أكدت وزارة النفط الإيرانية، اليوم الثلاثاء، أنّ "تراجع أو تزايد الصادرات النفطية للبلاد في مختلف الفترات الزمنية يتوقف على أوضاع السوق ونسبة العرض والطلب الموسميين لأنواع خاصة من النفط الخام"، وذلك بعد انتشار أنباء وتقديرات خلال الفترة الأخيرة عن تراجع الصادرات النفطية الإيرانية التي تشكّل الصين وجهتها الرئيسية على خلفية بيع روسيا نفطها إلى بكين بأسعار متدنية جداً.
وأضافت الوزارة، في تقرير أوردته وكالة "إرنا" الإيرانية الرسمية، أنّ إيران "تصدر وتبيع نفطها في ظروف خاصة من دون توقف ليوم واحد، وذلك في ظروف الحرب الاقتصادية الشاملة للاستكبار على البلاد"، مشيرة إلى أنها لا يمكنها الكشف عن جهود وطرق بيع النفط "بسبب استغلالها من قبل الأعداء"، على حد تعبير الوزارة.
صحيفة عن مسؤول مطلع: إيران تصدّر حالياً مليون برميل يومياً، نافياً صحة تقارير تتحدث عن تراجع الصادرات النفطية إلى 400 ألف برميل
إلى ذلك، نقلت صحيفة "إيران" الرسمية عن "مسؤول مطلع" قوله إنّ إيران تصدّر حالياً مليون برميل يومياً، نافياً صحة تقارير تتحدث عن تراجع الصادرات النفطية الإيرانية إلى 400 ألف برميل.
وقال المسؤول الإيراني الذي رفض الكشف عن هويته، إنّ "البعض يزعم أنّ صادرات إيران النفطية هبطت إلى 400 ألف برميل يومياً، والإنتاج تراجع إلى مليونين و350 ألف برميل، لكن هذ الأرقام غير صحيحة وكاذبة. إذ إنّ قدرات مصافي إيران نحو 1.8 مليون برميل يومياً، فكيف يقدرون مستوى الصادرات النفطية تحت 400 ألف برميل؟".
كما تحدث المسؤول الإيراني عن تصدير إيران 300 ألف برميل من المكثفات الغازية يومياً، كاشفاً عن زيارة العوائد النفطية خلال الشهور الثلاثة الأخيرة نحو 60%، بالمقارنة مع الفترة ذاتها في العام الماضي.
الإيرادات تتزايد
يشار إلى أنه خلال الشهور الماضية، ولا سيما في الأسابيع الأولى من الحرب الروسية على أوكرانيا، راجت أنباء وتصريحات إيرانية أكدت تصدير أكثر من مليوني برميل يومياً.
لكن تقارير دولية تحدثت أخيراً عن تراجع حاد للصادرات النفطية الإيرانية إلى الصين، بسبب بيع روسيا نفطها إليها بأسعار أقل، حيث أفادت قناة "سي أن أن" الأميركية، في تقرير لها، يوم 27 مايو/ أيار الماضي، بأنّ الصادرات النفطية الإيرانية إلى الصين تراجعت "أكثر من الربع" بسبب المنافس الروسي.
وفي السياق، سبق أن أكد وزير النفط الإيراني جواد أوجي أنّ بيع النفط في عهد الحكومة الحالية التي تشكّلت في أغسطس/أب الماضي زاد 40%. وقبل أيام، أكد المدير التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية محسن خجسته مهر أنّ بلاده ما زالت تحافظ على هذه الكمية.
إلى ذلك أيضاً، تؤكد أرقام أعلنها البنك المركزي الإيراني أخيراً زيادة عوائد صادرات النفط 60%، حيث قال محافظ البنك المركزي الإيراني علي صالح أبادي إنّ عوائد إيران من تصدير نفطها، خلال الشهرين الأوليين من العام الإيراني الجديد (بدأ في 21 مارس/آذار الماضي)، بلغ 7.5 مليارات دولار، ما يظهر زيادة أكثر من 3 مليارات دولار بالمقارنة مع الفترة ذاتها من العام المنصرم حين كان الرقم 4.5 مليارات دولار.
وإذا استقرت الصادرات النفطية الإيرانية على هذا المنوال، فالأرقام آنفة الذكر تشير إلى أنّ طهران تحصل شهرياً على 3.750 مليارات دولار عوائد صادرات النفط في ظل ارتفاع الأسعار، أي إنها تحقق سنوياً، وفي ظل الحظر الأميركي التام، 45 مليار دولار عوائد من تصدير النفط.
في غضون ذلك، أشارت وزارة النفط الإيرانية، في تقريرها الصادر اليوم الثلاثاء، إلى أنّ ارتفاع عوائد النفط عوض عن العجز الثقيل للموازنة للعام الماضي الذي انتهى في 21 مارس/آذار، مؤكدة أنّ الحكومة لأول مرة خلال السنوات الأخيرة لم تقترض من البنك المركزي.
تغييرات أميركية
وفي ظل تصاعد الجدل بشأن الملف النووي الإيراني وتعثر المفاوضات النووية لإحياء الاتفاق النووي، ظهر مؤشر إلى نية أميركية لتشديد تطبيق العقوبات على الصادرات النفطية الإيرانية، وذلك من خلال مصادرة الإدارة الأميركية شحنة نفطية لناقلة نفط كانت ترفع العلم الإيراني، واحتجزتها اليونان خلال مارس/آذار الماضي.
هذا الاحتجاز ردت عليه طهران باحتجاز ناقلتين يونانيتين في الخليج في خطوة تبدو أنها تتجاوز مجرد الرد على احتجاز ناقلتها على شواطئ اليونان، إلى إيجاد ردع لمنع دول أخرى من إجراءات مماثلة بغية ضمان تصدير نفطها المحظور أميركياً، وفقاً لمحللين.
لكن إقرار الغرب وأوروبا حظر استيراد النفط الروسي، والمخاوف من تأثير ذلك على رفع الأسعار بشكل مطرد، من شأنه أن يجعل واشنطن مضطرة لتتريث أكثر في تشديد تطبيق الحظر النفطي على إيران.
وفي السياق، أعلنت مجموعة "فيتول" لتجارة الطاقة، الأحد الماضي، أنّ الإدارة الأميركية قد تسمح بتدفق النفط الإيراني الخاضع للعقوبات إلى الأسواق العالمية، حتى دون إحياء الاتفاق النووي المبرم في العام 2015.
ونقلت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية عن "فيتول"، أكبر متداول خام مستقل في العالم، قولها إنّ واشنطن "قد تغض الطرف عن النفط المتدفق من إيران والخاضع للحظر، بحال هيمنت الحاجة إلى خفض أسعار البنزين على الانتخابات النصفية للكونغرس الأميركي"، المقررة في نهاية العام الجاري.
وما زالت مفاوضات فيينا النووية التي انطلقت في إبريل/نيسان 2021، تراوح مكانها ومتعثرة منذ أن توقفت في 11 مارس/آذار الماضي، لكن طهران تؤكد أنّ مباحثاتها غير المباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية مستمرة عبر ممثل الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا المكلّف بتنسيق شؤون المفاوضات.
وتقول طهران إنّ ثمة قضايا عالقة بالمفاوضات، من بينها ضمان الانتفاع الاقتصادي الإيراني الكامل من الاتفاق النووي ورفع "الحرس الثوري الإيراني" من قائمة الإرهاب الأميركية.
فيما تؤكد الأطراف الغربية أنّ رفع الحرس هو العائق الوحيد أمام التوصل إلى اتفاق، معتبرة أنّ مطالبة إيران بذلك تمثل مطلبا خارج الاتفاق النووي، إلا أنّ الأخيرة بدورها تؤكد أنّ رفع الحرس ومؤسساته وشركاته من قائمتي الإرهاب والعقوبات "خط أحمر" لن تتخلّى عنه.