خلال فترة لا تتجاوز أسبوعين وقعت ثلاث دول هي السعودية وتركيا وقطر اتفاقات اقتصادية ضخمة مع الحكومة الإثيوبية، وقبل الموعد بأيام، وتحديدا يوم 19 نوفمبر الماضي، وقعت مجموعة "المكتب الشريف للفوسفاط المغربي"، أكبر مصدر للفوسفات في العالم، اتفاقية لبناء مصنع جديد لإنتاج الأسمدة في بلدة "ديرة داوا" الواقعة شرق إثيوبيا بتكلفة استثمارية قيمتها 3.7 مليارات دولار.
السعودية بدأت الجولة الأخيرة، إذ وقعت اتفاقيات تجارية واستثمارية مع إثيوبيا بقيمة 600 مليون ريال (ما يعادل 160 مليون دولار) أثناء زيارة رئيس وزراء إثيوبيا هيلي ماريام ديسالين للعاصمة الرياض.
وواكب توقيع الاتفاقات الأخيرة تطوران لافتان، الأول تمثل في زيارة وزير الزراعة السعودي عبد الرحمن بن عبدالمحسن الفضلي إلى أديس أبابا، حيث بحث مع مسؤولين أثيوبيين التعاون في مجالات عدة منها الاستثمار الزراعي، وبعدها بأسبوع زار وفد سعودي العاصمة العاصمة أديس أبابا وسد النهضة.
والملفت أن الزيارة السعودية لأثيوبيا ضمت مسؤولين قريبين من دائرة صنع القرار، منهم أحمد الخطيب، وزير صندوق التنمية السعودي ومستشار الملك سلمان الذي ترأس الوفد، بالإضافة إلى ممثلي كبرى المؤسسات السعودية، مثل شركة أرامكو عملاق النفط وشركة الكهرباء السعودية ومؤسسة التجمعات الصناعة وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا.
كما لفتت النظر تصريحات الخطيب خلال زيارة أديس أبابا التي قال فيها إن السعودية وإثيوبيا لديهما إمكانات هائلة ستمكن البلدين من العمل معًا في تعزيز وتقوية العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بينهما، بل وتأكيده أن السعوديين يرغبون في العمل في إثيوبيا في المجالات الاستثمارية المختلفة.
ولم تمض ساعات على زيارة الوفد السعودي لأديس أبابا، حتى أعقبتها زيارة محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وزير الخارجية القطري، والتي تم خلالها توقيع 11 اتفاقية اقتصادية عدة تنوعت مجالاتها ما بين السياحة والاستثمار والبنية التحتية.
أما تركيا وإثيوبيا، فقد وقعتا أول أمس الأربعاء، خمس اتفاقيات اقتصادية خاصة في مجال الطاقة الكهربائية والمشروعات المتوسطة والصغيرة، والملفت أن وفداً ضم 100 من رجال الأعمال والمال الأتراك رافق وزير الاقتصاد التركي نهاد زيبكجي إلى العاصمة الإثيوبية.
ومع ابرام كل هذه الاتفاقات والتدفق الاستثماري العربي والدولي نحو أثيوبيا، فإن السؤال المطروح هنا: هل هناك فرص استثمارية حقيقية لدي إثيوبيا جذبت الدول الثلاث (السعودية وقطر وتركيا) وغيرها من الدول للاستثمار فيها، أم أن الاتفاقات الأخيرة مجرد مكايدة سياسة للنظام المصري كما قالت صحف وفضاءات مصرية؟
مما لا شك فيه أن أثيوبيا فرصة استثمارية وليست مكايدة، فالاتفاقات التي تم إبرامها مع إثيوبيا غير قاصرة على قطر والسعودية وتركيا، فالجزائر واثيوبيا تتجهان لإنشاء مجلس اقتصادي للتبادل والاستثمار بداية العام الجديد، وهناك اتفاقات تم إبرامها من قبل الحكومة الأثيوبية مع دول كثيرة منها الصين والهند والمغرب والإمارات والكويت وغيرها، وبالتالي فإن الأمر غير قاصر على الدول الثلاث.
كما أن لدى إثيوبيا فرصاً استثمارية غير محدودة، فإثيوبيا ضمن أكثر الاقتصاديات نمواً في العالم، إذ يتجاوز معدل النمو بها العشرة في المائة، ولديها مساحات شاسعة من الأراضي القابلة للزراعة، ومناخ سياسي مستقر، وعدد سكان ضخم يبلغ 65 مليون نسمة؛ ولديها كمية هائلة من المواد الخام والعمالة الرخيصة، ولديها أيضاً معاملة تفضيلية إلى الأسواق الأوروبية؛ ويمكن للدول المستثمرة فيها الحصول على فرصة تسويق لـ 23 بلداً أفريقياً، والتصدير إلى الأسواق الأميركية بموجب نظام الأفضليات المعمم.
كل ذلك وغيره يبرر الاهتمام العالمي والعربي المتزايد للاستثمار في أثيوبيا.