الأردن يلجأ إلى بديل للشحن بالتعاون مع مصر للوصول إلى أميركا وأوروبا

26 ديسمبر 2023
اضطرابات البحر الأحمر تزيد كلف البضائع الواردة من آسيا (الأناضول)
+ الخط -

دفعت الاضطرابات التجارية المتزايدة في البحر الأحمر، الأردن إلى البحث عن بدائل للشحن، لاسيما بعد أن أربكت هجمات الحوثيين في اليمن حركة السفن المارة في الشريان التجاري العالمي، ما يؤثر سلباً على حركة واردات المملكة، وكذلك صادراتها التي تمر بالأساس عبر ميناء حيفا الإسرائيلي على سواحل فلسطين المحتلة على البحر المتوسط، والذي كان بوابة عبور رئيسية للصادرات الأردنية نحو الأسواق الأوروبية والأميركية.

واستهدفت الهجمات الحوثية بشكل أساسي السفن الإسرائيلية المارة في البحر الأحمر وكذلك السفن الأخرى أياً كانت جنسيتها التي تبحر نحو إسرائيل، لكن العديد من شركات الشحن العالمية أعلنت عن تغيير مسارات سفنها بعيداً عن البحر الأحمر، ما رفع كثيراً من كلف الشحن، فضلا عن إصابة الموانئ الإسرائيلية بالشلل.

وأصبح ما يعرف بـ"الخط العربي" للنقل البري والبحري بين العقبة أقصى جنوب الأردن على ساحل البحر الأحمر، والموانئ المصرية المطلة على البحر المتوسط بديلاً للأردن، وفق ما أعلن مسؤولون أردنيون، حيث يوفر مساراً بديلاً لنقل الصادرات الأردنية المتجهة إلى الولايات المتحدة وأوروبا، لا سيما صادرات المناطق الصناعية المؤهلة المعروفة اختصاراً بالـ "كويز" التي تدخل فيها مكونات إسرائيلية، وكذلك ربط البحر الأحمر بالبحر المتوسط بالطرق البرية، ما ينوع طرق المبادلات التجارية ويقلل كلف النقل.

وأكد مدير عام شركة الجسر العربي للملاحة عدنان العبادلة في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" أنه جرى اتخاذ كافة الترتيبات اللازمة بالتنسيق مع الجانب المصري لتدشين خط النقل "البحري ـ البري" الجديد، مشيرا إلى أنه لا توجد أي عوائق تحول دون تشغيل هذا الخط الذي تم الإعداد له استجابة للتحديات التي تواجه تجارة الأردن والدول العربية الخارجية استيراداً وتصديراً وتجنبا للتأثر بارتفاع أجور الشحن والتأمينات البحرية المتوقع حدوثها خلال الفترة المقبلة.

وأضاف العبادلة أنه سيتم تشغيل الخط خلال الأسبوع الحالي أو المقبل، و"ذلك بديلاً عن ميناء حيفاء في ضوء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وإعلان شركات الملاحة العالمية وقف أعمالها التشغيلية من خلاله".

وميناء حيفا هو الميناء الرئيسي في إسرائيل على سواحل فلسطين المحتلة على البحر المتوسط، وكانت تمر عبره ما يقرب من 30 مليون طن من البضائع سنوياً، وفق الموقع الإلكتروني للميناء على شبكة الإنترنت.

وقال العبادلة إن "تشغيل الخط العربي للنقل البري والبحري بين العقبة والموانئ المصرية المطلة على البحر المتوسط كخط بديل جاء بعد إعلان عدد من شركات الشحن الكبرى مثل ميرسك إيقاف أعمالها في البحر الأحمر وباب المندب".

وأضاف: " في زمن قياسي وبتعاون وتنسيق مع الجانب المصري جرى استكمال كافة الإجراءات اللازمة لتشغيل هذا الخط بهدف إيجاد مسار جديد لنقل الصادرات والواردات من وإلى الولايات المتحدة وأوروبا بنمط جديد هو نقل حاوية محملة على شاحنة يتم نقلها على متن بواخر شركة الجسر العربي من ميناء العقبة الأردني إلى نويبع المصرية ومن ثم براً إلى الموانئ المصرية المطلة على البحر المتوسط ومنها إلى أوروبا والولايات المتحدة منها وإليها".

وشركة الجسر العربي للملاحة هي نتاج اتفاق بين حكومات الأردن ومصر والعراق، وتم تأسيسها في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1985 برأسمال مدفوع قدره (6) ملايين دولار مقسمة بالتساوي بين الدول الثلاث المؤسسة، وجرت زيادة رأس المال عدة مرات ليصبح 100 مليون دولار.

وقال العبادلة إن "هذا الخط يعد مشروعاً استراتيجياً عربياً وبمثابة نواة لعمل عربي مشترك يمكن للدول العربية المجاورة الاستفادة منه للنقل بكلف أقل وسرعة وتسهيلات ضرورية".

وأشار إلى أن الأحداث التي يشهدها باب المندب والبحر الأحمر أدت إلى ارتفاع كلف النقل مع تغيير وجهات النقل إلى رأس الرجاء الصالح بكلف إضافية مرتفعة سواء للنقل أو وزيادة أقساط التأمين نتيجة للمخاطر لمرور البواخر من باب المندب وهذا يوثر على أسعار السلع النهائية ما أوجب البحث عن خطوط بديلة.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وتابع أنه تم تشكيل لجنة أردنية مصرية مشتركة لمتابعة وتحديد الكلف الخاصة بالنقل ومراجعتها باستمرار، وإذا لم تكن جاذبة للمستثمرين سيتم إعادة النظر فيها بشكل مستمر بحيث تكون منافسة ولمواجهة أي تخفيض بالأسعار من قبل شركات الملاحة والنقل الأخرى.

وأشار إلى أن الخط سيجعل تجارة الأردن الخارجية من وإلى الولايات المتحدة وأوروبا في منأى عن التأثر مباشرة باضطرابات البحر الأحمر واحتمال حدوث تطورات إقليمية بسبب العدوان على غزة.

وقال: "تم الاتفاق مع الجانب المصري على تسهيل الإجراءات لأبعد الحدود، بما يخفض الكلف ومدة الانتظار للشاحنات داخل الموانئ وهذا عامل مهم للمصدرين ويتوقع أن يكون موعد وصول البضائع بزمن 18 يوما للسوق الأميركية والأوروبية، وهو أقل من المدة من خلال ميناء حيفا".

وأكد العبادلة: "جاهزون للتشغيل فوراً وتم إخبار المصانع والمصدرين والمستوردين، وكان هناك عدة لقاءات مع المستثمرين وهنالك تنسيق مستمر مع الجهات ذات العلاقة من القطاعين العم والخاص".

وقال إن "الهدف الأبعد لهذا الخط، هو تحويل جزء من التجارة شمال السعودية وشرق العراق إليه، ومع الأحداث والتوترات الجيوسياسية التي تشهدها منطقة البحر الأحمر ودول الخليج يمكن أن تتعامل هذه الدول مع هذا الخط".

وعن الإيجابيات الأخرى لهذا الخط رأى أنه سينعكس على القطاعات من شركات نقل وخطوط ملاحية وشركات تخليص وتأمين، وكل ما له علاقة بقطاع التأمين واستفادة التأمين من تجارة الترانزيت ورفع تنافسية ميناء العقبة الأردني وميناء نويبع المصري ورفع المبادلات، وأهم من ذلك زيادة نشاط قطاع النقل بالشاحنات وسيكون لها بداية جديدة للعمل.

وأشار إلى أن الصادرات الأردنية إلى الولايات المتحدة وأوروبا تبلغ حوالي 30 ألف حاوية سنوياً. ووفقا لبيانات إحصائية رسمية اطلعت عليها "العربي الجديد" فقد بلغت قيمة الصادرات الأردنية إلى الولايات المتحدة خلال العشرة أشهر الأولى من العام الحالي 1.72 مليار دينار (حوالي 2.4 مليار دولار) مقابل 1.718 مليار دينار لذات الفترة من العام الماضي بارتفاع بلغت نسبته 1%.

أما الواردات الأردنية من الولايات المتحدة فقد بلغت 1.108 مليار دينار للعشرة أشهر الأولى من هذا العام مقابل 987 مليون دينار لذات الفترة من العام الماضي بزيادة نسبتها 12.3%.

وبحسب البيانات الإحصائية فقد بلغت الصادرات الأردنية إلى أوروبا لفترة العشرة أشهر من 2023 حوالي 344 مليون دينار مقابل 380 مليون دينار للفترة المقابلة من 2022 بانخفاض نسبته 12.4%.

أما واردات الأردن من أوروبا فقد بلغت لتلك الفترة 2.380 مليار دينار مقابل 3.5 مليارات دينار للفترة المقابلة بتراجع نسبته 4.8%.

وفي موازاة الخط الملاحي والبري الجديد قال العبادلة إنه يتم حاليا العمل على الربط السككي بين الأردن ومصر والعراق، متوقعا أن يرى المشروع النور خلال العامين المقبلين.

والربط السككي مع مصر سيكون من خلال أقرب نقطة "طابا" ثم يتم النقل عبر شركة الجسر العربي إلى ميناء العقبة ثم إلى العراق بالنسبة للواردات من مصر وكذلك بالنسبة للصادرات من خلال ميناء العقبة إلى طابا عبر شركة الجسر العربي.

وبدأت شركة الجسر العربي أعمالها ببواخر مستأجرة وحالياً تمتلك أسطولاً خاصاً مكونا من تسع بواخر تقدر قيمتها بأكثر من 100 مليون دولار وتخطط الشركة لتعزيز قوة أسطولها في المستقبل القريب والتوسّع في عملياتها. وتدار الجسر العربي للملاحة من قبل إدارة تنفيذية يتم تسمية أعضائها من قبل مجلس الإدارة من الدول الثلاث المؤسسة.

بدوره أكد فتحي الجغبير، رئيس غرفتي صناعة عمان والأردن، أهمية بحث كافة البدائل للشحن البحري من أوروبا وأميركا في حال استمرار تعطل مضيق باب المندب.

وقال الجغبير لـ"العربي الجديد" إن استحداث خط نقل للصادرات من قبل شركة الجسر العربي سيساعد الصادرات الأردنية على مواصلة نفاذها للأسواق الخارجية، خاصة الولايات المتحدة ودول أوروبا.

كما قال موسى الساكت عضو غرفة صناعة عمان لـ"العربي الجديد" إن خط الصادرات الجديد سيساعد المصدرين على تصدير منتجاتهم خاصة إلى الأسواق الأميركية والأوروبية والأفريقية وبكلف أقل وتفادي إشكاليات التصدير الحالية في المنطقة، بينما المشكلة التي لا تزال تواجه الواردات الأردنية والتي يأتي جزء كبير منها من خلال باب المندب وترد من دول آسيا خاصة الصين وماليزيا، ومن ذلك المواد الخام ومستلزمات الإنتاج، لافتا إلى أن الخيارات المتاحة حالياً مكلفة جداً وتأخذ وقتاً وجهداً إضافيين.

المساهمون