غزة. وفي هذا السياق، توقّع بنك إسرائيل المركزي، في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أن تبلغ تكلفة الحرب على قطاع غزة نحو 53 مليار دولار حتى عام 2025، بناء على توقعات بزيادة الإنفاق الدفاعي وانخفاض عائدات الضرائب. ولكن للحرب آثار أخرى على الاقتصاد الإسرائيلي، خاصة على القوى العاملة والقطاعات التي تعتمد على العمالة الفلسطينية وقطاع التقنية الذي استدعيت معظم خبراته للالتحاق بالجيش.
ويمثل جنود الاحتياط نحو 8% من القوى العاملة في إسرائيل، مما يعني أن التعبئة أدت إلى انكماش المعروض من العمالة. وقال البنك المركزي إن التكلفة الاقتصادية غير المباشرة على الاقتصاد الإسرائيلي والناتجة عن الحرب على غزة بلغت 2.5 مليار شيكل (684 مليون دولار) في الأسابيع الخمسة الأولى من العملية وحدها. وتقول دراسة لمعهد الدراسات الاستراتيجية الأميركي، في منتصف فبراير/شباط الماضي، رغم أن جنود الاحتياط يبدو أنهم يعودون إلى قوة العمل، إلا أن الصدمات الأخرى التي يتعرض لها سوق العمل لا تزال قائمة.
ويضيف المعهد، على سبيل المثال، أنه قبل تشرين الأول/أكتوبر 2023، فإن سوق العمل في الاقتصاد الإسرائيلي خسر نحو 75 ألف فلسطيني من الضفة الغربية و12 ألفا من غزة يحملون تصاريح عمل إسرائيلية، بالإضافة إلى نحو 15 ألف عامل غير مسجلين يعملون في مهن مثل البناء والعمل المنزلي. وجمّدت إسرائيل تصاريح العبور للعمال الفلسطينيين بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، ولم تؤت خططها لتعويض النقص في العمالة الأجنبية من دول مثل الهند ثمارها بعد. ويشير هذا إلى أن صعوبات العمل التي تواجهها إسرائيل ستظل قائمة، على الأقل على المدى القصير إلى المتوسط.
وفي ذات الصدد، قالت دراسة حديثة نشرتها صحيفة هآرتس، وكتبها الخبيران الإسرائيليان، رون تسور ويوجين كانديل، ونشرت الصحيفة مقتطفات منها يوم 19 مايو/أيار الجاري، إن هجرة النخب من إسرائيل ستؤدي إلى نهاية نمو الاقتصاد الإسرائيلي بمرور الوقت. وقالت الدراسة،"أظهرت عملية طوفان الأقصى، التكلفة الرهيبة لتصور حماس بأن إسرائيل ضعيفة، وأن المزيد من الضعف يمكن أن يؤدي إلى تحديات أمنية أكثر خطورة، بل وربما يؤدي إلى انهيار إسرائيل ونهاية الحلم الصهيوني".
وتشير كانديل وتسور في الدراسة، إلى أن الهجرة الجماعية هي شيء فكّر فيه الإسرائيليون لسنوات. ولا تستبعد الدراسة أن يصل الاقتصاد الإسرائيلي إلى مرحلة لن يقتصر فيها الفرار على النخبة فقط، وإنما سيمتد إلى سكان دولة الاحتلال بالكامل بسبب تداعيات الحرب على غزة. وانكمش الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل بنحو الخمس في الربع الأخير من عام 2023، مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة، وفقا للأرقام الرسمية. كما تعاني إسرائيل من تفاقم العجز في الميزانية، بسبب ارتفاع كلفة العدوان على غزة. ويتسع العجز المالي في الميزانية وسط صعوبات سد العجز.
ووفق صحيفة "غلوبس" في تل أبيب، فإن السؤال الذي يواجهه فريق وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وسلطة الضرائب الإسرائيلية الآن، هو كيفية سد فجوة تبلغ نحو 70 مليار شيكل في ميزانية الاقتصاد الإسرائيلي لعام 2025، إذا كان لا يزال يتعين تحقيق هدف العجز المالي المقدر بنسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي. وحسب بيانات عبرية في تل أبيب، نما الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل بنسبة 2% في عام 2023، وهو أقل من توقعات بنك إسرائيل البالغة 2.3% بعد اندلاع الحرب، حسبما أظهرت أرقام مكتب الإحصاء المركزي يوم الاثنين. وبينما انكمش الاقتصاد بنسبة 19.4% في الربع الأخير من العام الماضي بسبب الكلف المتزايدة للحرب على غزة، يرى محللون أن نمو الربع الأخير من العام الماضي، كان الأسوأ بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي، من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي منذ الربع الأول لجائحة كوفيد في أوائل عام 2020.
كما تراجعت الصادرات بنسبة 18.3% والواردات بنسبة 42.4%، ويرجع ذلك جزئيًا إلى قيام شركات الطيران بإلغاء رحلاتها، وتجنب شركات الشحن الدولي البحر الأحمر، بعد أن بدأ الحوثيون بمهاجمة السفن بسبب الهجمات الإسرائيلية الوحشية على غزة. ورصدت دراسة أجرتها منظمة RISE Israel بالتعاون مع Google، ونشرتها "غلوبس" أمس الخميس، بعض أوجه القصور في الاستثمار والقوى العاملة في إسرائيل. وقالت يوجين كاندل، رئيسة منظمة RISE Israel إن إسرائيل خسرت موقعها في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنية الفائقة عموماً، وهو قطاع يمثل نحو 40% من الصادرات الإسرائيلية.