الاحتيال يجتاح برنامج العمال الأجانب في كندا.. إن كنت راغباً بالهجرة فانتبه لمدخراتك

15 اغسطس 2024
مهاجر من أميركا اللاتينية يبيع الذرة في مهرجان تقليدي، تورنتو (روبرتو ماتشادو نوا/ Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- كندا تجذب المهاجرين بوعود حياة أفضل، لكن العمال الأجانب يتعرضون للاحتيال ويدفعون مبالغ كبيرة لوظائف منخفضة المستوى.
- قصص مثل نافديب سينغ، الذي دفع 40 ألف دولار لوظيفة وطُرد بعد أيام، تكشف استغلال المستشارين وأصحاب العمل للعمال الأجانب.
- الاحتيال يهدد سمعة كندا، وتحقيق حكومي كشف زيادة الاحتيال، مما دفع وزير الهجرة لفرض قيود جديدة، لكن النظام ما زال يعاني من الفوضى.

مغريات اقتصادية واجتماعية وحياتية متنوعة في كندا يتطلع إليها المهاجرون من دول اليأس والحرمان والحروب والدمار. لكن ماذا عن عمليات النصب والاحتيال التي يتعرض لها العمال الأجانب في كندا؟ ثمة مفارقة لافتة هنا. فإن كنت راغباً بالهجرة إلى كندا فانتبه لمدخراتك من ظاهرة احتيال تجتاح برنامج العمال الأجانب في هذا البلد الذي تشكل الحياة فيه حلماً بالنسبة للكثير من المقهورين والمحرومين في بلدانهم.

وفي محاولة يائسة للحصول على فرصة لبداية جديدة، يدفع الوافدون الجدد عشرات الآلاف من الدولارات ليحصلوا في المقابل غالباً على وظائف منخفضة المستوى، علماً أن الوعد بحياة أفضل من رواتب عالية ومدارس من الدرجة الأولى ومناظر طبيعية جميلة وجرائم منخفضة كان قد اجتذب أكثر من مليون وافد جديد إلى كندا العام الماضي. لكن على الرغم من أنه قد يبدو مثاليا، فإن موجة الهجرة بعد الوباء تكشف عن الجانب القذر لنظام الهجرة، وفقاً لتحقيق أوردته بلومبيرغ اليوم الخميس.

العمال الأجانب في كندا عرضة للاحتيال

فبحسب الشبكة الأميركية، الاحتيال يستشري في برنامج العمال الأجانب المؤقتين في كندا، وهي مشكلة أخرى في مناقشات الهجرة التي تدور في جميع أنحاء العالم، حيث تسعى الدول المتقدمة إلى تعزيز قواها العاملة من دون تنفير السكان الأصليين. وفي كندا، ركز المنتقدون على أصحاب العمل والمستشارين الذين يبيعون الوظائف بشكل غير قانوني للمهاجرين اليائسين للحصول على ميزة في سعيهم للحصول على الإقامة الدائمة، فيما يبدو أن مجموعة من الوكالات الحكومية المرهقة غير جاهزة للتصدي لهذه الممارسات.

من الضحايا الهندي نافديب سينغ، وهو محاسب يبلغ من العمر 39 عاماً، الذي وفد على كندا من خلال البرنامج العام الماضي، واستثمر كل شيء في حلمه بنقل عائلته، مستنفدا هو وزوجته المعلمة مدخراتهما، واقترضا المال من الأصدقاء والأقارب لجمع أكثر من 40 ألف دولار.

وتُظهر الإيصالات أنه دفع المبلغ لمجموعة WWICS، وهي وكالة استشارات هجرة لديها مكاتب في أونتاريو وفي ولاية البنجاب الهندية، فيما حصل سينغ على وظيفة أمين صندوق في متجر للقنب في إدمونتون، ألبرتا. وقال إنه طُرد في غضون أيام من دون أي تفسير حقيقي. وفي غياب أي وسيلة لإعالة نفسه، عاد إلى الهند بلا مال ويشعر بالحرج أمام أبناء حيّه. وكتب سينغ في ديسمبر/كانون الأول الماضي، إلى كلية مستشاري الهجرة والمواطنة، وهي هيئة تنظيمية تهدف إلى منع الانتهاكات في الصناعة: "أعتقد أن صاحب العمل وWWICS قد خططا لخداعي".

وبعد أشهر، غرّمت الكلية وسحبت تراخيص الأخوين اللذين يديران مجموعة WWICS، استناداً إلى 16 شكوى وردت إليها بين عامي 2015 و2019. كما أغلقت الكلية ملف سينغ من دون تحقيق، معتبرة أن مهمتها انتهت، بينما نفت WWICS ارتكاب أي مخالفات واستأنفت قرار الكلية، ولا يزال هذا الاستئناف معلقاً. وقال مدير متجر القنب إن سينغ طُرد لأسباب تتعلق بالأداء، وهو ما ينفيه.

ويتزايد عدد ضحايا الاحتيال في وقت تكافح الدول الغنية الغش المرتبط بالهجرة، بما في ذلك الزيجات الوهمية في الولايات المتحدة والاحتيال على التأشيرات في أوروبا. وفي كندا، يعمل القلق المتزايد بشأن الجريمة في برنامج العمال الأجانب على تقويض الدعم لنظام الهجرة الأوسع، والذي كان حتى وقت قريب يحظى بالثناء لتعزيز الاقتصاد بالعمال المهرة الذين كانت خدماتهم مطلوبة بشدة.

وقد جرى إنشاء برنامج العمال الأجانب منذ أكثر من 50 عاما في الغالب لشغل الوظائف الموسمية في المزارع. وفي السنوات الأخيرة، أصبح بمثابة بقرة حلوب للمشغلين عديمي الضمير الذين يطالبون بمبالغ باهظة مقابل وظائف منخفضة المستوى غالباً تأتي مع تصريح عمل للأجانب. ويأمل هؤلاء الوافدون الجدد، بدورهم، أن يدعم أصحاب عملهم طلباتهم للبقاء في كندا على المدى الطويل.

وبينما من المستحيل قياس المبلغ الإجمالي للأموال المتداولة بدقة، فإن مستشاري الهجرة والمدافعين والضحايا والمسؤولين الحكوميين يتحدثون عن سوق سوداء مزدهرة للوظائف المؤقتة. ووجد تحقيق بتكليف من الحكومة اكتمل في مايو/أيار الماضي، ولم يُكشف عنه للجمهور، زيادة كبيرة في الاحتيال والإساءة، حيث فُرضت رسوم تتراوح بين 10 آلاف دولار كندي (7295 دولاراً) و180 ألف دولار، على الوافدين الجدد مقابل الوظائف، وفقاً لملخص اطلعت عليه بلومبيرغ نيوز.

وهذا ما دفع بمارك ميلر، وزير الهجرة في حكومة رئيس الوزراء جاستن ترودو، إلى فرض قيود جديدة على عدد المقيمين المؤقتين، بينما قال الوزير المسؤول عن البرنامج، وزير العمل راندي بواسونولت، إنه يفكر في منع بعض الشركات والصناعات من استخدام البرنامج. لكن المراقبين يزعمون أن الضرر الذي لحق بسمعة كندا قد حدث.

ومن هؤلاء توم كميك، كبير المشرعين في حزب المحافظين المعارض بشأن قضايا الهجرة، الذي قال: "كان نظامنا في يوم من الأيام موضع حسد العالم، ولكنه الآن مليء بالاحتيال والفوضى والتراكمات والتأخيرات. يستخدم المحتالون برنامج العمال الأجانب المؤقتين لسرقة المتقدمين".