أظهرت بيانات حديثة لمصرف ليبيا المركزي أن عمليات السحب على النقد الأجنبي زادت خلال سبعة أشهر من العام الحالي إلى 14 مليار دولار، بما يفوق مصروفات النقد الأجنبي خلال العام الماضي كاملاً والمقدرة بنحو 13.5 مليار دولار.
ويأتي ذلك وسط تحذيرات محللين اقتصاديين من استنزاف الاحتياطيات نظير الطلب المتزايد على النقد الأجنبي.
وأوضحت البيانات بأن معدل الصرف من النقد الأجنبي بلغ أكثر من ملياري دولار شهريا، بزيادة الضعف مقارنة بالصرف الشهري خلال العام الماضي.
وأظهرت بيانات حديثه لديوان المحاسبة الحكومي في العاصمة الليبية طرابلس أن احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي انخفضت إلى 38.37 مليار دولار بنهاية عام 2020، مقارنة بـ44.9 مليار دولار عام 2019.
وكانت احتياطيات ليبيا نهاية عام 2010 باستثناء الذهب تبلغ نحو 134 مليار دولار.
أظهرت بيانات حديثه لديوان المحاسبة أن احتياطيات النقد الأجنبي انخفضت إلى 38.37 مليار دولار بنهاية 2020، مقابل 134 مليار دولار في 2010
وقال المحلل المالي، إدريس الشريف، لـ"العربي الجديد" إن هناك طلباً غير طبيعي على النقد الأجنبي، فالكل يريد الحصول على دولار، كملاذ آمن لمدخراتهم، مطالبا بضرورة الوقوف عند هذه النقطة من قبل صناع السياسة النقدية.
وأضاف الشريف أن المواطن يقوم بشراء الدولار وتخزينه، لعدة أسباب من ضمنها انخفاض القوة الشرائية للدينار، وأن ليبيا تستورد 85% من احتياجاتها.
ويستمر مشهد اصطفاف المواطنين في طوابير طويلة أمام المصارف التجارية لغرض الحصول على النقد الأجنبي عبر البطاقات الائتمانية بسعر الصرف الجديد 4.48 دنانير للدولار.
ومن أمام مصرف الأمان بشارع عمر المختار، في العاصمة طرابلس يقول المواطن سالم البكوش، لـ"العربي الجديد" إنه قدم من مدينة نالوت التي تبعد 175 كيلومترا شمال غربي طرابلس لغرض الحصول على البطاقة الائتمانية بـ10 آلاف دولار سنويا.
وفسر البكوش سبب الحصول على النقد الأجنبي بأنه لغرض التخزين. وقال إن أوضاع العملة الليبية لا تطمئن، والدينار فقد الكثير من قدرته الشرائية.
يستمر مشهد اصطفاف المواطنين في طوابير طويلة أمام المصارف للحصول على النقد الأجنبي عبر بطاقات الائتمان بسعر الصرف الجديد 4.48 دنانير للدولار
وأكد أستاذ الاقتصاد بجامعة مصراتة، عبد الحميد الفضيل، لـ"العربي الجديد" أن هناك عجزا في ميزان المدفوعات خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري بقيمة 1.5 مليار دولار، على الرغم من تخفيض قيمة العملة مطلع العام الحالي.
وقال إن التوسع في مصروفات النقد الأجنبي سيؤثر بشكل كبير عن وضع البلاد الاقتصادي واستمرار نزيف احتياطيات البلاد الأجنبية.
ويبلغ سعر صرف الدولار في السوق الموازي نحو 5.6 دنانير، وتحتاج ليبيا سنويا إلى 20 مليار دولار لتغطية الإنفاق العام، وفق بيانات رسمية.
من جانبه، قال مدير مركز أويا للدراسات الاقتصادية، أحمد أبولسين، في تصريحات لـ"العربي الجديد" إن الصادرات النفطية هي المصدر الوحيد للنقد الأجنبي في ليبيا، إذ لا توجد أي صادرات سلعية أو خدمية أخرى مولدة للنقد الأجنبي، كما لا توجد أي تحويلات من مصادر أخرى كالعمالة في الخارج.
وأضاف: المصرف المركزي المالك والعارض الوحيد للنقد الأجنبي في الاقتصاد، أو بمعنى أدق المسؤول الوحيد عن كل التحويلات الأجنبية من وإلى الخارج.
وقال محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، في تصريحات صحافية إن ليبيا تسعى لزيادة الإنتاج إلى 1.8 مليون برميل يوميا من مستواه الحالي ما سيضمن إيرادات تبلغ 35 مليار دولار العام المقبل، إذا بلغ متوسط النفط 60 دولارا للبرميل، مما يبقي ليبيا "في الجانب الآمن".