الإمارات تكافح جرائم غسل الأموال للخلاص من اللائحة الرمادية

10 اغسطس 2023
تشديد الرقابة على الأموال تجنباً لأي عمليات غسل الأموال (Getty)
+ الخط -

قدم إعلان دولة الإمارات اعتزامها استحداث نيابات متخصصة في مكافحة غسل الأموال مؤشرا على سعي حثيث نحو تعزيز النظام القانوني والرقابي للدولة الخليجية للفكاك من الآثار السلبية لإدراج مجموعة العمل المالي (FATF) لها بالقائمة الرمادية الدولية لغسل الأموال.

خطوة تندرج في خانة سعي أبو ظبي لتنفيذ التزامات ترتبط بالمعايير الدولية ذات الصلة بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتي شددت عليها مجموعة العمل المالي، ومنها: تشديد التشريعات والقوانين المتعلقة بغسل الأموال، وزيادة قدرات وكفاءات الجهات المخولة بالتحقيق والتصرف في هذه الجرائم، وغيرها.

وكانت مجموعة العمل المالي (FATF) قد أدرجت الإمارات بالقائمة الرمادية في مارس/ آذار 2022، إلى جانب 23 دولة أخرى لديها "عيوب استراتيجية" في أنظمة مكافحة غسل الأموال خصوصا.

وصادقت السلطات الإماراتية، في 30 يوليو/تموز الماضي، على "اقتراح النائب العام بإنشاء نيابات اتحادية متخصصة في الجرائم الاقتصادية وغسل الأموال".

استجابة احترازية
عن هذه الخطوة يؤكد الخبير الاقتصادي الإماراتي، وضاح طه، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن تأسيس نيابات متخصصة في غسيل الأموال ليس "رد فعل" من جانب أبو ظبي بقدر ما يؤشر إلى تزايد احتمالات جرائم غسل الأموال وسعي الدولة الخليجية لمواجهتها.

ويوضح طه أن الإمارات تتخذ، بتأسيس النيابات المتخصصة، إجراء احترازيا، خاصة أن الاستثمارات الأجنبية الداخلة إليها بلغت، في عام 2022، قرابة الـ 23 مليار دولار، رغم انخفاض الاستثمارات الأجنبية في العالم بنسبة 12%، إلى 1.3 تريليون دولار، ولذا تريد الإمارات الحفاظ على جاذبيتها الاستثمارية وزيادتها.

وإزاء ذلك، لا بد من إطار مؤسسي يجعل البنية التحتية القانونية جاهزة لتدقيق وفلترة هذه الاستثمارات، بحسب طه، مشيرا إلى أن أزمتي كورونا والحرب الروسية الأوكرانية أسفرتا عن حركة هجرة لأصحاب الثروات في العالم، وفي عام 2022 استقطبت الإمارات نحو 5200 مليونير، كأكثر دولة في العالم جذبا لرؤوس الأموال المليونية.

ومن يناير/كانون الثاني إلى يونيو/حزيران من العام الجاري، هاجر أكثر من 3800 مليونير إلى الامارات، في إطار حركة كثيفة للأموال، وحركة هجرة من مختلف الجنسيات، إذ يوجد في البلد الخليجي نحو 200 جنسية، ولذا فوجود مؤسسية قانونية متخصصة في هذا الجانب يحمي النظام المصرفي ويعد أمرا إيجابيا، حسبما يرى طه.

وينوه الخبير الاقتصادي الإماراتي، في هذا الصدد، إلى أن أبو ظبي تسعى إلى تلافي الدخول في تقييمات لا تتناسب مع مؤشر التنافسية العالمي، باعتبارها من الدول الـ 30 الأولى بقائمته، إذ احتلت المركز 27 عام 2022، ولذا فإن نيابات غسل الأموال تمثل استجابة احترازية طبيعية.

ويؤكد طه على أهمية احتراز كهذا لكون الإمارات نقطة استقطاب عالمية، وهو ما دفعها سابقا لتطوير قوانين مثل قانون الإفلاس، وإنشاء محاكم متخصصة لتسوية إفلاس الشركات.

ضغط بلجيكي
يشير الخبير الاقتصادي، عامر الشوبكي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن الفترة الماضية شهدت ضغوطا وإجراءات إماراتية مكثفة لمحاولة الخروج من المنطقة الرمادية لغسيل الأموال، التي وصمت بها دوليا، وهي القائمة التي تبعد خطوة واحدة عن القائمة السوداء، التي تمثل خطرا كبيرا على جذب الاستثمارات إلى البلد الخليجي أو على مستقبله كواحد من أهم المراكز المالية في الشرق الأوسط.

فالاستمرار على القائمة الرمادية لغسيل الأموال يضر بتعاملات المؤسسات المالية والبنوك مع الإمارات، فضلا عن عرقلة جلب الاستثمارات المباشرة، والإضرار بمركز الإمارات كوجهة للأعمال على المدى البعيد، حسب الشوبكي.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

في هذا الإطار، يصف الشوبكي مساعي الإمارات للخروج من هذه القائمة بأنها إجراءات استثنائية، خاصة أن عديد الجهات الدولية تضغط لإبقاء الإمارات في القائمة الرمادية، خاصة بعدما أضر لجوء كثير من الأثرياء الروس إليها بسمعتها المالية، وأثار شكوكا حول نيتها الحقيقية بشأن مكافحة غسل الأموال.

وينوه الشوبكي إلى أن بلجيكا تتصدر الدول التي تضغط لبقاء الإمارات بالقائمة الرمادية لغسل الأموال، مشيرا إلى أن ذلك يعود إلى منافسة بروكسل لأبو ظبي تجاريا، إذ كانت بلجيكا أهم مركز عالمي لبيع الألماس، قبل أن تتصدر الإمارات هذه التجارة لاحقا.
وإزاء ذلك، فإن سعي الإمارات للخروج من القائمة الرمادية يهدف أيضا إلى الاحتفاظ بمركزها في بيع المعدن النفيس، الذي تحوم الشبهات حول استخدامه كواسطة لغسيل الأموال بالدولة الخليجية، بحسب الشوبكي.

وبحسب الخبير الاقتصادي، فإن الشهور القادمة ستحدد مدى الاستجابة الدولية لمساعي الإمارات نحو الخروج من القائمة الرمادية لغسل الأموال.

المساهمون