الاضطرابات الإسرائيلية تهدّد الاستثمار والنمو الاقتصادي

30 يوليو 2023
غليان شوارع دولة الاحتلال عامل منفّر للسائحين والمستثمرين ورجال الأعمال (فرانس برس)
+ الخط -

يحذّر مستثمرون ومحللون من أن اقتصاد دولة الاحتلال الإسرائيلي قد يواجه خفضاً لتصنيفه الائتماني وتراجع الاستثمار الأجنبي وقطاع التكنولوجيا، إذا ما استمرت الاضطرابات الناجمة عن التعديلات القضائية المثيرة للجدل. فما التفاصيل؟

دخلت الحكومة في أول قانون من سلسلة قوانين يوم الاثنين، بهدف تحييد صلاحيات المحكمة العليا الإسرائيلية لصالح السلطة التنفيذية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. فأثارت هذه الخطوة احتجاجات واسعة النطاق، حيث قام عمال من الأطباء إلى شركات التكنولوجيا بالتعطيل والنزول إلى الشوارع.

وما لبثت عملة الشيكل أن تراجعت أكثر من 2% مقابل الدولار في الأيام التي تلت ذلك، ليتجاوز انخفاضها 9% منذ ظهور الخطط لأول مرة في يناير/كانون الثاني.

في هذا الإطار، يقول كبير محللي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى "فيريسك مابليكروفت" هاميش كينير إن "القضية الرئيسية للمستثمرين الخارجيين الذين ينظرون إلى إسرائيل في الوقت الحالي هي عدم اليقين، إذ لا توجد نقطة نهاية واضحة".

كما كان أداء سوق الأسهم ضعيفا وسط حالة عدم اليقين المستمرة، حيث تأخر مؤشر "إم إس سي أي" MSCI في دولة الاحتلال عن مؤشرات الأسهم العالمية الرئيسية، مثل MSCI All Country World، بحوالي 14%، بعدما تجنب المستثمرون المحليون الانخراط في سوق تبدو أكثر غموضاً.

وحتى نهاية يونيو/حزيران المنصرم، ظل الاستثمار الأجنبي في الأسهم قويا بسبب صورته الاقتصادية المقنعة، وفقا لبيانات صادرة عن "كوبلي فند ريسيرتش" Copley Fund Research.

وبلغت نسبة الصناديق العالمية التي لديها انكشاف على دولة الاحتلال 35.5%، وهي الأعلى منذ عام 2017، في حين شهد الكيان أكبر زيادة في الملكية الجديدة لأي دولة هذا العام، مع زيادة بنسبة 3.44% في عدد الصناديق التي لديها أموال في البلاد.

من المتوقع أن يتوسع الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2.5% هذا العام و3% العام المقبل، لكن النسبة قد تنخفض إلى 1% و1.6%

ويعتبر كينير أن التضخم المنخفض نسبيا مقابل دول مماثلة قد عزز الاستثمار، لكن المزيد من الاضطرابات المدنية يمكن أن يعرقل تدفق السيولة الواردة من الخارج.

وقد حذر "مورغان ستانلي" من أنه من المتوقع أن يتوسع الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2.5% هذا العام و3% العام المقبل، لكن النسبة قد تنخفض إلى 1% و1.6% فقط على التوالي إذا لم تجد التوترات الداخلية حلاً.

بدوره، قال محلل الدخل الثابت في صندوق "ناينتي ون" Ninety One روجر مارك: "لا تزال إسرائيل قصة استثمار جذابة للغاية من حيث الأساس. لكن المشكلة هي هذه الحكومة، فكلما طالت مدة متابعتها لهذا الإصلاح القضائي، فإنها ستقوّض هذه القصة".

ولفت إلى أن العديد من المستثمرين، وكذلك وكالات التصنيف الائتماني الرئيسية، يتوقعون أن تخفف الحكومة من الإصلاح إلى حد أكبر، فيما يبدو ذلك الآن غير مرجح، بما يدفع المستثمرين إلى تجنب هذا البلد، مضيفاً: "من منظور السندات، أعتقد أن معظم مستثمري السندات والعملات الأجنبية سينتظرون على الهامش، ومن المحتمل أن يتطلعوا إلى تلاشي أي حالات متطرفة قد نراها في الأسابيع القليلة المقبلة".

ويزعم حلفاء رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن المحكمة العليا كانت تدخلية أكثر من اللازم منذ سنوات وأن سلطاتها بحاجة إلى كبح. وستنظر المحكمة العليا في استئناف ضد قانون الإصلاح القضائي في سبتمبر/أيلول القادم، ما قد يجعل المحكمة في صراع مباشر مع الحكومة. وعن هذه النقطة تحديداً، يقول كينير: "على المدى القصير، هناك خطر حدوث أزمة دستورية فورية".

قلق متصاعد على قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي

والقلق الأكبر هو أن الاضطرابات يمكن أن تقوّض الاستثمار في قطاع التكنولوجيا الذي يمثل نحو خُمس الناتج المحلي الإجمالي وأكثر من نصف الصادرات وربع عائدات ضريبة الدخل.

دفعت بيئة الأعمال المجبولة بعدم اليقين ما يصل إلى 80% من الشركات الناشئة الإسرائيلية الجديدة إلى التسجيل في الخارج

وكانت التكنولوجيا العالية تمثل القطاع الأسرع نموا في دولة الاحتلال لأكثر من عقد من الزمن، مع ابتكارات في مجال الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي ومجالات أخرى تم تبنّيها في جميع أنحاء العالم.

ووفقاً لمسح حديث أجرته "هيئة الابتكار الإسرائيلية" Israeli Innovation Authority، دفعت بيئة الأعمال المجبولة بعدم اليقين ما يصل إلى 80% من الشركات الناشئة الإسرائيلية الجديدة إلى التسجيل في الخارج حتى مارس/آذار من هذا العام، ارتفاعا من 20% مقارنة بعام 2022، فيما تراجع جمع الأموال لشركات التكنولوجيا بالفعل بنسبة 65% في الربع الثاني.

في هذا الصدد، كتب الاقتصادي الأوروبي الناشئ في "كابيتال إيكونوميكس" نيكولاس فار في مذكرة، أن رد الفعل الإصلاحي "يهدد بدفع الاقتصاد إلى مسار نمو منخفض بشكل دائم".

تصنيف إسرائيل الائتماني مهدّد بالانخفاض

هذا ويخضع التصنيف الائتماني لدولة الاحتلال أيضا للتدقيق، حيث أعربت الوكالات الرئيسية الثلاث، "ستاندرد أند بورز غلوبال" S&P Global و"موديز" Moody's و"فيتش" Fitch، بالفعل عن مخاوفها بشأن اتجاه سياسة الحكومة.

عملياً، خفضت وكالة "موديز" توقعات التصنيف الائتماني السيادي، بينما قالت "ستاندرد أند بورز" يوم الخميس، إن الاحتجاجات غير المسبوقة ستخفض النمو الاقتصادي هذا العام، وسبق لها في مايو/أيار، أن حذرت من أنها قد تخفض تصنيفها إلى "إيه إيه ناقص" AA- "إذا تصاعدت المخاطر السياسية الإقليمية أو المحلية بحدة، مما يضعف المقاييس الاقتصادية والمالية وميزان المدفوعات".

وفي الوقت نفسه، ذكرت "فيتش" التي صنفت البلاد بالفعل بدرجة أقل عند "إيه زائد" A+، في وقت سابق، أن التعديلات القضائية يمكن أن يكون لها "تأثير سلبي على ملف الائتمان" من خلال إضعاف مؤشرات الحوكمة وصنع السياسات والإضرار بمعنويات المستثمرين.

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون