يترقب التونسيون أول تعديل في سعر المحروقات للعام الجاري 2022، بعدما أعلنت الحكومة اعتزامها زيادة الأسعار في إطار ما وصفته بإصلاح منظومة الدعم، بهدف توفير أكثر من 1.6 مليار دينار (557.5 مليون دولار) من دعم الطاقة.
ومن المقرر أن تعقد لجنة التعديل الآلي لأسعار المحروقات اجتماعها قبل نهاية يناير/ كانون الثاني الجاري من أجل تحديد أسعار الوقود، التي قالت وزيرة المالية سهام البوغديري، في تصريحات صحافية، نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إنّها ستتراوح ما بين 3% و5%.
وبدأت السلطات التونسية في تهيئة الأرضية للإعلان عن زيادات الأسعار، عبر سلسلة من اللقاءات بين مسؤولين في الدولة والمنظمات المدنية الكبرى من أجل احتواء الغضب الشعبي وسخط المهنيين الذين ستتضرر أعمالهم من زيادات كلفة الإنتاج المترتبة على ارتفاع أسعار الطاقة وبالتالي ارتفاع موجات الغلاء.
وقبل نحو أسبوع، التقى الرئيس قيس سعيد مع الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، في اجتماع دام أكثر من 3 ساعات، أعقبه لقاء آخر جمع وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي برئيس منظمة رجال الأعمال سمير ماجول.
كذلك، طلب الرئيس قيس سعيد من وزير الشؤون الاجتماعية العمل على مزيد من العناية بالطبقات الهشة، وهي مؤشرات قال عنها خبراء اقتصاد إنّها تستهدف "التمهيد لزيادة المحروقات التي تأخرت لأسباب سياسية" وفق تقديرهم.
وتستهدف الحكومة وفق الخطة الاقتصادية للفترة بين 2022 و2026 إلغاء دعم الطاقة تدريجياً عبر زيادة أسعار المحروقات (المنتجات البترولية) والكهرباء والغاز، للاستهلاكين الصناعي والأسري، وذلك من خلال آلية التعديل الآلي لأسعار المنتجات البترولية القائمة وكذلك إحداث لجنة للضبط الآلي لأسعار الكهرباء والغاز.
وتتوقع الحكومة توفير أكثر من مليار دينار خلال العام الحالي من خلال التعديل الآلي لأسعار المحروقات، كما تخطط لتوفير 204 ملايين دينار من زيادة تعرفة الكهرباء ذات الجهد العالي والمتوسط المزودة للمصانع والشركات، بالإضافة إلى 212 مليون دينار من تعديل تعرفة الكهرباء للاستهلاك المنزلي، وفق وثيقة الخطة الاقتصادية.
ويسيطر الترقب على الجميع بفعل الزيادات المتوقعة، بينما تشهد البلاد اضطرابات بفعل الغلاء والتوترات الأزمة. وقال مسعود بالعربي، الذي يعمل وكيلاً لمحطة لبيع الوقود في تونس العاصمة، إنّ المهنيين في وضع ترقب لقرار التعديلات الجديدة في الأسعار.
ورجح ألّا يتجاوز ذلك نهاية يناير/ كانون الثاني الجاري. وأضاف لـ"العربي الجديد" أنّ آخر تعديل في أسعار المحروقات يعود إلى مارس/ آذار 2021، معتبراً أنّ سياسة التثبيت التي اعتمدت عليها السلطات لن تستمر طويلاً، إذ من المتوقع أن تشهد الأسعار زيادات متتالية خلال الأشهر المقبلة.
وقال مصدر مسؤول في وزارة الطاقة، فضل عدم الكشف عن اسمه، إنّ "لجنة التعديل الآلي لأسعار الوقود في انتظار إذن انعقادها"، مضيفاً: "هذا القرار يتخذ على مستوى رئاسة الحكومة وهو قرار سياسي بحت".
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أشار المدير العام للمحروقات في وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، رشيد بن دالي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنّه بات ضرورياً تعديل أسعار المحروقات، نظراً لارتفاع أسعار النفط عالمياً فوق 85 دولاراً للبرميل، لافتاً إلى أنّ صندوق الدعم لا يمكن أن يتحمل هذه الزيادة.
وتعهدت حكومة نجلاء بودن، خلال مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، بشأن برنامج الإصلاح الاقتصادي، بإلغاء جزء من الدعم لأسعار الوقود هذا العام.
وقالت وزيرة الطاقة نائلة القنجي، في تصريحات إعلامية، خلال عرض قانون الموازنة للعام الحالي نهاية الشهر الماضي، إنّ "أسعار النفط مستمرة في الارتفاع اليوم، وتغير سعر النفط في الميزانية من 40 دولاراً إلى 80 دولاراً للبرميل". وتابعت: "لذلك يجب أن يكون هناك تعديل في أسعار الوقود، ولو جزئياً".
والحكومة في تونس بحاجة إلى الإيرادات، خصوصاً أنّ اقتصادها تلقى ضربه قوية بفعل تداعيات جائحة فيروس كورونا إضافة إلى الأزمة السياسية التي عطلت الكثير من القرارات.
وتقول الحكومة إنّها تتوقع اتفاقاً طال انتظاره بشأن حزمة إنقاذ مع صندوق النقد الدولي في الربع الأول من العام الجاري.
وفي 2021، في خضم الصراع السياسي بين الرئاسة والحكومة، والبرلمان، حثّ صندوق النقد تونس على وضع خطة إصلاح اقتصادي وتعزيز الحماية الاجتماعية للمواطنين المنهكين من آثار الجائحة وارتفاع البطالة إلى 18.5%.