تتزايد الآمال بتحسن العلاقات الاقتصادية وزيادة حجم التبادل التجاري وتدفق السياح بين تركيا والسعودية، على وقع الزيارة المنتظرة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى أنقرة الأربعاء المقبل، على الرغم من عدم ترجمة كامل الاتفاقات التي وقعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارته السعودية في إبريل/نيسان الماضي
وكان الرئيس التركي قد أكد، أمس، زيارة بن سلمان إلى تركيا وعقد اجتماعات ثنائية، ما سيؤدي بعد التقييم إلى "الارتقاء بالعلاقات إلى مستوى أعلى بكثير"، معلناً عن التحضير لاستقبال ولي العهد بمراسم رسمية في المجمع الرئاسي في أنقرة.
ويرى المحلل التركي سمير صالحة أن لتوقيت الزيارة، بواقع تبدلات المنطقة وقبل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن، أهمية إضافية "لكسر ما تبقى من جليد بين الرياض وأنقرة والاقلاع بالمرحلة الجديدة"، متوقعاً أن يكون للاقتصاد "حصة وفيرة" خلال الزيارة رغم غلبة السياسة جراء الأحداث الراهنة.
ويشير صالحة لـ"العربي الجديد" إلى أن زيارة الرئيس التركي الرياض قبل شهرين، على رأس فريق اقتصادي كبير، كسرت حدة الخلاف الناشئ منذ عام 2018، وأسست لاستعادة الزخم بالتجارة وإزالة العقبات الجمركية وتشجيع الاستثمارات، لكن النتائج لم تكن كبيرة، أو كما التوقعات "لذا الآمال اليوم على الدفع وترجمة الاتفاقات بعد زيارة ولي العهد السعودي"، خاصة بدعم المشاريع التي يتولاها المقاولون الأتراك في المملكة وسبل التعاون في الصناعات الدفاعية، وربما عبر مشاريع مشتركة، وهو ما ألمح إليه الرئيس أردوغان بالقول: "تركيا تمتلك تكنولوجيا الصناعات الدفاعية، بينما تمتلك السعودية رأس المال، ولذلك من الممكن الإقدام على خطوات مشتركة".
ويضيف صالحة أن الزيارة "ستلغي آثار القطيعة السابقة"، وقت دعا رئيس الغرف التجارية السعودية عجلان العجلان إلى أن "مقاطعة المنتجات التركية واجب على كل مواطن يحمل الجنسية السعودية"، وأيضاً التجار والمستهلكين إلى مقاطعة الاستثمار والاستيراد والسياحة، معتبراً ذلك، مسؤولية تقع على عاتق كل سعودي، الأمر الذي أدى إلى تراجع حجم التبادل وإلى شبه شلل لقدوم السياح السعوديين وتجميد الاستثمارات بكلا البلدين.
وتشير مصادر رسمية إلى تراجع واردات المملكة من تركيا في 2021 بنسبة 62.3%، إلى 3.32 مليارات ريال (886 مليون دولار) مقابل 8.82 مليارات ريال (2.35 مليار دولار) في 2020، قبل أن تعود العلاقات التجارية على وقع تحسن العلاقات السياسية ونقل تركيا ملف مقتل جمال خاشجقي إلى المملكة، لتبلغ قيمة الواردات في كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير الماضيين 71.3 مليون ريال (19 مليون دولار) مقابل 69.4 مليون ريال (18.5 مليون دولار) في الفترة المناظرة من العام الماضي.
وتأتي السياحة في مقدمة المطالب التركية للسعودية، بعد أن تراجعت نسبة السياح السعوديين بأكثر من 35% بحسب مدير شركة "أنقا انجو" في إسطنبول إياد صياه، وتراجع المملكة من المرتبة الرابعة أو الخامسة، ضمن أكثر السياح، إلى المرتبة العاشرة "أو أكثر" خلال العامين الماضيين.
وتوقع صياه خلال تصريحه لـ"العربي الجديد" أن تنتعش السياحة في تركيا هذا العام، بعد عودة العلاقات مع دول الخليج العربي، لأن السعوديين أكثر السياح وشراة العقارات في مدن البحر الأسود، كما أن السعوديين من السياح الأكثر إنفاقاً بتركيا.
ويرى الاقتصادي التركي خليل أوزون أن السعودية من شركاء بلاده "المهمين"، وعودة العلاقات معها ستعود بالنفع على سعر صرف العملة التركية، كما ستعم الفائدة على الأسواق والشعب بكلا البلدين، إذ يمكن لبلاده أن تؤمن معظم احتياجات السوق السعودية، وبأسعار وجودة منافسة للأوروبي وحتى الصيني "بالاعتماد على القرب الجغرافي وقلة تكاليف النقل".
ويشير أوزون لـ"العربي الجديد" إلى الأمل بعودة دوران" المشاريع المشتركة التي تعطلت "بنسب كبيرة" خلال العامين الماضيين، مشيراً إلى وجود أكثر من 150 مشروعاً مشتركاً بقطاعات الصناعة والتجارة والعقارات والسياحة. كما توجد استثمارات سعودية في تركيا بأكثر من 11 مليار دولار، ويوجد أكثر من 200 شركة تركية بالمملكة.
وحول أهم السلع التي تصدرها تركيا إلى المملكة، يضيف أوزون أن المنسوجات والأثاث والمواد الغذائية في مقدمة الصادرات، إضافة إلى الحجر والرخام والحبوب، متوقعاً عودة حجم التبادل إلى أكثر من 8 مليارات دولار، وهو برأيه رقماً عادياً وسبق أن سجلته بلاده بعد زيارة الرئيس أردوغان السعودية عام 2017، قبل الأزمة السياسية وتراجع التبادل وتقييد التجارة.