اتفاق على إنشاء مركز للغاز الطبيعي في تركيا و3 عوامل تدعم حلم أنقرة

19 أكتوبر 2022
لقاء الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين في كازاخستان (Getty)
+ الخط -

قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الأربعاء، إنه اتفق مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على إنشاء مركز للغاز الطبيعي في تركيا.

وخلال حديثه لأعضاء من حزب العدالة والتنمية الحاكم في البرلمان، قال أردوغان إن بوتين أبلغه بأن أوروبا تستطيع الحصول على احتياجاتها من الغاز عبر هذا المركز في تركيا.

واقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الأربعاء 12 أكتوبر بأن روسيا قد تعيد توجيه الإمدادات المخصصة لخط أنابيب نورد ستريم التالف إلى البحر الأسود لإنشاء مركز غاز أوروبي رئيسي في تركيا. 

أضاف "يمكننا نقل كميات الغاز الضائعة في نورد ستريم... إلى منطقة البحر الأسود، وبالتالي تحويل الطرق الرئيسية لتوريد وقودنا، غازنا الطبيعي إلى أوروبا، عبر تركيا، وإنشاء أكبر مركز للغاز المتجه لأوروبا في تركيا".

ووفق خبراء فإن هنالك ثلاثة عوامل رئيسية تجعل من تركيا دولة محورية في تغذية أوروبا بالغاز الطبيعي، وهذه العوامل هي: الموقع الجغرافي الاستراتيجي القريب من أوروبا ومن مناطق الإنتاج الرئيسية في آسيا الوسطى، وشبكة الأنابيب الجاهزة التي أعدتها تركيا منذ سنوات، وتربط تركيا بعدة دول في آسيا والمنطقة العربية وأوروبا، وثالثاً، عضوية تركيا في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وهو ما يجعلها دولة آمنة وتحقق شروط "أمن الطاقة الأوروبي".

في الشأن، قال المعهد الألماني للشؤون الأمنية والدراسات الدولية في دراسة، إن رغبة الاتحاد الأوروبي في تقليل اعتماده على روسيا للغاز وتنويع مصادر إمدادها من خلال التحول إلى موارد آسيا الوسطى والشرق الأوسط وشرق المتوسط ​​يعطي نظرياً لتركيا دوراً رئيسياً في إمداد الاتحاد الأوروبي بالغاز الطبيعي بسبب موقعها الاستراتيجي بين أوروبا وآسيا ودول منطقة الشرق الأوسط الغنية بالهيدروكربونات.

وأشار إلى أن هذا الموقع الاستراتيجي لم يمكّن تركيا حتى الآن من لعب دور المركز الاستراتيجي في مد أوروبا بالغاز الطبيعي، بالنظر إلى الحصة المحدودة من الطاقة التي تمر عبرها إلى أوروبا.
لكن مع الغزو الروسي وبحث أوروبا عن مصادر طاقة بديلة تحل محل الغاز الروسي، قال المعهد الألماني: يعود السؤال القديم مرة أخرى إلى الطرح، هل يمكن أن تصبح تركيا دولة عبور رئيسية لإمدادات الطاقة؟

ويقول المعهد في إجابته عن السؤال: "في حين أن هناك بعض البدائل التي يمكن العثور عليها في بحر الشمال والنرويج وشمال أفريقيا والشرق الأوسط والقوقاز والولايات المتحدة (الولايات المتحدة)، إلا أن هناك عقبات فنية وبنية تحتية وأزمة وقت تواجه الدول الأوروبية في الاستفادة من هذه الإمدادات، وتجعل من تركيا دول محورية في تغذية أوروبا بالغاز".

على الصعيد الجغرافي، يقول المعهد إن موقع تركيا يجعل منها ممراً استراتيجياً لتجميع الغاز وتمريره إلى أوروبا، لثلاثة أسباب رئيسية، وهي أنها دولة آمنة بالنسبة إلى أوروبا، وعضو في حلف الناتو، وقريبة من الدول الغنية بالغاز، مثل أذربيجان وتركمانستان وإيران والعراق.

لذلك يتساءل الكثير من خبراء الطاقة لماذا لا تستعين أوروبا بتركيا كدولة مناسبة لإيجاد بدائل للغاز الروسي وذات جاذبية لنقل الطاقة إلى أوروبا، خاصة أن لديها بنية أنابيب شبه مكتملة لاستقبال الغاز من الدول المنتجة ونقله إلى الدول المستهلكة في أوروبا.

ووسط الاتفاق بين أردوغان وبوتين في بداية الشهر الجاري، قد تستطيع أنقرة اغتنام هذه الفرصة لتحقيق حلمها طويل الأمد في أن تصبح بلد العبور الرئيسي للأسواق الأوروبية. أما بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي وتركيا، فثمة إمكانية لربط الغاز الإيراني والتركمانستاني والكردي العراقي بشركة SGC عبر أنابيب (TANAP وTAP) وبناء خطوط أنابيب جديدة لتوسعة حجم الغاز من حقول آسيا الوسطى لتنفيذ استراتيجيات مهمة تغذية أوروبا.

وبالنسبة إلى الغاز من إقليم كردستان العراق، تقدر وزارة الموارد الطبيعية في إقليم كردستان الاحتياطيات المؤكدة من الغاز القابلة للاستخراج من الإقليم بنحو 25 تريليون قدم مكعب، ونحو 198 تريليون قدم مكعب من احتياطات الغاز غير المؤكدة، وهو احتياطي كبير جداً، بالنظر إلى الإمكانات والقرب من الأسواق التركية والأوروبية.

وبالتالي يمكن أن يكون الغاز الكردي بسهولة بديلاً استراتيجياً قابلاً لإحلاله محل الغاز الروسي. ولكن هنالك تحديات سياسية وأمنية ومالية متعلقة بالبنية التحتية وإشكالات قانونية وقد تحتاج فيها تركيا إلى مساعدة أميركية وأوروبية.

وحتى الآن الأنبوب الوحيد الذي يمكن أن يمد أوروبا بالغاز الطبيعي هو خط أنابيب الغاز الطبيعي العابر للأناضول (TANAP) عبر تركيا، الذي ينقل 10 مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً إلى أوروبا، وتأخذ تركيا 6 مليارات متر مكعب من الغاز الأذري.

وتخطط أذربيجان لزيادة طاقة الإنتاج من الغاز، وبالتالي يمكنها زيادة إمداداتها من الغاز إلى أوروبا عبر تركيا. أما الاحتمال الآخر الذي يجعل من تركيا مركزاً لتصدير الغاز إلى أوروبا، فهو قربها من دولة تركمانستان الغنية بالغاز.

وهناك أمل بأن تتمكن تركمانستان من تحرير قرارها من الهيمنة الروسية، وبالتالي ضخ الغاز إلى أوروبا عبر أذربيجان إلى تركيا من طريق بناء أنبوب جديدة أو توسيع الأنابيب الحالية.

ومع ذلك، سيتطلب ذلك من تركمانستان زيادة طاقتها الإنتاجية. وتنتج تركمانستان حالياً 62 مليار متر مكعب سنوياً، تستخدم نصفها محلياً، وتصدر النصف الآخر إلى الصين.

المساهمون