لم تكف أسعار السولار والبنزين عن الارتفاع في المغرب خلال العام الحالي، كي تستقر في الفترة الحالية على التوالي عند مستوى 9.99 دراهم و11.70 درهم للتر الواحد، ما يثقل على القدرة الشرائية لأصحاب المركبات الخاصة ويساهم في رفع أسعار بعض السلع نتيجة زيادة تكاليف النقل.
ويلاحظ بنك المغرب (البنك المركزي) أنه بعد انخفاض بنسبة 12.4 في المائة في العام الماضي لأسعار الوقود وزيوت التشحيم، عادت لترتفع بنسبة 13.5 في المائة في العام الحالي، متوقعا أن تكون الزيادة في حدود 4 في المائة في العام المقبل وانخفاض بنسبة 1 في المائة في عام 2023.
وتجلى من بيانات مكتب الصرف الحكومي، أن فاتورة واردات الطاقة ارتفعت في العشرة أشهر الأولى من العام الحالي بنسبة 43.1 في المائة، لتستقر في حدود 6 مليارات دولار، ما يساهم في توسيع عجز الميزان التجاري البالغ في تلك الفترة حوالي 16.7 مليار دولار.
وكانت الحكومة المغربية وعدت في العام الماضي، عندما تراجع سعر البرميل إلى مستويات دنيا، بتخزين النفط الخام في خزانات مصفاة شركة "سامير"، غير أن ذلك المشروع لم يترجم على أرض الواقع.
ويعتبر رئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ مصفاة "سامير"، الحسين اليماني، أنه لو عمدت الحكومة إلى تفعيل ذلك التدبير في العام الماضي، لكان المغرب بالنظر للطاقة التخزينية التي تصل إلى مليون برميل، قد وفر منذ ذلك التاريخ حوالي 620 مليون دولار من فاتورة الواردات.
ويلاحظ اليماني في حديثه لـ"العربي الجديد" أن هناك تقاربا كبيرا في الأسعار التي تطبقها محطات توزيع الوقود، وهو ما يرده إلى كون تلك الشركات تعمد إلى الشراء المشترك من السوق الدولية كما تلجأ إلى التخزين المشترك.
وتشير الجبهة الوطنية لإنقاذ مصفاة "سامير" التي أسسها المغرب في الستينيات من القرن الماضي، إلى أن دراسة أنجزتها توصلت إلى أن أرباح شركات الوقود من السولار والبنزين منذ التحرير في 2015 إلى غاية 2020، وصلت إلى حوالي 4 مليارات دولار.
ويلاحظ اليماني أن أسعار السولار والبنزين ما فتئت ترتفع منذ تحرير الأسعار في 2015، مؤكدا أن أرباح الشركات ارتفعت ضمن بنية الأسعار من 7 في المائة لسعر السولار قبل التحرير إلى 14 في المائة بعد التحرير.
ولم تكف شركات الوقود في توضيحاتها عن التأكيد على أن الأسعار المعتمدة في السوق الداخلية، يتحكم في تحديدها سعر النفط المكرر والتأمين والنقل، بالإضافة إلى الضريبة الداخلية على الاستهلاك والضريبة على القيمة المضافة التي تمثل حسب تلك الشركات 40 في المائة من السعر الإجمالي.
ويرى اليماني أن الحل من أجل خفض الأسعار يتمثل في إحياء الصناعة الوطنية للتكرير، مسجلا أن ذلك كان بين توصيات مجلس المنافسة، معتبرا أن إغلاق المصفاة وضع السوق بين أيدي عدد قليل من المستوردين.
من جانبه، يتصور المسؤول بإحدى محطات الوقود، محمد المزابي، أن ارتفاع الأسعار في العام الحالي مرده إلى مستوى الأسعار في السوق الدولية والانتعاش الاقتصادي وعودة الطلب، الذي تراجع كثيرا في فترة الحجر الصحي، حيث كانت الأسعار هوت إلى مستويات الفترة التي سبقت تحرير الأسعار.
ويؤكد المزابي لـ"العربي الجديد" أن الأسعار في السوق المحلية خلال العام المقبل تبقى رهينة العرض في السوق العالمية، غير أن دور فيروس كورونا سيكون حاسما، إذ قد تنجم عنه، في حال لم يتراجع انتشاره، حالة من الارتباك تفضي إلى تراجع النشاط الاقتصادي والاستهلاك، ما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار أو استقرارها.
وسبق لمجلس الحسابات (حكومي) أن أكد على إنجاز تحرير أسعار السولار والبنزين، دون إعداد جيد، حيث ذهب إلى أن التحرير تم رغم إغلاق المصفاة الوحيدة التي يتوفر عليها المغرب، وهي المصفاة التي كانت تساهم في توازن السوق، معتبرا أن الحكومة لم تتخذ التدابير الواجبة بهدف حماية المستهلك.