كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" مؤخرا أنّ قطر تبحث مراجعة استثماراتها المستقبلية في لندن وتدرس فرص الاستثمار في مدن ودول المملكة المتحدة الأخرى، وذلك ردّاً على حظر هيئة النقل في لندن الإعلانات عن كأس العالم الذي تنظمه قطر على الحافلات وسيارات الأجرة وقطارات الأنفاق في العاصمة، ربطاً بمنع إظهار شعار المثليين في المباريات.
وتطاول استثمارات قطر في لندن الملايين من المقيمين، نظراً لحجمها وتوسعها في العديد من القطاعات الحيوية. ويقول الدكتور نيل كويليام، زميل مشارك في المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن "تشاتام هاوس"، ومحلل أول وخبير في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في حديث مع "العربي الجديد" حول إمكانية سحب قطر لاستثماراتها من لندن والفرص البديلة المتاحة لها في المملكة المتحدة، إنّه من غير المحتمل أن تسحب قطر محفظتها الاستثمارية الكبيرة في لندن.
ويتابع أن القيام بذلك ضربة واحدة لن يكون منطقياً تجارياً أو دبلوماسياً "فالعلاقة بين المملكة المتحدة وقطر قوية جداً. وفي حين أن الرسائل العامة ربما كانت تهدف إلى التعبير عن استياء من قرار هيئة النقل في لندن، فمن غير المرجّح أن تكون هذه أكثر من مجرد رسالة".
ويلفت إلى أنّ حكومة المملكة المتحدة تحرص على جذب المزيد من الاستثمارات إلى مناطق أخرى من البلاد، ولا سيما البلدات والمدن الشمالية، وفي حال بدأت قطر بسحب الاستثمارات من لندن بشكل تدريجي، فسيتم تشجيعها من قبل مكتب رئيس الوزراء على البحث عن فرص استثمارية في أماكن أخرى في المملكة المتحدة.
وسبق أن أعرب رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون عن تقديره للجهود القطرية في مايو/ أيار 2022، خلال لقائه أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني في داونينغ ستريت. ووقّعت المملكة المتحدة وقتها مع قطر شراكة استثمار استراتيجية جديدة (SIP)، تتضمن استثمار قطر ما يصل إلى 10 مليارات جنيه إسترليني على مدى السنوات الخمس المقبلة في القطاعات الرئيسية للاقتصاد البريطاني، بما في ذلك التكنولوجيا المالية والمركبات التي تنعدم فيها الانبعاثات وعلوم الحياة والأمن السيبراني.
بالإضافة إلى ذلك، تطاول الاستثمارات القطرية في لندن حياة ملايين الناس، وتعدّ بريطانيا عميلاً رئيسياً للغاز مع قطر، حيث تزود بريطانيا بنحو 9 في المائة من واردات الطاقة. ومن الناحية النظرية، هذه هي الكمية المطلوبة لتشغيل غلايات حوالي مليون منزل بريطاني. وهذه الاستثمارات آخذة في الازدياد، فبحسب بيانات هيئة قسم التجارة الدولية البريطانية بلغ إجمالي التجارة في السلع والخدمات (الصادرات والواردات) بين المملكة المتحدة وقطر 8.7 مليارات جنيه إسترليني في الأرباع الأربعة حتى نهاية الربع الثاني من عام 2022، بزيادة قدرها 98.3 في المائة أو 4.3 مليارات جنيه إسترليني.
وبلغ إجمالي صادرات المملكة المتحدة إلى قطر 3.1 مليارات جنيه إسترليني، فيما وصل إجمالي وارداتها من الدوحة إلى 5.5 مليارات جنيه إسترليني. وكانت قطر الشريك التجاري التاسع والعشرين للمملكة المتحدة حتى نهاية الربع الثاني من العام الحالي، وهي تمثل 0.6 في المائة من إجمالي تجارة المملكة المتحدة.
ومن بين استثمارات قطر الأجنبية أيضاً 5 في المائة من أسهم البنك السويسري "كريديت سويس" و20 في المائة في مطار هيثرو. ووجد التحليل الأخير الذي أجرته شركة "ألفورد هيوز قطر" أنه بين عامي 2018 و2021 زاد عدد العقارات المملوكة للأفراد القطريين بنحو 50 في المائة في منطقة وستمنستر على وجه الخصوص، وهي واحدة من أكثر المناطق المرغوبة في لندن. وتفيد البيانات التي جمعتها "إرنست ويونغ" في لندن (EY) إحدى أكبر الشركات المهنية في العالم بأن لندن هي المدينة "الأكثر جاذبية" للمستثمرين الأجانب حيث يمتلك مالكوها من الخارج عقارات بقيمة 45 مليار جنيه إسترليني في العاصمة.