اتّهم خبراء اقتصاد زراعي، الحكومة المصرية بفتح باب استيراد ما وصفوه بأنه "مخلفات القمح الأجنبي"، مشيرين إلى أن الاستيراد خلال فترة التوريد المحلي من المزارعين، يفتح الباب لتلاعب التجار، عبر توريد قمح مستورد مخلوط بالمحلي، للاستفادة من فارق السعر، الذي يحظى به القمح المصري.
ومصر أكبر مستورد عالمي للقمح، وتستهلك نحو 15 مليون طن سنوياً، يتم استيراد 10 ملايين طن منها من الخارج.
وبلغت كميات القمح المستوردة منذ بداية العام الحالي نحو 5.1 مليون طن قمح من روسيا وأوكرانيا ورومانيا وفرنسا وأميركا، حسب بيانات وزارة التموين والتجارة الداخلية.
وقال مستشار وزارة التموين الأسبق وخبير البورصات السلعية، نادر نور الدين، لـ"العربي الجديد"، إن وزارة التموين والتجارة الداخلية تخالف الاتفاق الموقع بينها وبين وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي عام 2008، الذي ينص على عدم استيراد أقماح أجنبية وقت موسم الحصاد وتوريد القمح المحلي.
وأوضح نور الدين أن من فتح باب الاستيراد في وقت التوريد المحلي يفتح الباب لتلاعب التجار وتوريد قمح مستورد، بعد خلطه بكميات قمح محلي والاستفادة من فارق السعر، الذي يزيد عن 400 جنيه (55.9 دولاراً) عن الطن الواحد.
وأضاف "وزارة التموين تستورد القمح القديم إنتاج العام الماضي، أي أنها تدعم الفلاح الأجنبي من خلال تصريف مخزونهم الراكد من القمح.. الحكومة تستورد الآن مخلفات المخازن الأجنبية". وأشار إلى أن استيراد الحكومة للقمح الآن، يأتي في إطار تغطيتها على حجم التراجع في التوريد المحلي.
ووصف أستاذ الاقتصاد الزراعي، الدكتور مختار الشريف، استيراد وزارة التموين الداخلية القمح من الخارج في هذا التوقيت بتفضيل المنتج الأجنبي على المحلي.
وقال الشريف في تصريح لـ"العربي الجديد" إن القمح المستورد يزاحم المحلي في عملية التخزين في الشون والصوامع، التي يوجد بها فقر ولا تستوعب الكميات التي تستهلكها مصر. وأضاف أن عدداً كبيراً من التجار بالقطاع الخاص يستوردون قمحاً ويوردونه للحكومة على أساس أنه قمح محلي بالتواطؤ مع أمناء الشون بالمحافظات.
ورفض ما تقوله وزارتا الزراعة والتموين، حول ارتفاع معدل توريد القمح هذا العام عن العام السابق.
وقال الشريف موضحاً "معدل توريد القمح المحلي لم يتجاوز 2.4 مليون طن حتى الآن، ومعدلات القمح المحلي دائماً تدور بين 3.2 و3.4 مليون طن منذ فترة كبيرة، فضلاً عن أن إنتاجية الفدان انخفضت هذا العام بنسبة تزيد عن 25% مقارنة بالعام الماضي".
وفي المقابل، قال المتحدث باسم وزارة التموين والتجارة الداخلية، محمود دياب، إن الوزارة لجأت لاستيراد القمح لتأمين حاجة البلاد من القمح طوال العام. وأضاف لـ"العربي الجديد" أن الوزارة تتشدد في استقبال القمح، حيث يتم أخذ عينات عشوائية من كميات قمح يتم توريدها سواء من التجار أو الفلاحين.
وأشار إلى أنه تم توريد 3.2 مليون طن خلال الموسم الحالي إلى الشون والصوامع لصالح الهيئة العامة للسلع التموينية من التجار والمزارعين، منذ بدء عملية توريد محصول القمح في منتصف أبريل/نيسان الماضي.
وأشار إلى أن باب توريد القمح المحلي سيظل مفتوحاً حتى منتصف يوليو/تموز المقبل، للوصول إلى المستهدف من عملية التوريد البالغ 4 ملايين طن.
الدولار = 7.15 جنيه مصري.