واصلت الناقلات التي تحمل النفط الروسي الإبحار عبر البحر الأحمر دون انقطاع إلى حد كبير رغم استهداف السفن حيث تواجه مخاطر أقل من المنافسين، وفقا لمسؤولين تنفيذيين في قطاع الشحن ومحللين وبيانات رحلات.
وأصبحت روسيا أكثر اعتمادا على التجارة عبر قناة السويس والبحر الأحمر منذ غزوها أوكرانيا، والذي دفع أوروبا إلى فرض عقوبات على الواردات الروسية وأجبر موسكو على تصدير معظم نفطها الخام إلى الصين والهند. وقبل الحرب، كانت روسيا تصدّر المزيد إلى أوروبا.
ووفقا لبيانات شركة فورتيكسا للتحليلات النفطية، انخفض عدد السفن الروسية التي تمر عبر البحر الأحمر بشكل طفيف منذ ديسمبر/ كانون الأول لكنها كانت الأسبوع الماضي لا تزال أعلى بنحو 20 في المائة عن المتوسط في العام 2023.
ويتناقض ذلك مع الاضطرابات واسعة النطاق التي شهدها إبحار ناقلات النفط عبر البحر الأحمر في الأسبوعين الماضيين بسبب استهداف السفن.
وأظهرت بيانات فروتيكسا إن شحنات الديزل ووقود الطائرات من الشرق الأوسط وآسيا إلى أوروبا، أحد الطرق الرئيسية لتجارة النفط من الشرق إلى الغرب، توقفت تقريبا في الأيام التي أعقبت الجولة الأولى من الضربات الانتقامية التي قادتها الولايات المتحدة على اليمن في 11 يناير/ كانون الثاني.
وتتمتع روسيا بعلاقات وثيقة مع إيران، التي تدعم الحوثيين، وربما ساعد ذلك في منع الهجمات.
لماذا لا يستهدف الحوثيون السفن الروسية؟
لا تمتلك السفن التي تحمل النفط الروسي في معظمها أي صلات بإسرائيل أو الولايات المتحدة أو بريطانيا. وقال الحوثيون إنهم يستهدفون السفن المرتبطة بتلك الدول في هجمات لإظهار التضامن مع الفلسطينيين في غزة.
وساهمت العقوبات التي فرضتها مجموعة السبع على تجارة النفط الروسية بسبب الحرب في أوكرانيا في النمو السريع لأسطول الظل من السفن التي تنقل النفط الخام والوقود الخاضع للعقوبات. ويتم استئجار هذه السفن من قبل شركات مسجلة عادة خارج الدول التي فرضت عقوبات على روسيا. كما أنها تستعين بالخدمات البحرية وعقود التأمين من الدول التي لا تفرض عقوبات.
وفي غياب الروابط الواضحة مع الشركات الغربية، فمن غير المرجح أن تكون تلك السفن هدفا.
وقال خبير النفط المخضرم أدي إمسيروفيتش: "ينقل أسطول الظل معظم النفط الخام والوقود الروسيين، لذلك من غير المرجح أن يكون في مرمى هجمات الحوثيين". وأضاف: "الحوثيون يستهدفون السفن المرتبطة بدول معينة".
وقالت ماري ميلتون المحللة في فورتيكسا، إن العديد من السفن التي تحمل شحنات روسية تشير إلى أنها غير مرتبطة بإسرائيل عبر إشارات من أنظمة التعريف الآلي التي تبث معلومات تشمل موقع السفينة ووجهتها.
ونددت روسيا، وهي شريك لقوى عربية رئيسية مثل السعودية والإمارات بالإضافة إلى علاقاتها مع إيران، بما وصفتها بالهجمات "غير المسؤولة".
وقالت مصادر إيرانية ومسؤول دبلوماسي لـ"رويترز"، الأسبوع الماضي، إن المسؤولين الصينيين يضغطون على إيران لكبح جماح الهجمات على السفن في البحر الأحمر وضمان ألا تضر بالمصالح الصينية.
استبعدت ميلتون من شركة فورتيكسا للتحليلات النفطية أن يؤثر الهجوم الذي شنّه الحوثيون الأسبوع الماضي على ناقلة تحمل وقودا تم تحميله في روسيا على تدفقات التجارة الروسية بشكل عام إذ جاء استهداف هذه السفينة تحديدا لصلتها بشركات بريطانية وأميركية.
وأضافت: "للناقلة صلات بشركات مقرها الولايات المتحدة وبريطانيا، وبالتالي السفن الأخرى التي تحمل شحنات روسية ولا ترتبط بتلك الشركات لن تواجه مثل هذه المخاطر".
تقييم المخاطر في البحر الأحمر
ووفقا لبيانات صادرة عن شركة التحليلات كبلر، الناقلة مارلين لواندا التي تعرضت للهجوم مملوكة لشركة أوشينكس سرفيسيز وهي شركة مسجلة في المملكة المتحدة مقرها لندن.
وقالت شركة ترافيغورا لتجارة السلع الأولية، والتي تملك الشحنة، إنها تُقيّم المخاطر الأمنية المترتبة على تسيير رحلات أخرى في البحر الأحمر مع استهداف السفن.
وتُظهر بيانات كبلر أن أربع ناقلات تحمل خام الأورال الروسي مرت عبر مضيق باب المندب مع ثلاث ناقلات أخرى تتجه جنوبا عبر البحر الأحمر منذ الهجوم على سفينة ترافيجورا في 26 يناير/ كانون الثاني.
وقال إيان ويلكنسون، نائب رئيس المبيعات في شركة إنشكيب لخدمات الشحن لـ"رويترز"، إن تدفق النفط الروسي يجب أن يستمر طالما كان ذلك مجديا من الناحية الاقتصادية ويمكن الحصول على تغطية تأمينية بالنظر إلى مستوى الطلب من الصين والهند.
ورجحت شيفالي شوكين، كبيرة محللي الشحن لدى شركة شحن في دبي، إن تغير الناقلات الغربية مسارها بعيدا عن البحر الأحمر وتدور حول أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح بسبب استهداف السفن.
وفي كلتا الحالتين، تتكبد شركات الشحن تكاليف مرتفعة. فإن سلكت السفينة طريق البحر الأحمر، يطلب أصحاب السفن أسعار شحن ورسوما للطاقم أعلى من المعتاد، كما ارتفعت تكاليف التأمين على السفن ضد مخاطر الحرب في المنطقة بشكل كبير.
ووفقا لمصادر في قطاع الشحن، تضاعفت رسوم الطاقم في حين تبلغ أقساط التأمين ضد مخاطر الحرب الآن حوالي واحد بالمائة من قيمة السفينة بعدما كانت 0.5 بالمائة قبل نحو 10 أيام إلا إذا كانت هناك خصومات بسبب استهداف السفن.
وارتفعت تكاليف استئجار سفينة سويزماكس بسعة مليون برميل لإرسال النفط العراقي إلى مصافي البحر المتوسط بين 2.50 و3.50 دولارات للبرميل، فيما زاد التأمين ثلاثة أمثال تقريبا إلى ما بين 10 سنتات و15 سنتا للبرميل، وفقا لمتداول مع شركة تكرير أوروبية.
ويضيف الطريق البديل عبر رأس الرجاء الصالح أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع إلى زمن الرحلة وسيتطلب وقودا إضافيا لنحو 3300 ميل بحري، بالإضافة إلى ضرائب الانبعاثات بالنسبة للسفن التي تملكها دول الاتحاد الأوروبي أو تتجه إليها.
(رويترز، العربي الجديد)