الاضطرابات الجيوسياسية تطاول نمو الخليج

17 ابريل 2024
تراجع أسعار النفط وخفض الإنتاج يؤثران على مالية دول الخليج (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- البنك الدولي خفض توقعات نمو اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي من 3.6% إلى 2.8% للعام الجاري، مع توقع ارتفاعه إلى 4.7% العام المقبل، وتخفيض توقعات نمو اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 2.7%، بسبب تراجع أسعار النفط وخفض الإنتاج.
- التوترات الجيوسياسية، خصوصًا بين إيران وإسرائيل، وتأثيرها على الاقتصاد الإقليمي من خلال زيادة حالة عدم اليقين، تأثير على حركة التجارة وارتفاع أسعار التأمين وكلفة الشحن.
- الخبراء يرون أن الضربة الإيرانية لإسرائيل لن تكون لها تأثيرات اقتصادية كبيرة على المدى الطويل، مع التأكيد على أن التأثيرات الاقتصادية لأي تصعيد محتمل تحمل سيناريوهات متعددة، من تهدئة الأوضاع إلى احتمال حدوث حرب إقليمية واسعة.

جاءت توقعات البنك الدولي لنمو اقتصادات دول الخليج العربي خلال العام الجاري لتعبر عن حالة عدم اليقين التي تسود بفعل استمرار الاضطرابات الجيوسياسية في المنطقة وآخرها تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل.

وخفض البنك الدولي تقديراته لنمو اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي إلى 2.8% خلال العام الجاري من التقديرات السابقة البالغة 3.6% والعام المقبل إلى 4.7%. وأشار البنك في تقديراته، الصادرة مساء الاثنين، إلى خفض توقعاته لنمو اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عموماً إلى 2.7%، مقابل 3.5% في تقديراته السابقة الصادرة في يناير/ كانون الثاني الماضي.

وعزا البنك خفض تقديراته إلى تراجع أسعار النفط وخفض الإنتاج من جانب منظمة أوبك والمنتجين من خارجها، في ما يُعرف بتحالف "أوبك+" الذي يضم بجانب المنظمة كبار المنتجين من خارجها على رأسهم روسيا.

وأدت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة التي دخلت شهرها السابع إلى التوترات المتصاعدة بين إيران وإسرائيل، حيث شنت طهران، فجر الأحد الماضي، هجوماً صاروخياً وبالطائرات المسيّرة على دولة الاحتلال، رداً على الغارة الإسرائيلية على القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق مطلع الشهر الجاري، إلى زيادة حالة عدم اليقين على المستوى الإقليمي.

ورغم أن حجم الآثار الاقتصادية الإقليمية للحرب لا يزال غير مؤكد، ويعتمد إلى حد ما على فرضية توسع الصراع أو عدمه، إلا أن هناك بعض القطاعات في الدول المجاورة لفلسطين المحتلة أظهرت تأثراً مباشراً، على غرار السياحة.

كما تأثرت حركة التجارة جراء الصراع، إذ تراجعت حركة المرور عبر مضيق باب المندب وقناة السويس، خصوصاً مع استهداف جماعة الحوثي في اليمن للسفن التجارية، ما رفع أسعار التأمين، خاصة للسفن المتوجهة نحو أوروبا. وزادت كلفة الشحن أيضاً على السفن التي اختارت سلوك المسار الأطول حول أفريقيا لتجنب الهجمات.

ورغم القلق من اتساع نطاق الحرب في المنطقة، يرى الخبير في الاقتصاد الدولي، رائد المصري، أن الضربة الإيرانية لإسرائيل لن يكون لها تأثيرات اقتصادية كبيرة على الأرجح، باستثناء ارتفاع طفيف في أسعار النفط، بحسب ما صرح به لـ "العربي الجديد".

ويوضح المصري أن ما شهدته المنطقة، فجر الأحد الماضي، يأتي في إطار المخاطر الجيوسياسية القائمة بالفعل، خاصة أن الشرق الأوسط منطقة ساخنة، "لكن دول العالم والدول الإقليمية الكبرى مجمعة على أنه لا يمكن المساس بسلاسل التوريد والنفط، خاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية وما سببته من أزمات واضطرابات على هذا المستوى".

ويضيف أن مفاعيل الضربة الإيرانية على إسرائيل "انتهت" على الأرجح، "إلّا إذا كانت إسرائيل تريد أن تتوسع بحرب طويلة وتجرّ الولايات المتحدة الأميركية وأطراف الصراع الأخرى إلى حرب واستنزافات مفتوحة".

ويرى الخبير في الاقتصاد الدولي أنّ احتمال توسع الصراع يعني التأثير على مستقبل العالم ومستقبل المنطقة مالياً وعلى أسواقها ونشاط السياحة فيها، وعلى كل الاستثمارات الأجنبية فيها، ما قد يؤدي إلى نزوح للأموال الساخنة من المنطقة، لكن هذا الاحتمال يبقى مستبعداً حسب تقديره "لأنّ الصراع ما زال إلى اليوم مضبوطاً بتوقيته ومداه وأهدافه، وبالتالي فإن ما جرى لن يكون له أي تأثير على مستوى توسيع الصراع".

ويلفت المصري إلى أن كل التصريحات الصادرة عن أطراف الصراع تشي باستبعاد الانزلاق إلى حرب إقليمية مفتوحة، مضيفا أن "كل الدول اليوم تعاني من شح السيولة ولديها عجوزات كبيرة أمام الدولار ومديونية، بخاصة الدول الصاعدة، وأي مستوى تصعيدي للأزمة لن يكون في صالحها بطبيعة الحال". 

سيناريوهات التأثير 

وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي، عامر الشوبكي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن التأثيرات الاقتصادية لهجوم إيران على إسرائيل تحمل أكثر من سيناريو بحسب تطور الأحداث وما إذا كانت ستتجه نحو التهدئة أو التصعيد، مشيراً إلى أن الاحتمال الأول تدعمه التصريحات الإيرانية بأن "الضربة انتهت". أما احتمال التصعيد فيرتبط بسياق الرد الإسرائيلي ونطاقه في حدود "ضربة مقابلة"، بحسب الشوبكي، لافتاً إلى سيناريو ثالث لحرب طويلة واسعة تأخذ مدى إقليميا. 

وإذا هدأت الأمور، وفق السيناريو الأول، ستتلاشى المخاوف الجيوسياسية التي رافقت التهديدات ما بين إسرائيل وإيران والتي أدت إلى رفع أسعار النفط وإغلاق الأجواء في أكثر من بلد بالمنطقة وانخفاض الأنشطة السياحية والاستثمارات الأجنبية، بحسب الشوبكي، مشيراً إلى أن التهدئة ستتجه بالتداعيات الاقتصادية نحو وقف زيادة أسعار النفط وتقليل حدة المخاوف بالنسبة للاستثمارات والسياحة. 

ويضيف الشوبكي أن رد إسرائيل عسكرياً على إيران، وفق السيناريو الثاني سيؤدي على الأرجح إلى ارتفاع بأسعار النفط إلى ما فوق الـ100 دولار للبرميل، ما سيضر ببلدان المنطقة المستوردة للنفط وسيساعد على تمديد الحرب في غزة، ما قد يؤدي أيضاً إلى استمرار أزمة البحر الأحمر التي نتجت عن العدوان الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني. 

أما سيناريو الحرب الإقليمية، فمن شأنه أن يقفز بأسعار النفط إلى ما فوق الـ150 دولاراً للبرميل، بحسب تقدير الشوبكي، مشيراً إلى أن المنطقة تنتج نحو ثلث نفط العالم وأن إيران ثالث أكبر مصدر للنفط في منظمة "أوبك"، وبالتالي فإن هذا السيناريو يحمل مخاطر واسعة على المنطقة ويعمق جراحها الاقتصادية بشكل كبير. 

المساهمون