استمع إلى الملخص
- أدى نقص البضائع إلى ارتفاع الأسعار بنسبة تصل إلى 200%، مما يدفع الفلسطينيين للبحث عن طرق بديلة للحصول على الأموال، بينما يستغل التجار الوضع لاحتكار السلع ورفع الأسعار.
- الإغلاق المستمر أثر على توفر المواد الأساسية مثل غاز الطهي، مما أدى إلى إغلاق المخابز وزيادة تعقيد الوضع الاقتصادي المتردي.
تشهد أسواق قطاع غزة موجة جديدة من الارتفاع الجنوني في الأسعار طاولت مختلف السلع والخدمات الأساسية، بفعل الإغلاق الإسرائيلي للمعابر نتيجة التضييقات والأعياد اليهودية إضافة إلى منع دخول مختلف أصناف البضائع والمساعدات الإنسانية الأمر الذي تسبب باختفاء العديد منها من الأسواق. ويتسبب العدوان الإسرائيلي بشح في مختلف البضائع والاحتياجات الأساسية للمواطنين، بسبب المنع التام لدخول الشاحنات المحملة بالبضائع التجارية منذ بداية الحرب، وتشديد ذلك المنع بعد السيطرة الكاملة على معبر رفح بداية شهر مايو/ أيار الماضي.
ذريعة الأعياد اليهودية
وتتصاعد أزمة المنع الإسرائيلي لدخول البضائع والمساعدات الإنسانية والمستهلكات الأساسية كالمواد الغذائية والماء والغذاء والدواء يوما تلو الآخر، فيما تشكل الأعياد اليهودية ذريعة إضافية لزيادة الخناق على القطاع جراء الطوق الشامل الذي تفرضه على جميع المعابر المغلقة أصلا.
ويساهم شح البضائع في الأسواق في مواصلة صعود الأسعار إلى مستويات ونسب غير مسبوقة، وصلت في العديد من الأصناف إلى أكثر من 200% مقارنة بأسعارها الطبيعية، في الوقت الذي يعاني فيه الفلسطينيون من أوضاع مادية واقتصادية غاية في السوء بفعل تدمير بيوتهم وتهجيرهم قسرا خارج مناطقهم السكنية، تزامنا مع فقدان مصادر دخلهم أو عدم انتظام حصولهم على رواتبهم ومستحقاتهم المالية.
أسعار مرتفعة في غزة
ويساهم إغلاق البنوك في سلوك الفلسطينيين في غزة طرقاً "التفافية" لصرف أموالهم ومدخراتهم، مقابل نسب فائدة تتجاوز في بعض الأحيان ربع المبالغ المطلوب صرفها.
ويوضح الفلسطيني صهيب أبو ندى وهو نازح من أبراج الكرامة شمالي مدينة غزة نحو مدينة دير البلح وسط القطاع أنه يعاني كثيرا للحصول على متطلبات أسرته في ظل حالة النقص الشديد في مختلف المعروضات، ويقول "خرجت من الخيمة لشراء مستلزمات وجبة الغذاء ولاصق شفاف لترميم خيمتي البلاستيكية، إلا أنني لم أجد معظم طلباتي، وفوجئت بالأسعار المرتفعة (..) نحن في بورصة أسعار لا تتوقف عن الارتفاع بشكل متواصل".
ويلفت أبو ندى لـ "العربي الجديد" إلى حالة التخبط الدائم داخل الأسواق بفعل عدم انتظام دخول البضائع، الأمر الذي يدفع العديد من التجار إلى احتكار واستغلال الكميات القليلة المعروضة ورفع أسعارها بشكل غير مسبوق، دون مراعاة الأوضاع العامة للمواطنين الذين تعرضوا لخسارة بيوتهم وممتلكاتهم وأثرت بشكل كبير على قدراتهم المادية والشرائية.
الإغلاق المتواصل للمعابر
وتسبب الإغلاق المتواصل للمعابر ومنع دخول المواد الأساسية ومن بينها غاز الطهي بتفاقم حدة الأزمة، من خلال تأثيرها المباشر على المخابز التي أوصدت أبوابها في وجه النازحين الذين يعتمدون عليها بشكل أساسي في الحصول على الخبز، خاصة في ظل عدم امتلاكهم لمقومات صناعة الخبز داخل مراكز ومدارس ومخيمات اللجوء.
ويقول الفلسطيني وحيد أبو دية والذي وقف في طابور طويل أمام أحد المخابز التي تصنع الخبز البلدي إن الأزمات التي تواجه النازحين تتفاقم يوما بعد الآخر، وقد باتت تمس احتياجاتهم الأساسية، المتعلقة في الغذاء والمتطلبات الشخصية والمعيشية اليومية، جراء الشح الشديد في البضائع بسبب اغلاق الاحتلال الإسرائيلي الدائم للمعابر بهدف زيادة التنغيص على الفلسطينيين.
ويلفت أبو دية لـ "العربي الجديد" إلى الهاجس الجديد والمتمثل في إغلاق المخابز جراء نفاد غاز الطهي، ويقول: "المخبز الذي نقف أمامه قام بمضاعفة سعر ربطة الخبز بسبب حصوله على الغاز بكمية محدودة وبسعر مضاعف، وسيغلق أبوابه بعد نفاد الكمية، ما يزيد من تعقيد الواقع المعقد أصلا بفعل تواصل العدوان". ويوضح أبو دية أن جولة واحدة داخل الأسواق كفيلة بتوضيح حالة التضارب والعشوائية وعدم الاستقرار، سواء في توافر أو نفاد البضائع أو في الأسعار المختلفة على مدار الدقيقة، مبينا أن الأوضاع الاقتصادية المتردية المترافقة مع ارتفاع الأسعار لا تمكن الفلسطينيين من تخزين المواد الأساسية بكميات كافية.
أسباب الغلاء
في الإطار، يبين الخبير الاقتصادي أحمد أبو قمر، أن مجموعة من الأسباب أدت إلى الارتفاع الكبير في أسعار البضائع والمواد الأساسية داخل الأسواق، ومن أبرزها الإغلاق الإسرائيلي التام للمعابر، وتوقف عجلات الإنتاج وتدمير ووقف عمل المصانع، ما تسبب بشح في البضائع وتضاعف أسعارها وفق نظرية العرض والطلب.
ويشير أبو قمر لـ "العربي الجديد" إلى تعمد الاحتلال تعطيش أسواق غزة عبر خفض الكميات المعروضة من السلع في الأسواق، من خلال منع دخول الشاحنات، علاوة على التحكم المستمر في دخول الشاحنات الخاصة بالمساعدات الإنسانية وفق الأهواء الإسرائيلية، الأمر الذي من شأنه زيادة عوز الفلسطينيين الذين يعانون ظروفا اقتصادية صعبة.
ويبين أبو قمر أن الأسواق تعاني من حالة عدم توازن بفعل دخول البضائع الأساسية في أحسن الأحوال بنسب لا تلبي حاجة الفلسطينيين، ما يتسبب بتضاعف أسعار الكميات القليلة المعروضة بما لا يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة للمواطنين الذين أرهقتهم الحرب المتواصلة وآثارها الكارثية.