الإمارات: الدرهم الرقمي يقلّل من استخدامات الدولار

10 ابريل 2023
العملة الأميركية قد تشهد تراجعا في تداولها الفترة المقبلة (Getty)
+ الخط -

تحول نوعي بالبنية التحتية المالية سجلته الإمارات، بعدما أبرم بنكها المركزي اتفاقية مع شركتي "G42 Cloud" و "R3"، في الأسبوع الأخير من مارس/ آذار الماضي، لبدء تنفيذ استراتيجية لإطلاق العملة الرقمية للبلاد (الدرهم الرقمي)، ما يؤشر إلى ارتفاع وتيرة اهتمام الدولة الخليجية بالأصول الرقمية في السنوات الأخيرة.
والعملة الرقمية التي يصدرها البنك المركزي للدولة، شكل من أشكال الأموال المقومة بوحدة الحساب الوطنية، وتمثل نسخاً رقمية من النقود التي تصدرها البنوك المركزية وتنظم العمل بها، لكنها تتيح درجة أعلى من الأمان، وليست متقلبة بطبيعتها، على عكس باقي العملات المشفرة.
ولذا يُعَدّ هذا النوع من العملات شكلاً من أشكال النقود الخالية من المخاطر المخزنة للقيمة، ويتميز بكونه وسيلة أكثر لسرعة إجراء المدفوعات عبر الحدود وبتكلفة منخفضة.
وسبق لدولة الإمارات المشاركة في مبادرة "عابر"، التي أطلقها مصرفها المركزي، والتشارك مع البنك المركزي السعودي في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، بهدف إثبات جدوى إصدار عملة رقمية مشتركة من خلال استخدام تقنيات السجلات الموزعة من أجل اختبار إمكانية الاستفادة منها في تطوير أنظمة الدفع عبر الحدود بين البلدين، حسبما أوردت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس).

وشهد عام 2022 صدور عملتين رقميتين بشكل كامل، هما eNaira في نيجيريا، والدولار الرملي في جزر البهاما، إضافة إلى صدور ما يقرب من 100 عملة رقمية عن بنوك مركزية، تمر بمرحلة البحث أو التطوير، حسبما أورد الموقع الرسمي لصندوق النقد الدولي.
ومن هذا المنطلق، أقرّ نائب رئيس الإمارات، رئيس الوزراء، حاكم دبي الشيخ، محمد بن راشد آل مكتوم، في إبريل/ نيسان 2022، استراتيجية وطنية للاقتصاد الرقمي، قبل أن يعلن تشكيل مجلس للاقتصاد الرقمي يستهدف مساهمة القطاع بـ20% من مجمل الاقتصاد غير النفطي للدولة.

تراجع الدولار
من المتوقع أن يبدأ العمل الرسمي بالعملة الرقمية الإماراتية منتصف العام الجاري، حسبما يرجّح المستشار الاقتصادي والخبير المالي، هاشم الفحماوي، مشيراً إلى أن هذا الإطلاق من شأنه التمهيد للتقليل من استخدام الدولار في المعاملات التجارية الدولية للبلد الخليجي، وفق تصريحاته لـ"العربي الجديد".
ويوضح الفحماوي أن بعض البنوك المركزية العربية تتجه إلى تقليل الاعتماد على الدولار، سواء بسبب مشكلات السياسة أو بسبب رفع الفائدة، عبر عدة سبل، منها إصدار عملات رقمية مقومة بحساب العملة الوطنية.
ورغم أن معاملات الدرهم الرقمي الإماراتي ستكون بين البنوك المحلية في البداية، إلا أنها ستكون بمثابة تمهيد لإجراء المعاملات المالية الدولية بها وطرحها في الأسواق العالمية خلال مدة لا تزيد على نهاية عام 2025، بحسب الفحماوي، مشيراً إلى أن إجراء معاملات بيع المشتقات النفطية بالدرهم الرقمي سيمثل ذروة التقليل من الاعتماد على الدولار، وسيمثل فرصة نمو كبيرة لاقتصاد الإمارات.
ولذا، يصف الخبير المالي المبادرة الإماراتية بـ"الذكية"؛ إذ "تخفف عبء التحويلات عن البنوك المحلية"، مرجحاً أن تكون الاعتمادات البنكية الداخلية لعمليات الاستيراد من الخارج من طريق الدرهم الرقمي.

ومن شأن ذلك أن يرفع من النشاط التجاري والقوة الشرائية في البلد الخليجي، وأن يحقق أرباحاً قوية لمصرف الإمارات المركزي والبنوك المحلية، حسبما يرى الفحماوي في تصريحاته الخاصة، مشيراً إلى أنه لا يستبعد طرح الدرهم الرقمي ضمن منصات تداول العملات الرقمية المشفرة، خارج الإمارات، تدريجياً.

جذب الأموال
إذا انطلق الدرهم الرقمي بالسوق الإقليمي والعالمي، فسيكون ذلك بمثابة فوائض مالية قوية لميزانية الإمارات ومؤشراتها المالية، فضلاً عن ضمانها تصنيفاً مالياً ممتازاً على المستوى الدولي حال إطلاق عملتها للتعاملات المالية الخارجية في منتصف العام الجاري، وفق تقدير الفحماوي.
ويتوقع الخبير المالي أن تساهم استراتيجية الدرهم الرقمي في استقطاب الإمارات للأموال الساخنة من خارجها إلى السوق المحلية، لافتاً إلى أن إطلاق العملات الرقمية للتداول الخارجي يتيح للدولة المصدرة لها الاقتراض بنظام الـ DFI.
ويتيح هذا النظام للدول الحصول على القروض مباشرةً من المستثمرين، بدلاً من الحصول عليها من البنوك التقليدية أو صندوق النقد الدولي، ما يُعَدّ مفيداً في الحصول على القروض بأسعار فائدة أقل من تلك التي تقدمها المؤسسات المالية التقليدية.
ويرى الفحماوي أن الدول التي تعاني من حجم دين خارجي يتجاوز الـ50% من الناتج المحلي الإجمالي تحتاج إلى استلهام تجربة العملة الرقمية، كي تتمكن من كبح متوالية الفوائد المركبة لديونها.
ويشير الخبير المالي إلى أن بورصة أبوظبي هي المستفيد الأبرز من إطلاق الدرهم الرقمي، باعتبارها المصب الأكبر لسيولة أموال البنوك في الإمارات، متوقعاً تحقيقها أداءً قوياً خلال الفترة المقبلة.

المساهمون