إيغور كولومويسكي، ملياردير أوكراني يهودي الأصل تقدر مجلة "فوربس" العالمية ثروته بنحو مليار دولار، ولعب دورا محوريا ماليا وإعلاميا في وصول الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إلى سدة الحكم في عام 2019، بما في ذلك عبر تمويل إنتاج مسلسل "خادم الشعب" الذي أدى زيلينسكي فيه دور معلم التاريخ المتواضع، فاسيلي هولوبورودكو، الذي انتخب رئيسا، مشكلا من خلاله صورته السياسية.
إلا أن مسلسل العلاقة بين كولومويسكي وزيلينسكي، دخل موسما جديدا، على ما يبدو، على أثر متابعة الأوكرانيين وهم مكتومو الأنفاس منذ قرابة أسبوع، التطورات حول اعتقال الملياردير ذائع الصيت بتهم الاحتيال، وتخاذل محكمة حي شيفتشينكوفسكي في كييف عن النظر في طعنه وتأجيل الجلسة إلى 25 سبتمبر/أيلول الجاري.
ووجهت اللجنة الوطنية الأوكرانية لمكافحة الفساد مؤخرا، تهمة جديدة إلى كولومويسكي بالاستيلاء على 9.2 مليارات هريفنا (ربع مليار دولار تقريبا) من مصرف "بريفات بنك" المملوك له سابقا.
وقالت اللجنة في بيان أوردته وكالات إعلام أوكرانية وروسية: "خرج التحقيق باستنتاج مفاده أن المستفيد النهائي من المصرف، حاكم مقاطعة دنيبروبيتروفسك آنذاك، وضع خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى مارس/آذار 2015 خطة للاستيلاء على أموال "بريفات بنك" بهدف مواصلة تمويل شركة خاضعة لسيطرته في ملاذ ضريبي وزيادة حصته في رأس المال المسموح به".
ورغم أن البيان لم يذكر اسم المتهم صراحة، إلا أن كولومويسكي تحديدا كان يشغل منصب حاكم مقاطعة دنيبروبيتروفسك في السنة المذكورة.
وبذلك يبدو أن زيلينسكي قرر التضحية بأحد مهندسي رئاسته، وسط تساؤلات حول أسباب وضع الراعي الرئيسي لحملته الرئاسية خلف القضبان والرسائل من وراء ذلك للداخل الأوكراني والخارج.
ويرجع الباحث الأكاديمي الأوكراني، إيغور سيميفولوس، انقلاب زيلينسكي على كولومويسكي إلى سعيه للتخلص من أعباء الالتزامات السابقة التي قد أوفى بها جزئيا، دون أن يستبعد في الوقت نفسه أن تكون ملاحقة الملياردير عملية متفقا عليها تحمل في طياتها رسائل إلى الغرب بأن كييف تكافح الفساد.
ويقول سيميفولوس في اتصال مع "العربي الجديد" من العاصمة الأوكرانية كييف: "في مرحلة صعود زيلينسكي إلى السلطة، أدى كولومويسكي دورا كبيرا في دعم فريقه والترويج له عبر قناة "1+1" المملوكة له، ولكن الأولوية الآن أصبحت هي تلبية المطالب الغربية لبدء مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وليس من المستبعد أن تكون ملاحقة كولومويسكي مجرد مسرحية لإظهار مكافحة الفساد ولن تنكشف إلا بعد مرور الزمن".
وحول رؤيته لأسباب انقلاب زيلينسكي على كولومويسكي في حال كان حقيقيا، يضيف: "لا يريد أحد أن يكون خاضعا للآخر، ويريد الرئيس أن يتحرر من التزاماته السابقة، خاصة وأنه قد أوفى جزئيا بالتزاماته أمام كولومويسكي من جهة إشراك شخصيات تابعة له في فريقه الأول، ولكن تم إبعادهم جميعا على نحو تدريجي".
يبدو أن زيلينسكي قرر التضحية بأحد مهندسي رئاسته، وسط تساؤلات حول أسباب وضع الراعي الرئيسي لحملته الرئاسية خلف القضبان
ويخلص إلى أن الوضع بين زيلينسكي وكولومويسكي يشبه العلاقة بين الدمية الخشبية بينوكيو ذات الأنف الطويل والنجار أنطونيو الذي صنعها في رواية الحكاية الخرافية "مغامرات بينوكيو" لأديب الأطفال الإيطالي، كارلو كولودي، في القرن الـ19، مع الفارق أن "بينوكيو" يسجن "أنطونيو".
وكان القضاء الأوكراني قد قرر يوم السبت قبل الماضي، وضع كولومويسكي رهن الحبس مع إمكانية الإفراج بكفالة قدرها 509 ملايين هريفنا (حوالي 14 مليون دولار) في قضية احتيال وتبييض ممتلكات تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة، إلا أن دفاعه قرر الطعن في القرار وعدم دفع الكفالة.
ويواجه كولومويسكي البالغ من العمر 60 عاما، عدة تهم، إذ تشير رواية التحقيق، إلى أنه تمكن من تبييض أكثر من 13 مليون دولار خلال الفترة من عام 2013 إلى عام 2020 عن طريق تحويلها إلى الخارج باستخدام البنية التحتية لمؤسساته المصرفية.
وفي 1 فبراير/شباط الماضي، أجرى جهاز الأمن الأوكراني تفتيشا في منزل كولومويسكي في قضية تلاعب بشركة "أوكر تات نفط".