أعلنت 3 اتحادات عمالية مغربية (الكونفدرالية العامة للشغل، فيدرالية النقابات الديمقراطية، المنظمة الديمقراطية للشغل) خوض إضراب عام إنذاري، في 20 يونيو/ حزيران الحالي، يشمل قطاعات الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية (المحلية) والنقل واللوجستيك، احتجاجاً على الحكومة وغلاء المعيشة.
وعزت الاتحادات العمالية قرارها بخوض الإضراب العام إلى "القرارات الحكومية المتعلقة بالزيادات المتتالية في أسعار المواد الأساسية وأسعار المحروقات، والزيادات المتكررة في أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية (الدقيق، السكر، الزيت، الغاز)".
وحذرت، في بيان، الحكومة من "الاستمرار في الإجهاز على مكتسبات الطبقة العاملة وحقها في العيش الكريم"، معتبرة أن الزيادات في الأسعار "تهدد الأمن الغذائي لملايين المغاربة، في ظل استمرار تداعيات جائحة كورونا وآثار الجفاف".
ويتزامن الإضراب المرتقب مع الذكرى التاريخية لانتفاضة 20 يونيو 1981، التي تميزت باحتجاجات اجتماعية شعبية شهدتها مدينة الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمملكة، رداً على زيادة في أسعار مواد غذائية أساسية، وخلّفت ضحايا، ما جعلها موضوع جدل حقوقي داخلي يؤرخ لمرحلة من "سنوات الرصاص" بالبلاد إلى حين إعلان مقبرة رسمية لضحاياها عام 2016.
وبحسب الأمين العام للمنظمة الديمقراطية للشغل علي لطفي، فإن الاتحادات العمالية تروم من خلال الإضراب العام "توجيه رسائل تحذير للحكومة لإعادة النظر في سياسة الهروب إلى الأمام التي تنهجها اتجاه أصوات الغضب الشعبي والعمالي ضد الارتفاع الجنوني لأسعار المحروقات والمواد الغذائية الأساسية الواسعة الاستهلاك وحتى الخدمات الاجتماعية (فواتير الماء والكهرباء)".
ولفت إلى "التنديد بالسياسات اللاشعبية التفقيرية للحكومة، ومطالبتها باتخاذ إجراءات مستعجلة للحد من غلاء المعيشة وتدمير القدرة الشرائية للطبقة العاملة وعموم الجماهير الشعبية الفقيرة".
كما تروم الخطوة الاحتجاجية ضد حكومة عزيز أخنوش التنديد بتركها للأبواب مشرعة على الحرية المطلقة للأسعار التي تحولت إلى فوضى الأسعار، إلى درجة أن بعض الجهات تحقق أرباحاً مضاعفة في ظل الأزمة.
ويقول لطفي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة بهذه القرارات تزيد في تعميق الفوارق الطبقية والاجتماعية.
وقال المسؤول النقابي: "سجلنا مع كامل الأسف الإهمال التام للحكومة لنداءات الطبقة العاملة وعموم الجماهير الشعبية التي تكتوي بنار الأسعار وتدني قدرتهم الشرائية، ولجوءها للصمت أو تقديم مبررات بدل البحث عن الحلول الاقتصادية والاجتماعية لمعالجة المشاكل الناجمة عن ارتفاع أسعار المحروقات وتداعياتها على المجالات كافة".
ولفت إلى أن قرار الإضراب العام هو "ترجمة لغضب الشارع والطبقة العاملة، في وقت غابت فيه الشعارات المعلنة للحكومة إبان الحملة الانتخابية، وفي تصريحها أمام البرلمان، عن تحسين الوضع المعيشي للمغاربة وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية والتوزيع العادل للثروات الوطنية".
إلى ذلك، طالب لطفي الحكومة بالزيادة في الأجور ومعاشات المتقاعدين، والحد من ارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية واسعة الاستهلاك، وتخفيض الضريبة على القيمة المضافة على المحروقات وتقليص هوامش الربح على شركات المحروقات، بالإضافة إلى تأميم شركة "سامير" (مختصة في تكرير وتجارة النفط، وهي تملك المصفاة الوحيدة في البلاد)، وضمان أمن الطاقة بالاستثمار في الطاقات المتجددة، وفتح حوار اجتماعي مؤسساتي حقيقي يضم كل الأطراف الاجتماعية والاقتصادية، بما فيها تنسيقية حملة الشهادات الجامعية العاطلين من العمل.
وكانت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية العلوي، قد أعلنت، خلال الجلسة الأسبوعية للأسئلة الشفهية بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) المنعقدة الاثنين الماضي، أنه "لا يمكننا دعم المحروقات ولا نتوافر على ميزانية كافية لذلك"، مضيفة أن "الحكومة اليوم مطالبة بتدبير الأزمة".
وقالت المسؤولة الحكومية إنه لا توجد رؤية واضحة حول الأسعار، ولا يمكن أحداً التكهن بوقت انتهاء هذه الأزمة، مؤكدة أن الرهان في ظل هذا الوضع يتمثل بتوفير مخزون من المحروقات، وأن الحكومة "معبّأة وتشتغل مع جميع الشركاء لتزويد السوق المغربية بالمحروقات، وأيضاً الحبوب، تجنباً لأي مشكل في التمويل".