الأردن: استياء عمالي من تمديد خفض الأجور

17 اغسطس 2021
متجر أوشحة تقليدية في أحد أسواق عمّان (فرانس برس)
+ الخط -

فاجأت الحكومة الأردنية أوساط العمال في مختلف القطاعات بنيتها تمديد العمل ببرنامج "استدامة"، الذي يقوم في أحد مكوناته على تخفيض الأجور والرواتب الشهرية لكافة العاملين في المنشآت التي تصنف أنها متضررة من جائحة كورونا.

وكان يفترض انتهاء العمل بالبرنامج، الذي جرى البدء في تطبيقه منذ ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، مع نهاية العام الحالي 2021.

لكن الحكومة أعلنت قبل أيام توجهها لتمديد العمل به مدة ستة أشهر أخرى وبذات الآلية، ما أثار اعتراضات العاملين في مختلف منشآت القطاع الخاص المستهدفة من "استدامة".

وبموجب البرنامج، تم تخفيض أجور شريحة كبيرة من العاملين في المنشآت التي صنفت على أنها الأكثر تضرراً من أزمة كورونا بنسبة 25%، ما فاقم أوضاعهم المعيشية في الوقت الذي ارتفع فيه الإنفاق على متطلبات الصحة والأغذية خلال الأزمة.

يقول أحمد عوض، رئيس المرصد العمالي، إن برنامج استدامة بات يرهق الكثير من العمال بتخفيض أجورهم بنسبة كبيرة وانتظار أن تصرف مؤسسة الضمان الاجتماعي المستحقات في ظل تهرب عدد من أصحاب العمل من دفع النسبة المترتبة عليهم، مشيرا إلى أن المدارس الخاصة على سبيل المثال تعتبر أن أجر المعلمات هو ما يتقاضينه من الضمان الاجتماعي فقط ولا تدفع أي مبالغ أخرى.

بموجب برنامج "استدامة"، تم تخفيض أجور شريحة كبيرة من العاملين في المنشآت التي صنفت على أنها الأكثر تضرراً من أزمة كورونا بنسبة 25%

ويضيف عوض لـ"العربي الجديد" أن اختيار القطاعات الأكثر تضرراً لا يستند إلى معايير واضحة، مشددا على ضرورة الالتفات إلى دخل المنشأة وليس القطاع، حيث يختلف الدخل والعمل من منشأة إلى أخرى في النشاط الاقتصادي نفسه.

ويتابع أن المرصد رحب مطلع العام الحالي بمبدأ برنامج استدامة الذي تحملت فيه الحكومة مسؤولياتها تجاه العمال وأصحاب العمل بدفع جزء من أجورهم، إلا أنها باتت اليوم تؤرق العمال بتخفيض رواتبهم أكثر من 7 أشهر في العديد من القطاعات.

وكشف رئيس المرصد العمالي عن أن عدة شكاوى وصلت إلى المرصد العمالي بذلك، وأن منشآت عديدة في قطاعات اقتصادية مختلفة كالصناعة وتجارة التجزئة ما تزال تعتمد على برنامج استدامة بموجب قائمة القطاعات الأكثر تضرراً رغم أنها تعافت اقتصاديا.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ووفق المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، فإن برنامج "استدامة" يهدف إلى دعم العاملين في المنشآت غير المصرح لها بالعمل، والعاملين في الأنشطة الأكثر تضرراً من جائحة كورونا، مشيرة إلى أن كلفة البرنامج تبلغ نحو 280 مليون دولار، يتم تمويلها من الحكومة والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي.

ويخصص البرنامج للعاملين في القطاعات والمنشآت الأكثر تضرراً بالجائحة، 75% من أجورهم، يتحمل صاحب العمل 50% منها و50% يتحملها البرنامج، بشرط أن لا يقل إجمالي ما يصرف للعامل عن 220 دينارا شهرياً، وإذا قلّ المبلغ المخصص عن ذلك يتحمل البرنامج دفع الفروقات.

كما يشترط ألا تتجاوز مساهمة البرنامج في أجر العامل 500 دينار شهرياً، وإذا قل ما يدفع للعامل عن 75% من أجره الخاضع للاقتطاع يتحمل صاحب العمل دفع الفروقات. وشمل البرنامج حوال 170 ألف عامل.

المرصد العمالي يتلقى العديد من الشكاوى التي تدور حول رفض تخفيض رواتب العمال والتأخر في دفعها في وقتها ومماطلة اصحاب العمال لهم

لكن رئيس المرصد العمالي، يقول إنّ "أي برامج جديدة لتحفيز الاقتصاد والمنشآت يجب ألا تكون على حساب أجور العمال والحمايات الاجتماعية التي تتعلق بهم وأصبح ضرورياً عودة أجور العمال إلى ما كانت عليه قبل الجائحة وبخاصة في القطاعات التي عادت إلى نشاطها منذ أشهر وبدأت تسترد عافيتها".

ويضيف عوض أن "استمرار البرنامج مع انتفاء الأسباب التي أدت إلى إصداره وهو إغلاق المنشآت عن العمل يعد انتهاكا قسرياً لحقوق العمال"، مشيرا إلى أنه يمكن للحكومة تعديل البرنامج بحيث لا يشتمل على أي خصومات من الرواتب على حساب العاملين وذلك بزيادة مقدار الدعم الحكومي ورفع مساهمة المنشآت فيها.

ويلفت عوض إلى تلقي المرصد العمالي، العديد من الشكاوى التي تتمحور حول رفض تخفيض رواتب العمال والتأخر في دفعها في وقتها ومماطلة اصحاب العمال لهم.

وأبلغ عمال في منشآت كبرى قيام الإدارات بأساليب احتيال من خلال دفع نسبة أخرى من الراتب لهم خارج البرنامج مقابل ضمان عدم احتجاجهم، ما يدل على أن بعض المؤسسات تستفيد من برنامج استدامة دون وجه حق، كونها تعمل بكامل طاقتها وتحقق عوائد مالية مناسبة، وفق رئيس المرصد العمالي.

في المقابل، يقول المتحدث باسم المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، شامات المجالي، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن الحكومة تتجه إلى إدخال بعض التعديلات على قائمة القطاعات الأكثر تضرراً التي ستستفيد من فترة تمديد برنامج "استدامة".

وإلى جانب تخفيض الرواتب قررت الحكومة في إطار الإجراءات المتخذة لمواجهة وباء كورونا، إغلاق العديد من القطاعات لفترة تجاوزت العام، إضافة إلى تخفيض طاقة العمل والإنتاج في غالبية المنشآت قبل أن تبدأ بتطبيق خطة الوصول للصيف الآمن الذي يفترض اعادة تشغيل كافة الأنشطة في سبتمبر/ أيلول المقبل وفق تم الإعلان عنه سابقا .

لكن خبراء اقتصاد يرون أن انعكاسات أزمة كورونا تسببت في زيادة معدلات البطالة، التي وصلت إلى 25% خلال الربع الأول من العام الحالي وسط توقعات بمواصلتها الارتفاع.

المساهمون