- الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة يرى أن التضخم ضروري لصحة الاقتصاد بمعدلات معتدلة، متوقعاً انخفاض التضخم في 2024 بفضل سياسات أوبك+ وتراجع الناتج المحلي.
- يُشير عبد الحميد العمري وأندرو هاموند إلى أهمية تنظيم سوق الإيجارات والإصلاحات الاقتصادية في الحفاظ على التضخم ضمن نسب مقبولة وتحقيق توازن اقتصادي.
مفارقة سجلتها بيانات الهيئة العامة السعودية للإحصاء (حكومية)، بشأن انخفاض معدل التضخم في اقتصاد السعودية إلى 1.6% خلال شهر مارس/ آذار الماضي مقارنة بفبراير/ شباط، رغم استمرار ارتفاع الإيجارات، ما أثار تساؤلات حول أسبابها وانعكاسها على مجمل اقتصاد المملكة.
ووفقاً لبيانات الهيئة، فقد جاءت أسعار الإيجارات للمساكن كأكبر مؤثر في التضخم المسجل في مارس/ آذار على أساس سنوي، حيث ارتفعت أسعار السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع وقود أخرى بنسبة 8.8%، كما سجلت إيجارات المنازل في السعودية ارتفاعا بنسبة 10.5% خلال مارس، متأثرة بزيادة أسعار إيجارات الفلل بنسبة 9.7%.
وشهدت سوق الإيجارات في اقتصاد السعودية طوال العامين الماضيين قفزاتٍ سعرية قياسية، بدأت من مدينة الرياض في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، ثم لحقتها جدة في يوليو/ تموز 2022، ووصلت إلى أبها في مارس/ آذار 2023، ثم بريدة في مايو/ أيار 2023، ثم الدمام في يونيو/ حزيران 2023، بحسب البيانات الرسمية.
وبينما ارتفعت أسعار الأغذية والمشروبات بنسبة 0.9% بسبب ارتفاع أسعار الخضار بنسبة 6.8%، ارتفعت أسعار المطاعم والفنادق بنسبة 2.4%.
اقتصاد السعودية والنفط
يؤكد الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن التضخم يشبه "حرارة الإنسان"، فالحرارة العالية تقتل والحرارة المتدنية أيضا تقتل، وكذلك التضخم أيضا في الاقتصاد، فوجوده علامة جيدة، لكنه يقتل الاقتصاد في حال ارتفاعه أو انخفاضه بمعدلات عالية.
ويلفت عجاقة إلى أن معظم دول الخليج، وعلى اقتصاد السعودية ضمن المعايير الجيدة لنسب التضخم، والتي تراوح بين 1.3% و2.8%، لافتا إلى أن التوقعات في العام 2024 تؤشر إلى انخفاض بالتضخم نتيجة تراجع الناتج المحلي الإجمالي، خاصة في المملكة العربية السعودية.
ويؤكد الخبير الاقتصادي دور الانخفاضات بالإنتاج النفطي في تحريك نسبة التضخم بدول الخليج، مشيراً إلى سياسات تكتل منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفائها (أوبك+) في هذا الصدد، والتي التزمت بها السعودية.
ولذا يتوقع عجاقة أن يسجل التضخم في دول الخليج تراجعاً طفيفاً، ولا سيما في السعودية، لأنّ نسبة التضخم المتوقعة أصلاً هي 1.8%، لكنه أشار إلى أن ارتفاع سعر النفط عالمياً قد يبدل الأمور.
وهذا الارتفاع تحتاجه المملكة ولسعر برميل يراوح بين 90 و100 دولار، كي تستطيع الاستمرار في مشاريعها الكبرى بشكل أو بآخر، وهي المشاريع التي تأخذ الاقتصاد السعودي نحو التحول للقطاعات غير النفطية، وهو ما تحتاجه السعودية، حسب عجاقة.
تنظيم سوق الإيجارات
حسب الخبير الاقتصادي السعودي عبد الحميد العمري، فإنّ السبب الرئيس للتجربة العالمية الراهنة مع التضخم في أغلب البلدان، والذي عجزت السياسة النقدية المتشددة عن كبحه وإعادته لما دون 2%، هو ارتفاع الإيجارات وأسعار الطاقة، باعتبار أن كليهما يتحرك خارج دائرة تأثير أي سياسات نقدية مهما كانت شدتها، حسبما أورده عبر منصة إكس.
وحسب العمري، فإن التجربة العالمية تؤكد أهمية إقرار تنظيم شامل لسوق الإيجارات في السعودية، والعمل على تحديثه من فترةٍ إلى أخرى لكبح زيادة التضخم وإبقائه في دائرة نسبة الـ2% أو ما دونها.
ومن دون تنظيم كهذا، يتوقع الخبير الاقتصادي أندرو هاموند أن يستمر معدل التضخم في الارتفاع بالسعودية ليصل إلى 2% على أساس سنوي خلال الأشهر المقبلة، وفقا لما أورده موقع "أرابيان غلف بيزنس إنسايت".
ويُشير تباطؤ التضخم في اقتصاد السعودية رغم استمرار ارتفاع الإيجارات إلى عدة عوامل اقتصادية، حسب هاموند، منها تلاشي الأثر المباشر لارتفاع ضريبة القيمة المضافة وتعوّد المستهلكين على وجودها، بالإضافة إلى انخفاض مؤشر الأسعار في قطاعي الإسكان والتعليم بعد الإصلاحات الاقتصادية وترك عدد من غير السعوديين الذين غادروا المملكة مساحات في الإيجارات والإسكان.
ويرى هاموند أن تطور نسبة التضخم في السعودية يؤشر إلى قدرة السياسات الحكومية على التحكم في التضخم وتحقيق توازن اقتصادي، لافتا إلى أن البيانات الرسمية تشير إلى أنه بالإمكان السيطرة على التضخم في السعودية من خلال الإصلاحات الاقتصادية والسياسات المالية والنقدية.