تترقب أسواق العالم الأنباء عن احتجاز جماعة الحوثي في اليمن سفينة إسرائيلية في البحر الأحمر، والتحقيق مع طاقمها. إذ لطالما اعتبر البحر الأحمر وخاصة مضيق باب المندب قضية محورية كونه ممر ملايين براميل النفط، ونسبة مهمة من إمدادات التجارة العالمية.
يظل البحر الأحمر، الذي يمتد من قناة السويس إلى مضيق باب المندب الذي يفصل شبه الجزيرة العربية عن أفريقيا، طريقا تجاريا رئيسيا للشحن العالمي وإمدادات الطاقة. وقامت البحرية الأميركية بنشر عدة سفن في البحر منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول.
ويعد مضيق باب المندب من أهم المواقع السيادية اليمنية ويمر عبره حوالى 6.2 ملايين برميل يومياً من النفط الخام والمشتقات النفطية، إضافة إلى أكثر من 30% من التجارة العالمية للغاز الطبيعي ناهيك عن أكثر من 10% من إجمالي التجارة العالمية التي تمر عبر هذا المضيق الذي يشرف عليه اليمن.
وكان الباحث الاقتصادي مراد منصور، قال في حديث سابق لـ"العربي الجديد" على ضوء العدوان الإسرائيلي على غزة، إن جزءا من الصراع الدائر خلال الفترة الماضية في اليمن على الممرات المائية للبلاد التي كانت محل تركيز كبير من الدول الغربية لتأمين التجارة الدولة عبر مضيق باب المندب.
لذا يعتقد منصور أنه في حال استمرت الأوضاع بالتدهور بهذه الطريقة المتسارعة وعملية الفرز الدولية والنهج العدائي، وترقب جماعات ما يعرف بمحور المقاومة ومنهم جماعة الحوثيين في اليمن، فإن العواقب ستكون وخيمة على الممرات المائية الخاصة بالتجارة الدولية.
ويصل المضيق البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب، وهو الشريان الأساسي لتوريدات نفط الخليج إلى أوروبا. وبسبب حرب اليمن وتهديدات جماعة الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر، واجه قطاع الشحن البحري مزيداً من التهديدات، ورفعت شركات التأمين العالمية الرسوم على البضائع والسفن المتجهه إلى اليمن.
ويقع باب المندب بين اليمن في آسيا وكل من جيبوتي وإريتريا في أفريقيا. ومنذ افتتاح قناة السويس عام 1869 وربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط، تحوّل باب المندب إلى واحد من أهم ممرات النقل والمعابر البحرية بين أوروبا وحوض البحر المتوسط، وعالم المحيط الهندي وشرق أفريقيا.
وتقول شبكة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في تقرير سابق لها، إن 21 ألف قطعة بحرية تمر عبر هذا المضيق سنوياً أي حوالي 57 قطعة بحرية يومياً. ويتمتع المضيق بأهمية عسكرية وأمنية كبيرة وسبق أن أغلقته مصر أمام إسرائيل خلال حرب 1973 وإثر هجمات سبتمبر/أيلول عام 2001 في الولايات المتحدة، قامت قوة أميركية بالعمل على تأمين الملاحة في المضيق في مواجهة تنظيم القاعدة والقراصنة في المنطقة.
ووفقاً للقانون الدولي، فإن المياه الإقليمية لأي دولة عادة تمتد من ساحلها 12 ميلا بحريا (حوالي 22 كيلومتراً) إلى داخل المياه. وبهذا يكون مضيق باب المندب واقعا ضمن المياه الإقليمية لثلاث دول، هي اليمن وجيبوتي وإريتريا، حيث يبلغ عرضه حوالي 30 كيلومترا بين رأس باب المندب شرقا ورأس سيان غربا، وفق إذاعة صوت ألمانيا (دويتشه فيليه).
ويقول العالم العراقي عبد الزهرة شلش العتابي، إن من يسيطر على عدن بالدرجة الأولى وجيبوتي بالدرجة الثانية يسيطر على مضيق باب المندب.
ومع اكتشاف البترول في الجزيرة العربية في ثلاثينيات القرن الماضي، ازدادت أهمية باب المندب حيث إنه يربط منطقة الإنتاج (الجزيرة العربية) بمناطق الاستهلاك في أوروبا والولايات المتحدة، وفق تقرير "دويتشه فيليه".
ويكتسب المضيق أهمية خاصة في الوقت الراهن بسبب اعتماد مصر على الغاز الطبيعي المسال المستورد للحفاظ على إمداداتها من الكهرباء، حيث تتجه ناقلة واحدة من الغاز الطبيعي المسال إلى مصر كل أسبوع من خلال عبورها المضيق.