اقتصاد تونس تحت ضغط الانقلاب وكورونا

27 يوليو 2021
اقتصاد تونس يعيش في الفترة الأخيرة أزمة غير مسبوقة (Getty)
+ الخط -

في وقت كانت الحكومة التونسية تقود حراكاً دولياً بحثاً عن السيولة النقدية وعودة نسق الاستثمارات الأجنبية، جاء انقلاب الرئيس قيس سعيد الأخير على البرلمان والحكومة المنتخبين ليضيف تحديات لمستقبل الاقتصاد المحلي.
اقتصاد تونس يعيش في الفترة الأخيرة أزمة غير مسبوقة، مع تسجيل انكماش في النمو خلال الربع الأول الماضي بنسبة 3 بالمئة وارتفاع البطالة إلى 17.3 بالمئة، وانهيار عائدات السياحة نتيجة الأزمة الوبائية، وتفاقم المديونية.
تقديرات رسمي، تشير إلى ارتفاع المديونية العامة خلال العام الجاري إلى نحو 35 مليار دولار، تشكل أزيد من 85 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع قرابة 30 مليارا بنهاية 2020.
وسعت تونس إلى تجاوز الأزمة الاقتصادية من خلال دخولها منذ مايو/أيار الماضي في مفاوضات جديدة مع صندوق النقد الدولي، بهدف الحصول على قرض جديد قيمته 4 مليارات دولار.

لكن الأخير يشترط توفر الاستقرار السياسي وتوافقا بين جميع الأطراف السياسية والمنظمات الوطنية، إلى جانب الالتزام بتنفيذ جملة من الإصلاحات المتأخرة.
وأمام هذه الوضعية السياسية الآن، فإنه من الصعب التوصل إلى اتفاق مع الصندوق، وهو ما أكدته وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني في بيان لها أمس الاثنين، حذرت فيه من خفض تصنيف تونس مجددا بعد الخفض الأخير لتصنيفها السيادي إلى "B-".
وحسب "فيتش"، فإن قرارات الرئيس التونسي ستقلّل من استعداد الشركاء الغربيين لدعم بلاده، كما أن فشل التفاوض مع صندوق النقد الدولي سيؤدي إلى استمرار الاعتماد الشديد على التمويل المحلي، وسيزيد من الضغوط على السيولة الدولية.
يشار إلى أن تونس في حاجة إلى تعبئة قروض إضافية بقيمة 18.7 مليار دينار (6.85 مليارات دولار)، وأن مستحقات الدين العمومي بلغت 16.3 مليار دينار (6 مليارات دولار) خلال 2021 وحده.
قرارات تجميد البرلمان وإقالة رئيس الحكومة ستكون لها تداعيات سلبية على الاستثمار المحلي والأجنبي، وعلى مناخ الأعمال، حيث إن الاستقرار السياسي يعتبر أهم ركائز عودة الاستثمار الذي تضرر كثيرا بعد الثورة.
وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 31.9 بالمئة في الربع الأول 2021، وبنسبة 26.0 بالمئة في 2020 مقارنة مع 2019.
من بين هذه التأثيرات كذلك، مزيد من الضغوط على المالية العمومية وعجز تونس عن تسديد ديونها الخارجية، وتعطل حركة الإنتاج.
ولم تمر 24 ساعة على القرارات السياسية للرئيس التونسي، حتى بدأت تأثيراتها تتجلى خاصة على سوق السندات الدولية، حيث أظهرت بيانات "تريد ويب" المتتبعة للسندات الدولية السيادية والخاصة تراجع إصدار سندات تونس المقومة بالدولار الأميركي استحقاق 2025 بمقدار 2.61 سنت إلى 86.004 سنتا للدولار الواحد، وهو أدنى مستوى منذ الربع الأول 2021.

ويعني ذلك أن إقدام تونس على طرح أية سندات في الوقت الحالي يؤشر إلى تقديم أسعار فائدة مرتفعة، أعلى من السعر المرجعي، نظرا للمخاطر السياسية التي تشهدها البلاد.
والجدير بالذكر أن الحكومة كانت تسعى إلى إصدار سندات بحوالي 3 مليارات دولار، إلى جانب سعيها إلى الحصول على ضمان من الإدارة الأميركية بقيمة مليار دولار، لتستطيع الإيفاء بالتزاماتها المالية الداخلية والخارجية.
هذه التأثيرات يمكن تجاوزها إذا ما تم التسريع في تركيز حكومة جديدة تضع الجانب الاقتصادي في أولوياتها، وتسعى إلى إعادة الثقة في مناخ الأعمال في تونس.
لكن هذه الخطوات الإصلاحية لن تكون سريعة التأثير على "النقد الدولي" والدائنين الدوليين والمستثمرين، الذين يبحثون عن استقرار طويل المدى قبل ضخ دولار واحد في السوق.
(الأناضول)

المساهمون