أظهرت بيانات حكومية، اليوم الثلاثاء، أن اقتصاد السعودية انكمش بنسبة 4.2% في الربع الثالث من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2019، وذلك بعد يوم من تعديل وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية العالمية، النظرة المستقبلية للمملكة إلى سلبية، وعزت ذلك إلى ضعف الأوضاع المالية والميزان الخارجي لأكبر مصدر للنفط في العالم.
والربع الثالث هو خامس فصل من النمو السلبي للناتج المحلي السعودي على أساس سنوي، وفق بيانات الهيئة العامة للإحصاء التي رصدتها "العربي الجديد".
لكن الهيئة قالت إن الاقتصاد نما 1.2% على أساس فصلي، مقارنة بالربع الثاني من العام (إبريل/نيسان حتى يونيو/حزيران). ولم تقدم الهيئة تفاصيل حول أداء القطاعين النفطي وغير النفطي في فترة الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر/ أيلول.
وكان الاقتصاد السعودي قد انكمش بنسبة 7% في الربع الثاني، في مؤشر على مدى عمق تداعيات فيروس كورونا على القطاعين النفطي وغير النفطي، ووفقا لبيانات هيئة الإحصاء بلغ الانخفاض في معدل نمو القطاع الخاص خلال تلك الفترة 10.1% والقطاع الحكومي 3.5%.
وكان القطاع غير النفطي، وهو محور ما توصف بالإصلاحات الاقتصادية التي تبناها ولي العهد محمد بن سلمان قبل نحو 4 سنوات من أجل تنويع الاقتصاد، الأكثر تضرراً منذ بداية جائحة كورونا، حيث انكمش القطاع بنسبة 8.2% في حين تراجع القطاع النفطي 5.3% وفق هيئة الإحصاء.
وسبق أن سجل الربع الأول، انكماشا اقتصاديا بنسبة 1%. وتواجه أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم أسوأ تراجع اقتصادي بعد أن قلصت جائحة كورونا الطلب العالمي على الخام وإجراءات احتواء الفيروس التي أضرت بالطلب المحلي.
وكانت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية، قد ذكرت أمس، الأوضاع المالية في السعودية تضررت بفعل جائحة كورونا وتراجع أسعار الخام، مشيرة إلى أنها قد تشهد عجزا في الميزانية بنسبة 12.8% هذا العام مقابل 4.5% في 2019.
وأشارت إلى أن هذا العجز يعكس تراجعا 33% في عائدات النفط، وانخفاضا 5% في العائدات غير النفطية، وزيادة بنسبة 1% في الإنفاق مقارنة بالعام الماضي.
ولدعم خزائن الدولة، زادت السعودية، في يوليو/تموز الماضي، ضريبة القيمة المضافة إلى ثلاثة أمثالها، لتصبح 15%، وهي خطوة قال الاقتصاديون إنها قد تكبح التعافي الاقتصادي.
وتوقعت فيتش انكماش اقتصاد السعودية بما يزيد قليلاً عن 4% هذا العام، نتيجة لتخفيضات إنتاج النفط واستمرار تراجع النشاط بسبب الجائحة.
وكان تقرير دولي صادر عن مؤسسة مورغان ستانلي في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قد حذر من أن التصنيفات الأخيرة التي صدرت من وكالات التصنيف العالمية ستؤثر سلباً على المراكز المالية لدول مجلس التعاون الخليجي، وقد تضعها في مأزق، خاصة في ظل الظروف العالمية الصحية الحالية من تفشي كورونا وتدني أسعار النفط وارتفاع مستويات العجوزات المالية في الموازنات الخليجية إلى مستويات قياسية.
وتناول التقرير، الذي اطلع عليه "العربي الجديد" آنذاك، المخاطر الائتمانية وقدرة دول المنطقة على سداد الديون، حيث تراجعت تصنيفات دول خليجية، وفي مقدمتها السعودية، فيما احتفظت قطر بتصنيفها وجدارتها الائتمانية، ووضعت الكويت في المنطقة المستقرة حتى الآن، حسب وكالات التصنيف فيتش وموديز وستاندرد آند بورز.
وأشار إلى أن غالبية الدول الخليجية لجأت إلى السحب من صناديق الاحتياطات النقدية لديها بصورة مبالغ فيها، واستنزفت مواردها المالية في ظل غياب الحلول، وهو ما ينذر بمخاطر كبيرة على مستقبل الاقتصاديات الخليجية في ظل غياب الإصلاحات المالية.