على بعد أمتار من مجلس الأمة الجزائري (الغرفة الثانية للبرلمان)، في ساحة بورسعيد أو "السكوار" كما يحلو للجزائريين تسميتها، حيث أكبر سوق للعملات في الجزائر، بدأ النشاط يعود إلى السوق بعد هدوء استمر شهوراً طويلة، إذ يتزايد الطلب على العملات الأجنبية بعد سماح الحكومة أخيراً باستئناف استيراد السيارات المستعملة.
ويعد سوق العملات الممول الأول للجزائريين الراغبين في شراء النقد الأجنبي في ظل منع القانون بيع العملات في البنوك، ما عدا للمسافرين خارج البلاد في ما يُعرف بـ"منحة السفر"، التي لا تتعدى ما يعادل 15 ألف دينار من العملات الأجنبية.
يقول الشاب ربيع، الذي يعمل بائعاً للعملة في سوق "السكوار" إن "سعر العملات زاد عدة دنانير في الأيام الأخيرة، فاليورو ارتفع من 211 ديناراً لليورو الواحد إلى 218 ديناراً للبيع، في حين بلغ سعر صرف الدولار الأميركي 222 ديناراً للبيع بعدما كان عند 210 دنانير، والأسبوع قبل الماضي، تجاوز الدولار اليورو لأول مرة في السوق السوداء، كما صعد الجنيه الإسترليني من 241 إلى 243 ديناراً".
وأضاف ربيع، الذي طلب ذكر اسمه الأول فقط، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن قرار استئناف استيراد السيارات المستعملة أعاد النشاط إلى السوق، بينما عانى البائعون كثيراً منذ عام 2020، بسب إغلاق الحدود لمواجهة جائحة فيروس كورونا وتجميد الاستيراد. بدروه، توقع بائع العملة عبد الهادي أن تعود الحياة إلى سوق العملة الموازية مع فتح الاستيراد عموماً.
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد أعطى الضوء الأخضر للحكومة، في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، للسماح للمواطنين باستيراد السيارات الخاصة، التي مرّ على تصنيعها أقل من ثلاث سنوات، وذلك بعد سنوات على قرار تجميد استيراد السيارات.
وتضمنت الموازنة العامة لسنة 2023، المنتظر عرضها على البرلمان منتصف نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بنوداً تتعلق بعودة استيراد السيارات المستعملة رسمياً، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تستهدف استرضاء الشارع وامتصاص السخط الشعبي من نقص المعروض في الأسواق والغلاء.
وكان رئيس الحكومة أيمن بن عبد الرحمن قد برر، في 6 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تجميد استيراد السيارات بارتفاع فاتورة استيرادها، حيث بلغت 7.6 مليارت دولار خلال عام 2012، ونحو 7.3 مليارات دولار في 2013، ونحو 5.7 مليارات دولار في 2014.
وبمقتضى السماح مجدداً بالاستيراد، يحق لكل مواطن استيراد سيارة مستعملة مرة واحدة كل 3 سنوات، على أن تكون موجهة للاستعمال الفردي غير التجاري، وأن يُحوّل ثمنها عبر القنوات المصرفية الرسمية.
وقال الخبير الاقتصادي نبيل جمعة إن "تفاعل السوق الموازية مع رفع الحظر عن استيراد السيارات المستعملة يعود بشكل أساسي إلى كون السوق الموازية للعملة هي الممول الوحيد للجزائريين، وحتى الأجانب المقيمين في البلاد، بالعملات، فقانون القرض والنقد الجزائري يمنع على البنوك بيع العملات إلا بعد تقديم تذكرة سفر مع حجر الفندق، وذلك مرة واحدة في السنة، على ألا يتعدى حجم العملة المُباعة 15 ألف دينار.
وأشار جمعة، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى ضرورة فتح مكاتب صرف في الجزائر، وذلك لامتصاص الكتلة المالية المتداولة في الأسواق الموازية، والسماح للجزائريين بشراء العملة بطرق أكثر ليونة وبأسعار معقولة، لتجنب رفع الأسعار في السوق الموازية.