اضطرابات البحر الأحمر تعوق جهود البنك الفيدرالي لمحاربة التضخم

19 يناير 2024
شاحنات السلع والبضائع تفضل الابتعاد حالياً عن البحر الأحمر (Getty)
+ الخط -

ما زالت اضطرابات البحر الأحمر تلقي بثقلها على حركة التجارة العالمية، فقد تسبب تحويل السفن مساراتها باتجاه الدوران حول القارة الأفريقية في طول أمد رحلات الشحن، وارتفاع تكاليفها، الأمر الذي اعتبره بعض المحللين مقوضاً لجهود بنك الاحتياط الفيدرالي لمحاربة التضخم المرتفع.

وفي برنامجه واسع المشاهدة على محطة "سي إن بي سي" الاقتصادية، والمعروف باسم "مال مجنون Mad Money"، حذر جيم كريمر، خبير أسواق الأسهم والسندات، مساء الخميس، من أن ارتفاع تكاليف الشحن بسبب الاضطرابات في البحر الأحمر لن يساعد الولايات المتحدة في خفض التضخم، وأخبر المستثمرين أنه لا ينبغي عليهم الاعتماد على الكثير من تخفيضات أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياط الفيدرالي في وقت قريب.

وقال: "إذا علمتنا السنوات القليلة الماضية أي شيء، فهو أن انقطاع الإمدادات هو السبب الرئيسي في حرب بنك الاحتياط الفيدرالي ضد التضخم". "وإذا لم تكن السفن في البحر الأحمر آمنة، فهذا يعد اضطرابًا كبيرًا، ما يعني أنك ببساطة لا تستطيع توقع العديد من التخفيضات في أسعار الفائدة هذا العام لأن تكلفة الشحن أصبحت فجأة باهظة الثمن، ولأن تكلفة الشحن الباهظة تنتقل عبر البحر الأبيض المتوسط إلى تكلفة كل شيء تقريبًا".

وفي الأسابيع الأخيرة، هاجم الحوثيون المتمركزون في اليمن السفن المسافرة عبر البحر الأحمر من الدول المتعاونة مع إسرائيل تضامناً مع المقاومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لتزداد مخاطر المرور في أحد أهم طرق الشحن العالمية بصورة غير مشهودة في عقود. ونتيجة لذلك، قام العديد من شركات الشحن الكبرى بإرسال سفنه في مسارات طويلة ومكلفة، ما تسبب في ارتفاع أسعار الشحن بشكل كبير.

وفي السياق، حذر رئيسا اثنين من أكبر البنوك الأميركية، هما جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك "جي بي مورغان تشيس"، أكبر البنوك الأميركية، وديفيد سولومون، الرئيس التنفيذي لعملاق بنوك الاستثمار بأميركا غولدمان ساكس، أثناء مشاركتهما في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا يوم الأربعاء، من مجموعة من المخاطر المحدقة بالاقتصاد الأميركي، كانت في مقدمتها المخاطر الجيوسياسية.

وأشار ديمون وسولومون إلى اضطرابات البحر الأحمر، وما لها من تأثيرات سلبية على سيولة عمليات التجارة العالمية، معتبرين إياها تهديداً واضحاً لجهود البنك الفيدرالي للقضاء على التضخم في أكبر اقتصاد في العالم.

واليوم الجمعة، أعلنت شركة ميرسك للشحن البحري عن تعليق مؤقت لحجوزات الشحن بين الشرق والغرب عبر البحر الأحمر بسبب "تقلّب الوضع".

وقالت الشركة، في تحديث للعملاء أمس الخميس، إن الاضطرابات الناتجة عن الطقس في موانئ شمال أوروبا وتحويل السفن بعيدا عن البحر الأحمر تسببا في اختناقات في أرصفة استقبال الحاويات في الموانئ.

وتواصل تكلفة التأمين ضد مخاطر الحرب للسفن التي تبحر عبر البحر الأحمر الارتفاع، ما يضيف عائقاً محتملاً آخر أمام التجارة عبر ممر مائي اعتبرته "البحرية الأميركية" خطيراً للغاية بالنسبة إلى الشحن التجاري.

وتتقاضى شركات التأمين حالياً ما بين 0.75% و1% من قيمة السفينة للإبحار عبر هذه المنطقة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر، ما يشكّل قفزة كبيرة منذ أن استهدفت الغارات الجوية الأميركية والبريطانية الحوثيين في اليمن نهاية الأسبوع الماضي. وقبل بضعة أسابيع فقط، كانت أسعار التغطية التأمينية حوالي عُشر هذا المبلغ. وتنطوي هذه الزيادة الحادة على خطر جعل عبور الممر المائي الحيوي مكلفاً للغاية.

ونظرًا لقرب البحر الأحمر من منطقة إنتاج الطاقة في الشرق الأوسط، فإن مشكلات الشحن هذه قد تؤدي أيضًا إلى ارتفاع أسعار النفط الخام. ومع وجود أرقام أعلى من المتوقع لمؤشر أسعار المستهلكين ومبيعات التجزئة لشهر ديسمبر/كانون الأول في الولايات المتحدة، قال كريمر إن التضخم قد يكون في ارتفاع بالفعل.

وعلى الرغم من أن هذه الهجمات تلحق الضرر بالاقتصاد الأوسع، إلا أنها يمكن أن تكون بمثابة دفعة كبيرة لصناعة الشحن، التي أمضت العام الماضي في حالة ركود. لكن بالنسبة للمستثمرين، قال كريمر إن الأموال قد جرى جنيها بالفعل في أسهم الشحن، كما أنها متقلبة للغاية بحيث لا يمكن اعتبارها استثمارات طويلة الأجل.

المساهمون