الاحتكار يعمّ العراق: مناشدات لتفعيل مجلس حماية المستهلك

25 مارس 2022
شكاوى من الارتفاع المتواصل في الأسعار (إسماعيل عدنان/ Getty)
+ الخط -

ترزح الأسواق العراقية تحت قبضة الاحتكارات التي تسيطر على القطاعات الحيوية في البلاد، وتدفع الأسعار ارتفاعاً، وسط استغلال الأزمات بعيداً عن الرقابة الحكومية.

وفي ظل الأزمات التي خلفها فيروس كورونا، ومن ثم الغزو الروسي لأوكرانيا تتصاعد الأصوات الداعية إلى تفعيل قانون حماية المستهلك وإطلاق كيانات توفر الحماية القانونية للمواطنين، وتحاسب المخالفين لقواعد السوق، وصولاً إلى كبح ظاهرة الاحتكار والمضاربات بالأسعار.

وشهدت بغداد خلال الأسابيع الأخيرة مطالبات قدمها سياسيون ومختصون في الشؤون الاقتصادية، لتشكيل "مجلس حماية المستهلك"، على وقع تصاعد الشكاوى من التلاعب بالأسعار والاحتكار والغش التجاري، وهو ما يعني بطبيعة الحال إمكانية تفعيل قانون حماية المستهلك الذي أقره البرلمان عام 2010، وغيّب بعد ذلك في الأدراج.

إذ ينص القانون على "ضمان حقوق المستهلك الأساسية وحمايتها من الممارسات غير المشروعة التي تؤدي إلى الإضرار به، ومحاسبة مخالفي قواعد استيراد أو إنتاج أو تسويق السلع أو من ينتقص من منافعها أو يؤدي إلى تضليل المستهلك" .

وفي وقت سابق وجه رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي الأجهزة الأمنية بملاحقة التجار ومحتكري السلع والمواد، والعاملين بالمتاجرة غير القانونية بسلّة غذاء المواطنين، ومحاسبتهم وفق القانون، إلا أن هذا التوجيه لم يغير من واقع السوق وغلاء الأسعار شيئاً.

وشرّع البرلمان العراقي قانون حماية المستهلك منذ 12 عاماً، وأشار الخبير القانوني علي التميمي إلى أن هذا القانون وضع السياسات وبرامج العمل الكفيلة بحماية المستهلك وحقوقه وتنظيمها، وكذلك رفع مستوى الوعي الاستهلاكي، ويشكل على أساسه مجلس حماية المستهلك الذي يعمل على تلقي الشكاوى والتحقيق فيها واتخاذ القرارات والتوصيات المناسبة في شأنها. كما يقوم المجلس بإنذار المخالفين وفقاً لتقارير لجان تفتيشية يتم تشكيلها، فضلاً عن تخصص ميزانية خاصة بالمجلس من الموازنة العامة للدولة.

وأوضح التميمي في حديثه لـ"العربي الجديد" أن الدولة ملزمة بتفعيل هذا القانون والعمل عليه لحماية المستهلك العراقي وضمان جودة البضائع المستوردة والمنتجة محلياً، واستمرار تجاهل هذا القانون يمكن أن ينعكس سلباً على المواطن العراقي مع تراكم الأزمات الراهنة.

بدوره، قال عضو مجلس النواب العراقي، محمد شياع السوداني، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة غير قادرة على مواجهة الأزمة والحد من ارتفاع الأسعار في السوق، بسبب التخبط في القرارات نتيجة انعدام الرؤية وتفشي الفساد، فضلاً عن تهريب السلع والمنتجات المستوردة وإعادة طرحها بالسوق بعنوان منتجات محلية وهذا ما يلحق ضررا بالغا بالمنتج الوطني والمستهلك في الوقت ذاته.

وطالب السوداني بتشكيل مجلس حماية المستهلك، وفق المادة 4 من قانون حماية المستهلك رقم 1 لسنة 2010، ويتكون هذا المجلس من مدراء عامين من عدة وزارات وجهات رسمية وممثلين عن القطاع الخاص، ويتولى المجلس وضع السياسات وبرامج العمل الكفيلة بحماية المستهلك وتوفير الأمن الغذائي لمواجهة أي أزمة محتملة.

وأشارت عضوة البرلمان ريزان الشيخ دلير إلى أن تشكيل مجلس حماية المستهلك أمر ضروري جداً بالنسبة لما يمر به العراق من مشاكل اقتصادية ناتجة عن انخفاض قيمة الدينار وغياب الأمن الغذائي.

وأكدت في حديثها لـ"العربي الجديد" أن تفعيل قانون حماية المستهلك المعطل وتشكيل المجلس المعني به يحتاج الى إرادة وجهود حكومية لتنفيذ بنود وفقرات هذا القانون، وعلى الدولة السعي لتحقيق الأمن الغذائي وتوفير الطعام للمواطن العراقي بأسعار مدعومة ومحاسبة التجار و محتكري المواد الغذائية.

ولفتت إلى أن اعتماد البلد على المواد والبضائع الغذائية والاستهلاكية المستوردة بشكل شبه كامل أمر خطير للغاية، يحتاج إلى تفعيل القوانين و توفير الدعم اللازم للقطاعات الانتاجية الصناعية والزراعية لتوفير الاكتفاء الذاتي في المنتجات الأساسية.

من جهته، رأى الخبير في الشأن الاقتصادي الدكتور همام الشماع، أن مجلس حماية المستهلك يجب أن يكون فاعلاً وله استقلالية كاملة بعيداً عن التأثيرات السياسية وعناصر الفساد التي تروج لبضائع ومنتجات معينة على حساب بضائع ومنتجات أخرى.

وأوضح لـ"العربي الجديد" أن إمكانات مجلس حماية المستهلك قد لا تؤثر في وضع البلد الراهن، لأسباب عديدة، في مقدمتها انعدام المنافسة، وعدم وجود إنتاج محلي واعتماد كامل على المواد والسلع المستوردة من الخارج، فضلاً عن سيطرة جهات متنفذة على مفاصل كثيرة من السوق العراقي.

واعتبر أن من أهم إيجابيات هذا المجلس زيادة درجات التنافس في الأسواق وفرز نوعية البضاعة الجيدة والرديئة، وترك حرية الاختيار للمستهلك، مبيناً أن أحد عوامل نجاح عمل هذا المجلس تعتمد على اتخاذ طرق توعية مناسبة للمستهلكين، من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وتخصيص فقرات توعوية ضمن البرامج التلفزيونية وغيرها من الخطوات.

المساهمون