تشهد أسعار الألبسة والأحذية ارتفاعاً كبيراً في الأسواق اللبنانية، مع استفحال تدهور العملة المحلية وهبوط قدرة المواطن الشرائية، واقع يدفع عدداً كبيراً من الناس نحو الملابس المستعملة أو ما يعرف في لبنان بـ"البالة".
وعادة يجرى استيراد هذا النوع من السلع المستعملة برسوم جمركية قليلة من دول مختلفة إلى السوق اللبنانية، التي تعرف أخيراً رواجاً لمثل هذا النوع من التجارة. وتعدى سعر صرف الدولار الواحد 20 ألف ليرة، وبات شراء قطعة واحدة من الألبسة الجديدة يكلف نصف راتب شهري، في الوقت الذي لا يتخطى فيه الحد الأدنى للأجور675 ألف ليرة (32 دولاراً).
وتقول مروة، 29 عاماً، وهي تتسوق من محل ملابس مستعملة لـ"العربي الجديد": "هذه الألبسة أفضل من المعروض في السوق من حيث النوعية، والأهم أن ثمنها أرخص. لقد قررت ادخار القليل من راتبي، وهو مليون و200 ألف ليرة (57 دولاراً)، كي أشتري بعض الملابس من هذا المحل". تضيف "لم أشتر ملابس جديدة من السوق منذ أشهر، فمثلاً، بنطال الجينز يصل سعره إلى 150 ألف ليرة (7 دولارات) وهو صناعة محلية، أما التركي فثمنه 500 ألف ليرة (23 دولاراً) وهذا طبعا يفوق قدرتي الشرائية".
ويقول فادي عيسى، والد لطفلين يبلغ أكبرهما 11 عاماً: "لقد جئت من بيروت خصيصاً إلى سوق صيدا لشراء أحذية مستعملة، فهي تعد أرخص من بالات بيروت". ويضيف: "لا أستطيع اقتطاع ثمن حذاء لطفل من راتبي المتواضع، بحثت في عدد من المحلات، ثمن الأحذية الولادية غير المستعملة يبدأ من 120 ألف ليرة وصعوداً (5 دولارات).
ولهذا قررت التوجه إلى محلات "البالة" التي لا تخلو من الماركات الأوروبية المستعملة، وحيث ثمن الحذاء لا يتخطى الدولار الواحد". وتراجعت أرباح صاحب محل الملبوسات المستعملة نزيه دياب خلال أسابيع مضت، ولكن الربح يستمر عامةً.
يقول: "عادة كنت أعتمد على سكان صيدا، أما اليوم ومنذ أشهر، فيدخل محلي المتواضع أشخاص وعائلات من بيروت. ذلك لأن أغلى قطعة لدي لا يتخطى ثمنها 35 ألف ليرة (1.6 دولار)، على الرغم من أنني اضطررت لزيادة الأسعار ما يقارب 5 آلاف ليرة (أقل من دولار) عما قبل، بسبب ارتفاع كلفة النقل".
فيما يشرح أحمد، وهو صاحب محل للألبسة الرياضية الجديدة، أن عمر المحل 11 عاماً، ولكن "نفكر في إغلاقه قريباً، إذ نستورد البضائع غالباً من تركيا ونبيعها بالدولار. وبالتالي، سعر القطعة الذي كان 10 آلاف ليرة (0.21 سنتاً) يبلغ اليوم أكثر من 100 ألف ليرة (4 دولارات)".