تتفاقم معاناة أكثر من مليوني مواطن يعيشون في قطاع غزة، مع اشتداد أزمة التيار الكهربائي، من جراء العدوان الإسرائيلي على شبكات الكهرباء وإغلاق معبر كرم أبو سالم الواقع أقصى جنوب القطاع ومنع إدخال الوقود والأغذية منذ أيام.
وفي أعقاب القصف الإسرائيلي المتواصل للقطاع ارتفع عدد ساعات انقطاع التيار الكهربائي يومياً لتسيطر حالة من الظلام على مختلف الأحياء والمدن، فيما يعتمد السكان إما على المولدات البديلة أو وسائل الإنارة البسيطة التي يستخدمونها كبدائل منذ سنوات.
وتشهد شوارع القطاع التي تعرضت فيها المباني للقصف الإسرائيلي أضراراً فادحة في خطوط التيار الكهربائي أو المحولات الخاصة بنقل التيار من مكان إلى آخر، وهو ما فاقم من انقطاع التيار لفترات طويلة وصعوبة وصولها لبعض المناطق في المطلق.
وبموازاة الضرر الذي تعرضت له شبكة التيار الكهربائي، فإن هناك عدة خطوط كهرباء رئيسية ناقلة من حدود الاحتلال الإسرائيلي تعطلت بالكامل، وهو ما أدى إلى انخفاض حجم كميات الطاقة الواصلة إلى القطاع لأدنى مستوى منذ أكثر من عامين.
ويحتاج القطاع في الوضع الطبيعي لقرابة 400 إلى 500 ميغاواط لا يتوفر منها في أفضل الأحوال إلّا 220 ميغاواط فقط، نتيجة لاستمرار الحصار وعدم تطوير محطة التوليد الوحيدة الموجودة في غزة، إذ لا يزيد جدول توزيع الكهرباء عن 8 ساعات وصل وأخرى فصل في أفضل الأحوال.
في الأثناء، يقول محمد ثابت، مدير العلاقات العامة والإعلام في شركة توزيع كهرباء غزة، إنّ إجمالي الطاقة المتوفرة حالياً لا يزيد عن 70 ميغاواط فقط، في ظل تعطل الخطوط الرئيسية المغذية للقطاع وتوقف أحد المولدات الخاصة بمحطة التوليد عن العمل.
ويوضح ثابت في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الوقود الموجود في مخازن محطة توليد الطاقة متوقع أن ينفذ بسقف زمني لا يتجاوز 24 ساعة، فيما تعمل على مولدين فقط منذ إغلاق معبر كرم أبو سالم وتم إيقاف مولد لاستغلاله في إطالة أمد التشغيل.
وأغلق الاحتلال معبر كرم أبو سالم التجاري منذ قرابة 7 أيام ومنع إدخال كافة السلع والبضائع، بما في ذلك المستلزمات الطبية والوقود الخاصة بمحطة كهرباء غزة، ضمن الإجراءات العقابية التي اتخذها للضغط على فصائل المقاومة الفلسطينية في القطاع.
يحتاج القطاع في الوضع الطبيعي لقرابة 400 إلى 500 ميغاواط لا يتوفر منها في أفضل الأحوال إلّا 220 ميغاواط فقط، نتيجة لاستمرار الحصار وعدم تطوير محطة التوليد الوحيدة
وبحسب المسؤول في شركة توزيع كهرباء غزة، فإنّ هناك 10 خطوط رئيسية تغذي القطاع بالتيار، آتية من الأراضي المحتلة قدرة كلّ خط منها تتراوح ما بين 12 إلى 15 ميغاواط، في الوقت الذي تعطلت فيه 8 خطوط بقدرة إجمالية تصل إلى 100 ميغاواط فيما تبقى خطين فقط بقدرة لا تزيد عن 24 ميغاواط.
وتوفر محطة التوليد الوحيدة 40 إلى 45 ميغاواط، في الوقت الذي يصل إجمالي الكمية المتوفرة في أفضل الظروف قرابة 70 ميغاواط، وفي هذه الفترة من العام يقدر حجم الطلب على الطاقة من قبل السكان بنحو 400 ميغاواط مع ارتفاع درجات الحرارة، بحسب ثابت.
ويقدر حجم الخسائر المباشرة لشركة توزيع كهرباء القطاع بنحو 5 ملايين دولار، في الوقت الذي تزيد الخسائر غير المباشرة عن هذا المبلغ، فضلاً عن عدم قدرة الشركة على إصلاح كامل الخطوط نظراً لخلو مخازن الشركة من المواد الفنية وعدم قدرة الشركة المالية على الشراء.
في الأثناء، يحذر ماهر الطباع، مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية بغزة، من تبعات اشتداد الأزمة الكهربائية على القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، في ظلّ ازدياد ساعات الانقطاع اليومية وعدم وجود مصادر بديلة تعوض حالة العجز الحاصلة.
ويقول الطباع لـ"العربي الجديد" إنّ الأزمة الحالية للتيار الكهربائي غير مسبوقة كونها تتزامن مع العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ أيام وحاجة السكان الملحة للحصول على الكهرباء في ظلّ وجودهم داخل منازلهم بشكل مستمر.
ويرى المسؤول في الغرفة التجارية في غزة أنّ استمرار أزمة التيار الكهربائي ستكون له تبعات كارثية على الاقتصاد الفلسطيني وسيسهم في إتلاف كثير من المخزون الغذائي لا سيما الذي يحتاج إلى تخزين في الثلاجات، فضلاً عن تعطل الأيدي العاملة مستقبلاً.
ولا يزيد عدد ساعات وصل التيار الكهربائي حالياً لبعض المناطق عن 3 ساعات فقط، وسط خشية من فقدان ساعات الوصل كلياً حال توقفت محطة التوليد بشكلٍ نهائي، فضلاً عن حاجة الشركة لفترة طويلة لإصلاح الأضرار الحادثة بفعل العدوان.