استقبل سودانيون إعلان زيادات الأجور في الموازنة العامة المقبلة بارتياح، نتيجة للظروف المعيشية الضاغطة التي يعيشها ذوو الدخل المحدود من الموظفين والعمال.
وأعلنت وزارة المالية السودانية، عبر وزيرها جبريل إبراهيم، عن زيادة حقيقية في الأجور، وقال إن الإيرادات الحالية تفي بمتطلبات الزيادة الجديدة وتسيير الحكومة والولايات، و"تحسن من وضع الموظفين، ولن يبتلعها السوق".
ووصفت مديرة الفصل الأول، الأجور والرواتب، السابقة بوزارة المالية والتخطيط الاقتصادي أسماء مصطفى، في حديث مع "العربي الجديد"، إعلان وزير المالية عن تمويل زيادة الأجور بالموازنة من مصادر إيرادية حقيقية بـ"المطمئن".
وشددت أسماء مصطفى على ضرورة أن يغطي المبلغ الكلي للإيرادات بالموازنة المصروفات على الأجور حتى لا يحدث عجز عن السداد، معربة عن توقعاتها في تضمين الزيادة في الأجر الأساسي.
وقالت إن الزيادات التي تمت أخيرا على الأجور لم تكن مدروسة، وخلقت مشكلات كبرى وعجز عن تغطيتها، ولم تستبعد أثر الزيادة السالب على الأسواق والأسعار، متسائلة حول كيفية كبح وزارة المالية جماح التضخم لمنع امتصاص زيادة الأجور.
وطبقت الحكومة السودانية، منتصف إبريل/ نيسان الماضي 2021، زيادة في الحد الأدنى للأجورللعاملين في الدولة من 425 جنيهاً إلى 3 آلاف جنيه، لمقابلة الزيادات في أسعار السلع بالأسواق وغلاء المعيشة، والارتفاع المتصاعد في التضخم.
وتوقع الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية بولاية الخرطوم الطيب طلب، في حديث مع "العربي الجديد"، امتصاص الأسواق للزيادات الجديدة المعلنة على الأجور حال حدوث ارتفاع جديد في سعرالصرف بالسوق الموازية، مؤكدا أن "الزيادات السابقة على الأجور تزامنت مع بدء تحرير سعر الصرف، ما أدى لتآكلها بفعل الزيادات الكبرى في أسعار السلع، خاصة المستوردة منها".
وقال طلب إن "الموازنة العامة الجديدة ستجابه بعجز إيرادي كبير لاعتمادها على المساعدات الخارجية، وما لم تحدث معالجة جذرية وعاجلة للمشاكل السياسية الراهنة، فلن يتم الإيفاء بزيادة الأجور وسيتفاقم التضخم وترتفع أسعار السلع الاستهلاكية، خاصة أنه تم تنفيذ الزيادة من موارد غير حقيقية أو عبر طباعة النقود لتمويلها بالعجز".
وقال الأمين العام السابق لمجلس الأجور عبد الرحمن يوسف حيدوب إن "الزيادة في الأجور حتمية رغم امتصاص السوق لها فوريا". وأشار، في حديث سابق مع "العربي الجديد"، إلى أن "تحديد الزيادات في الأجور تتفاوت وفقا للدرجات الوظيفية، وحسب تقديرات وزارة المالية وقدرتها على توفير تمويل لها من موارد حقيقية".
وذكر المحلل الاقتصادي الأكاديمي عبد الرحمن الدومة، لـ"العربي الجديد"، أن "أي إعلان عن زيادة على الأجور في هذا التوقيت سابق لأوانه واستهلاك سياسي".
وذهب الدومة إلى "أهمية الانتهاء أولا من تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة استجابة لاشتراطات المجتمع الدولي ومؤسسات التمويل الدولية، وإعادة انسياب مساعداته الاقتصادية للسودان في شكل قروض ومنح وتدفق استثمارات خارجية".
وأكد أن "انسياب المساعدات يضمن وجود صرف حقيقي على الزيادات على الأجور، وليس عبر التمويل بالعجز".
وألمح الدومة لـ"وجود دفوعات قوية مستترة يستند إليها وزير المالية في إعلانه زيادات الأجور، أهمها إيقاف النزيف الداخلي الحاد من الخزينة العامة والصرف المفتوح على الشركات الأمنية والجيش، والإنفاق الحكومي البذخي".
وأكد استهلاك القطاع السيادي بمفرده ميزانية 3 وزارات خدمية، وهي الصحة، التربية والتعليم، الرعاية والضمان الاجتماعي، مبينا أن تحقيق ذلك يوفر إيرادات هائلة يمكن استغلالها في مقابلة الزيادة على الأجور.