قدم رئيس بورصة إسطنبول هاكان آتيلا، اليوم الإثنين، استقالته بشكل رسمي من إدارة البورصة، فيما قالت مصادر تركية لوسائل إعلام إنّ الاستقالة جاءت بطلب من الحكومة، كرسالة سياسية وبادرة حسن نية تجاه الإدارة الأميركية.
وقال بيان صادر عن مجلس الإدارة في بورصة إسطنبول إنّه "وافق على استقالة آتيلا، التي تقدم بها اليوم، وتم إبلاغ القرار لرئاسة مجلس الأسواق ورأس المال (حكومي)".
وكان آتيلا قد تعرض لعقوبة السجن في نيويورك بتاريخ 27 مارس/ آذار 2017 عندما كان يشغل منصب المدير التنفيذي لمصرف "خلق بنك" المملوك للدولة، بتهمة خرق العقوبات الأميركية على إيران، وأقرت محكمة أميركية الحكم عليه بالسجن 32 شهراً، وأفرج عنه في العام 2019 بعد قضائه 28 شهراً في السجن، وكافأته الحكومة التركية بتولي منصب رئيس بورصة إسطنبول.
واعتبرت القضية سياسية بين تركيا وأميركا، حيث اعتقلت أنقرة القس الأميركي أندرو برونسون بحجة الارتباط مع حركة "الخدمة" بزعامة فتح الله غولن المتهمة بالوقوف خلف محاولة الانقلاب الفاشلة، 2016، ورفضت تركيا الإفراج عنه، وجرى حديث عن صفقة للإفراج عنهما، ولكن تم إطلاق سراح القس الأميركي أولاً، وتبع ذلك الإفراج عن آتيلا بعد عام.
وعادت قضية مصرف "خلق بنك" لتؤجج الخلافات السياسية التركية الأميركية، على خلفية الغضب الأميركي من شراء تركيا صواريخ "إس400" الروسية، ورفعت دعوى قضائية مجدداً بحق المصرف التركي، وسينظر بها في مايو/ أيار المقبل، والمضي قدماً بها ربما يفتح الآفاق لفرض عقوبات على تركيا تترك أثراً على الاقتصاد، وفقاً لمصادر "العربي الجديد".
وأفادت صحيفة "خبر تورك" بأنّ الحكومة التركية طلبت من آتيلا تقديم استقالته، حيث إنه طلب إجازة منذ شهر، بانتظار اجتماع الهيئة العامة لبورصة إسطنبول، نهاية الشهر، ولكن يبدو أن تسرّب الأنباء دفع بورصة إسطنبول للكشف عن قبولها استقالة آتيلا المقدمة اليوم.
وأضافت الصحيفة أنّ "أنقرة سمعت من الكواليس الأميركية والأوروبية انزعاجاً من تولي آتيلا منصباً رفيعاً لمؤسسة اقتصادية هامة، خاصة مع تحرك الدعوى القضائية قريباً، ولتذليل الأجواء السلبية طلب منه تقديم استقالته عند نهاية إجازته".
كما نقلت الصحيفة عن مصدر في بورصة إسطنبول أنه "كان هناك ترقب للاستقالة"، مضيفة أن "تعرض تركيا لعقوبات على خلفية قضية مصرف خلق بنك، سيؤثر على القطاع المصرفي التركي بشكل سلبي، خاصة بعد التغييرات التي أقدمت عليها الحكومة من تغيير وزير المالية السابق، صهر الرئيس رجب طيب أردوغان براءت ألبيرق، وتعيين حاكم جديد للمصرف، وتعزيز السياسات النقدية".
وختمت الصحيفة بالقول إنّ "استقالة آتيلا ستكون بادرة حسن نية تركية باتجاه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، تحمل في طياتها رغبة في تحسين العلاقات الثنائية".
وفي السياق، كشفت مصادر خاصة، لـ"العربي الجديد"، أنّ سياسة آتيلا لم تعد تتوافق مع الخطط التركية وبرنامجها الاقتصادي، مبينة أن المهم هو ديمومة الاستثمارات والأموال وليس المضاربات وصعود مؤشر البورصة بأموال آنية.
وأضافت المصادر: "صناع القرار يتطلعون لتنمية حقيقية وجذب رساميل وأموال تضخ بالقطاعات الإنتاجية والخدمية، ومدير عام البورصة آتيلا رجل جيد قدم ما بوسعه منذ تسلمه المنصب في يوليو/ تموز 2019".
في الوقت نفسه، استبعدت المصادر أن تكون الاستقالة لإبعاد آتيلا عن المشهد بعد سجنه في أميركا، وقالت: " لا دخل لتلك المسائل، الرجل استقال بمحض إرداته ومن الجيد ضخ دماء ووجوه جديدة على الدوام"، نافية ما تناقلته بعض وسائل الإعلام التركية من أنّ "الطاقم الاقتصادي الجديد في تركيا يقوم بحملة لعزل عدد من المسؤولين من مناصبهم".