بعيدا عن الخلافات السياسية بين إيران وتركيا في ملفات إقليمية عدة، من الأزمة السورية إلى جنوب القوقاز والتنافس الإقليمي الذي يطغى على طابع العلاقات بينهما، بدت العلاقات الاقتصادية وكأنها تأخذ منحى آخر، حيث بدأت تشهد فصولا جديدة من التطوير والتوسع.
وفي السياق، أكد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، اليوم الأحد، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التركي هاكان فيدان، في العاصمة الإيرانية طهران، أن البلدين يهدفان إلى رفع التجارة الثنائية إلى 30 مليار يورو سنويا (اليورو يعادل حوالي 1,08 دولار).
وأضاف أمير عبد اللهيان أنه أعلن خلال اللقاء عن استعداد بلاده لإبرام الوثيقة الشاملة للتعاون التجاري، لافتا إلى اتفاق البلدين على تحديث التجارة التفضيلية بينهما. وأشار إلى وجود اتفاق مع تركيا، لتطوير مناطق التجارة الحرة على الحدود المشتركة وربطها بمنطقة أوراسيا، موضحا أن إنشاء هذه المناطق "من المواضيع المهمة التي تزيد حجم التبادل التجاري وتقربنا أكثر إلى هدف 30 مليار يورو للتجارة الثنائية".
كما بيّن وزير خارجية إيران أنه بحث مع فيدان مسألة المياه وضرورة احترام حصة إيران من مياه نهر أرس الحدودي بين البلدين، متحدثا عن اتفاق على عقد لجنة تقنية مشتركة في طهران قريبا لبحث الخلافات بشأن المياه.
كما تحدث أمير عبداللهيان عن إبداء الرياض رغبتها في عقد اجتماع ثلاثي بين إيران والسعودية وتركيا لبحث التعاون الاقتصادي.
يشار إلى أن تركيا تعتبر من الشركاء التجاريين الثلاثة الأوائل لإيران، حيث جاءت في المركز الثالث في قائمة مصدري السلع إلى إيران ومستورديها منها خلال العام الماضي.
وخلال العام الإيراني الماضي، من 21 مارس/آذار 2022 إلى 20 مارس/آذار 2023، بلغت قيمة الصادرات التركية إلى إيران 6 مليارات و99 مليون دولار، فيما بلغت قيمة وارداتها منها 7 مليارات و359 مليون دولار.
وأخذت العلاقات الاقتصادية الإيرانية التركية في التحسن خلال العقد الأخير، على الرغم من التوترات والخلافات السياسية والأمنية، والتنافس بين البلدين في المنطقة من سورية إلى جنوب القوقاز.
وعلى وقع الأزمة الاقتصادية وتراجع سعر الريال في إيران خلال السنوات الأخيرة، أصبح لدى الإيرانيين ولع كبير بشراء العقارات في تركيا، وفق ما تظهره الأرقام الإيرانية والتركية، على حد سواء، الأمر الذي أضحى محل انتقاد داخلي مستمر في إيران، مع تحذير من استمرار هروب الأرصدة الإيرانية إلى الخارج.
واحتل الإيرانيون خلال السنوات الماضية صدارة مشتري العقارات في تركيا، قبل أن يقتنص الروس هذا المركز خلال العام 2022.
ووفق رصد أجراه "العربي الجديد" من خلال البيانات الرسمية الإيرانية، فقد سجل حجم استثمار الإيرانيين في سوق السكن التركي ارتفاعا بنسبة 866% منذ نهاية عام 2017.
واشترى الإيرانيون نحو 7189 منزلاً في تركيا خلال العام 2020، بينما كان الرقم حوالي 700 منزل خلال عام 2017، فضلا عن أنهم خلال 2022 اشتروا 8 آلاف و223 منزلا في تركيا.
وسبق أن انتقد عضو هيئة رئاسة البرلمان الإيراني مجتبى يوسفي، في تصريحات عام 2021، إقبال الإيرانيين الواسع على شراء المنازل في تركيا، كاشفا عن أنهم أنفقوا خلال عامي 2019 و2020 نحو 7 مليارات دولار لشراء العقارات هناك.
إلى ذلك، يرمي البلدان اليوم إلى توسيع نطاق التجارة بينهما. وخلال زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، عام 2022 طهران لحضور قمة أستانة الأخيرة، وقّع ثماني اتفاقيات ثنائية للتعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية والرياضية، في مقدّمتها تعزيز مذكرة اتفاقية التجارة التفضيلية الموقعة، في عام 2015.