إليك أسباب قرار بنك الكويت المركزي رفع سعر الخصم نصف نقطة مئوية

08 ديسمبر 2022
قد يؤثر القرار سلباً على قدرة الادخار والصرف، ما يؤدي إلى تباطؤ نمو الاستهلاك (Getty)
+ الخط -

ما الأسباب التي دفعت "بنك الكويت المركزي" الثلاثاء الماضي، إلى اتخاذ قرار برفع سعر الخصم نصف نقطة مئوية، من 3% إلى 3.5%، قبل أن يبدأ تطبيقها عمليا اعتباراً من أمس الأربعاء؟ سؤال يجيب عنه خبراء لـ"العربي الجديد" في هذا التقرير.

لقد أوضح محافظ البنك باسل الهارون أن قرار رفع سعر الخصم جاء "في إطار النهج المتوازن والمتدرج الذي يتبعه بنك الكويت المركزي لسياسته النقدية الهادفة لتكريس الاستقرار النقدي والمالي لوحدات القطاع المصرفي والمالي".

ولفت إلى أن القرار جاء كذلك "للمحافظة على تنافسية العملة الوطنية (الدينار) وجاذبيتها كوعاء مجزٍ وموثوق به للمدخرات المحلية، وتعزيز الأجواء الداعمة للنمو الاقتصادي المستدام".

كما قال الهارون إن "قرارات البنك بشأن تحريك سعر الخصم، للتأثير في مستويات أسعار الفائدة على الدينار، وما يتخذه (البنك) من إجراءات تدخل في السوق النقدي، في إطار تنفيذ عمليات السياسة النقدية، باستخدام مختلف الأدوات التي تستهدف تنظيم مستويات السيولة في القطاع المصرفي، تستند في أساسها إلى القراءة الفاحصة لأحدث البيانات والمعلومات الاقتصادية محلياً وعالمياً".

وبيّن أن ذلك "يشمل معدلات الأداء الاقتصادي، بما فيها مستويات النمو والتضخم، ومؤشرات السيولة المحلية وحركة الودائع، وأسعار الفائدة على الدينار الكويتي، والعملات الأجنبية واتجاهاتها المتوقعة، في ضوء مواجهة آثار وانعكاسات أي متغيرات أو تطورات قد يشهدها الاقتصاد المحلي".

وأشار إلى إن قرار رفع سعر الخصم، قد راعى "مختلف العوامل المؤثرة في الرقم القياسي لأسعار المستهلك، لتحديد وتقييم العوامل التي تشكل جوانب ضغط على هذه الأسعار، أخذاً بالاعتبار طبيعة الاقتصاد الكويتي المنفتح على العالم الخارجي".

وأكّد مواصلة بنك الكويت المركزي "نهج المتابعة لتطورات ومستجدات الأوضاع الاقتصادية والنقدية والمصرفية، والاستعداد للتحرك عند الحاجة، لتوجيه مختلف أدوات السياسة النقدية، من أجل المحافظة على الاستقرار النقدي والمالي".

قراءة الخبراء دوافع بنك الكويت المركزي زيادة سعر الخصم

يشرح أستاذ الاقتصاد والتمويل عبد العزيز العصيمي، في حديث مع "العربي الجديد"، أسباب رفع بنك الكويت المركزي سعر الخصم، قائلاً إن "دول الخليج تعتمد نظام الصرف الثابت، وذلك من خلال ربط عملتها بالدولار، أو سلة عملات يهيمن عليها الدولار كما في حالة الكويت، حيث يُثبّت البنك المركزي سعر الصرف عند 100 دولار، أي ما يعادل 30 ديناراً تقريباً".

وأضاف: "من أجل ذلك، يعمل البنك المركزي على القيام بأمرين، الأول توفير 100 دولار مقابل كل 30 دينارا كويتيا، والثاني متابعة حركة سعر الفائدة للدولار لتلافي المضاربة على العملة، ومثال ذلك الاقتراض بالدولار بفائدة منخفضة والإقراض بالدينار بفائدة مرتفعة، حيث يكون هنا سعر الصرف ثابتاً".

وبناءً على ذلك، يقول العصيمي إن "السياسة النقدية في سعر الفائدة غير مستقلة ومحايدة عادةً، فلا تستطيع البنوك استخدام أدوات السياسة النقدية بفاعلية للتأثير في الاقتصاد، كخفض أسعار الفائدة بشكل مستقل لتحفيز الاقتصاد في أوقات الركود مثلاً، حيث يتطلب ذلك ثلاثة أمور: أولاً سياسة الصرف الثابت، وثانياً سوق مالي مفتوح، وثالثاً سياسة نقدية مستقلة، وفي الكويت ودول الخليج عموماً لدينا الأول والثاني، بينما نفتقد الثالث، وهذا هو العامل الأكبر في فهم حركة سعر الفائدة في دول الخليج العربي".

وأضاف: "نعم هناك عوامل أخرى كمراجعة ميزان المدفوعات واحتياطيات العملات الأجنبية، وهي متعلقة بنفس السياسة، أما العوامل الاقتصادية الأخرى فغالباً أثرها هامشي على القرار".

وذكر العصيمي أن "التأخر في إعلان الكويت رفع سعر الفائدة إلى اليوم (الثلاثاء)، بعد قرابة شهر من إعلان البنك الفيدرالي الأميركي، فإنه أمر مجهول، ولكن بعض التكهنات تشير إلى أنه راجع لأسباب تتعلق بتشكيل مجلس إدارة بنك الكويت المركزي".

من جانبه، الاقتصادي الكويتي عبد الله الزامل، قال في حديث مع "العربي الجديد"، أكّد أن القرار جاء كون "الدينار مرتبطا بسلة عملات معظمها من الدولار، وحتى يحافظ الدينار على جاذبيته مقابل الدولار، يجب أن يكون معدل الفائدة على الدينار أعلى بقليل من الدولار، حيث الفائدة الآن على الدولار أعلى بكثير من الدينار، وقبل الرفع كان الفارق 1%، وهذا يضغط على الدينار، فالمودع يحوّل الودائع من الدينار إلى الدولار".

وأضاف أن "فك الودائع بالدينار يُعرّض سيولة البنوك للضغط، وهي المكوّن الرئيسي للقروض، ويضطر البنك إلى رفع الفائدة على القروض لاستقطاب الودائع، فبالتالي من يتأثرون سلباً هم المقترضون سواء أفراد أو مؤسسات".

وعما إذا كان التأثير السلبي لرفع البنوك لفوائد القروض، قد تنتج عنه مشكلات أخرى، مثل تعرّض المقترضين سواء أفراد أو مؤسسات إلى تعثر بالسداد، أجاب الزامل: "نعم متوقع جداً، خاصة شركات المقاولات التي سعّرت مناقصات كبرى بهامش ربح 2% إلى 5%، فرفع تكلفة الاقتراض يرفع من تكلفة المناقصة، وبالتالي يحصل تآكل لأرباح هذه الشركات، بل وقد تدخلها في متاهة الخسارة ما يؤدي إلى تعثر المشاريع".

وأوضح الزامل أن "القروض البنكية تُراجع سنوياً، لذلك قد تطول فترة سداد القرض، أو يرتفع القسط كل بحسب قدرته، وهذا يؤثر سلباً على قدرة الأفراد والمؤسسات على الادخار والصرف، ما يؤدي إلى تباطؤ في نمو الاستهلاك".

وأضاف أن "التشديد بالسياسة النقدية، مع التوسع بالسياسة المالية مثل بيع الإجازات، سياستان متضادتان سيؤديان حتماً إلى رفع التضخم، فالسيولة زادت من بيع الإجازات، وتكلفة الاقتراض تؤدي إلى رفع قيمة البضائع".

ووافق مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي، الشهر الماضي، على الموازنة العامة للسنة المالية 2021-2022، حيث أُدرج ضمنها صرف مقابل نقدي لموظفي الجهات الحكومية لرصيد الإجازات الدورية أثناء فترة الخدمة، بتكلفة بلغت قرابة 300 مليون دينار كويتي (980 مليون دولار تقريبا).

يُذكر أن بنك الكويت المركزي، قرر في سبتمبر/أيلول الماضي، رفع سعر الخصم بمقدار ربع نقطة مئوية، من 2.75% إلى 3%، تزامناً مع إصدار مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) قراراً برفع سعر الفائدة 0.75%، وصولاً إلى نطاق بين 3% و3.25%، ثم عاد إلى رفعها مجدداً مطلع الشهر الماضي بذات المعدل تقريباً، وهو أعلى مستوى منذ عام 2008، ليصل سعر الفائدة إلى نطاق بين 3.75% و4%.

المساهمون