استبعاد إقالة حاكم مصرف لبنان "وزارياً": ليأخذ القضاء مجراه

22 مايو 2023
رياض سلامة حاكم مصرف لبنان (Getty)
+ الخط -

قرّرت السلطة السياسية في لبنان ترك البتِّ بملف حاكم البنك المركزي رياض سلامة للقضاء اللبناني، مع استبعاد أي اتجاه لإقالته من قبل مجلس الوزراء، رغم التحذيرات الاقتصادية التي خرجت من خطورة بقائه في منصبه على النقد الوطني والنظام المالي وتعاملات لبنان مع المصارف الخارجية والجهات الدولية المانحة.

وعقد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لقاءً تشاورياً مع الوزراء بعد ظهر اليوم الاثنين، بحث ملف حاكم البنك المركزي رياض سلامة، بعد تسلّم لبنان مذكرة من الإنتربول بتوقيفه، إثر ادعاء القضاء الفرنسي عليه بتهم الاختلاس وتبييض الأموال.

وقال أحد الوزراء المشاركين في اللقاء (فضل عدم الكشف عن اسمه)، لـ"العربي الجديد"، إن "اللقاء اليوم خُصِّصَ لبحث قضية سلامة، والمذكرة الصادرة بحقه، وتداعيات القرار على لبنان من الجوانب كافة، وانقسمت الآراء بين مؤيد لإقالته ورافض لها، بالنظر إلى إيجابيات وسلبيات الخطوة، مع حدوث بلبلة داخل الاجتماع، وبين من يفضل أن يتنحّى بنفسه ويستقيل".

وأشار الوزير اللبناني إلى أن "اللقاء خلص إلى أن الحكومة لا تدعم سلامة ولا تغطّيه، لكن تفضّل ترك الملف بيد القضاء اللبناني حتى يكون صاحب القرار في القضية، وذلك حفاظاً على ما تبقّى من مؤسسات الدولة"، لافتاً إلى أن "مجلس الوزراء سيعقد جلسة بعد ظهر يوم الجمعة المقبل، ستُخصّص لبحث ملف اللاجئين السوريين، ومن المستبعد أن تشمل قضية سلامة أو إقالته، التي تعدّ مستبعدة من جانب مجلس الوزراء".

وتسلّم لبنان، الجمعة، مذكرة من الإنتربول بتوقيف رياض سلامة بعد الادعاء الفرنسي عليه، وفق ما أعلن وزير الداخلية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، الذي دعا سلامة إلى التنحّي فوراً، كحال نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، في وقتٍ لا يزال حاكم البنك المركزي يرفض تقديم استقالته، ويتمسّك بالبقاء على رأس الحاكمية حتى انتهاء ولايته في يوليو/تموز المقبل.

ويُتهم القضاء اللبناني ومعه الأجهزة الأمنية بحماية سلامة، والتقاعس عن أداء دورها، خصوصاً أخيراً في مسألة تبليغه بالجلسة الفرنسية، بذريعة عدم ايجاده، وهو ما استند إليه لعدم المثول أمام القاضية الفرنسية أود بوروسي في باريس، رغم أن سلامة معروف المكان، وقد أجرى لقاء تلفزيونياً بعد صدور المذكرة بحقه.

وأعلن سلامة في تصريحات لقناة "الحدث"، الخميس الماضي، أنه إذا صدر أي حكم بحقه فسيتنحى، وأنه لن يبقى في منصبه بعد انتهاء ولايته في تموز/يوليو المقبل، مؤكداً أن نائبه الأول (وسيم منصوري) سيستلم منصبه بعد انتهاء ولايته. (مع الإشارة إلى أن للحاكم 4 نواب، ويفترض أن يستلم نائبه الأول مكانه مؤقتاً، حتى انتخاب رئيس جمهورية للبلاد وتعيين حاكم جديد).

 ونصح سلامة القضاء بالبدء بالسياسيين وليس بحاكم المصرف المركزي.

وخرجت دعوات نيابية ووزارية لإقالة أو استقالة الحاكم، نظراً لخطورة بقائه في منصبه، بعد الاتهام الدولي الرسمي له، على النقد الوطني والنظام المالي وتعاملات لبنان مع المصارف الأجنبية والجهات الدولية المانحة.

ويلفت خبراء قانونيون في لبنان إلى أن سيناريو إقالة سلامة من قبل مجلس الوزراء مستبعدٌ، وهو صاحب الصلاحية بذلك، باعتبار أن الحاكم لا يزال مغطى سياسياً، ويجرى التذرع علانية بالحفاظ على مؤسسات الدولة، وهي الحجة نفسها التي أبقته وتبقيه حتى الساعة في منصبه، رغم الأزمة النقدية في البلاد واحتجاز الودائع والسياسات النقدية التي باتت مفضوحة.

ويشير الخبراء إلى أن السلطات اللبنانية، كما بات معلوماً، لن تسلم سلامة، الذي يحمل أيضاً الجنسية الفرنسية، إلى القضاء الفرنسي، بحجة التنازع الإيجابي للجنسيات، وأفضلية القضاء اللبناني على الفرنسي، وعملاً بأن لبنان لا يسلّم رعاياه.

وهذا المبدأ هو نفسه الذي سار عليه لبنان في قضية رجل الأعمال كارلوس غصن، الرئيس السابق لتحالف رينو- نيسان، الذي احتجزه القضاء الياباني بتهم الفساد والاختلاس، قبل أن يهرب من اليابان إلى لبنان حيث يعيش اليوم، ولم يصدر القضاء اللبناني بحقه أي حكم، وهو يكرّم ويتلقى الجوائز التكريمية في مناسبات خاصة.

 

المساهمون