- نابليولينا، بناءً على طلب بوتين، تبقى في منصبها وتعمل على استقرار الروبل والحد من ارتفاع الأسعار برفع سعر الفائدة إلى 16%، مما يساهم في استقرار الوضع الاقتصادي.
- تُظهر نابليولينا، المصنفة من بين النساء الأكثر تأثيرًا عالميًا، خبرة كبيرة وتركيزًا على الجوانب الفنية، مما يعزز استقرار النظام البنكي الروسي ويحمي السكان من تداعيات العقوبات.
راهن السياسيون في الغرب على انهيار الاقتصاد الروسي بعد العقوبات التي تلت الحرب على أوكرانيا، غير أن الجميع فوجئ بصمود اقتصاد ذلك البلد، حيث لا يترددون في نسبة الفضل في ذلك إلى السياسة الصارمة التي قادتها حاكمة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابليولينا، التي تعتبر اليوم بمثابة حائط الصد في مواجهة الانهيار المالي في بلدها.
فقد توقع الاقتصاديون والسياسيون بعد العقوبات التي طاولت روسيا انهيارا سريعا للنظام المالي لذلك البلد، وتفكك الصناعة وتراجع قطاع الطاقة، بما لذلك من تداعيات على إيرادات البلد، غير أن تلك التوقعات خابت، حيث حقق الاقتصاد الروسي نموا بنسبة 3.6 في المائة في العام الماضي، وهو نمو يترقب صندوق النقد الدولي أن يصل إلى 2.6 في المائة.
وعندما ينظر المراقبون في الغرب إلى المؤشرات الأخرى، يفاجؤون بقدرة النظام الروسي على التحكم في عجز الموازنة وخفض البطالة إلى أدنى مستوى، والتحكم في التضخم، الذي يوازيه ارتفاع الأجور.
يحاولون تفسير ذلك الصمود، ويعزونه في جزء منه، وبشكل حاسم، إلى سياسة البنك المركزي، الذي تقوده إلفيرا نابليولينا، التي أبانت عن قدرة كبيرة في التعاطي مع الصدمات التي كان يمكن أن تنجم عن تداعيات الحرب، علما أنها كانت تتطلع إلى الاستقالة من منصبها بعد الحرب.
بقيت رئيسة للبنك المركزي الروسي في ذلك المنصب بطلب من الرئيس فلاديمير بوتين، حيث عملت على التصدي لانهيار الروبل والحد من ارتفاع الأسعار عبر رفع سعر الفائدة عبر المحافظة عليه في حدود 16 في المائة في فبراير/ شباط الماضي، بهدف خفض التضخم الذي استقر عند 7 في المائة، علما أن المعدل المستهدف حدد في 4 في المائة.
وينسب إلى السياسة التي تقودها حاكمة البنك المركزي المساهمة في استجابة روسيا الاقتصادية لتداعيات الحرب على أوكرانيا، حيث يرى البنك المركزي أنه يتوجب المضي في الحفاظ على معدلات فائدة مرتفعة لفترة طويلة بهدف تقليص مستوى التضخم.
يرى مراقبون أن إلفيرا نابليولينا، التي ضمت إلى لائحة العقوبات الفردية الأميركية والبريطانية وليس الأوروبية، تدلي بآرائها الاقتصادية، ذات الفحوى الأورثوذوكسي الليبرالي، لتبقى الكلمة الفصل بيد المستوى السياسي، علما أن بعض الوجوه السياسية كانت قبل الحرب تنتقدها لظنها أنها تضحي بالصناعة لفائدة الروبل، بل إن بعض النواب كانوا طالبوا بفتح تحقيق جنائي ضد سياستها الموغلة في المحافظة.
غير أن مراقبين في الغرب يرون أنه إذا كان بوتين يتقدم بالكثير من الثقة للفوز بولاية خامسة على رأس روسيا، فلأن حاكمة البنك المركزي ساهمت عبر سياستها النقدية في تجنب انهيار نقدي واقتصادي بعد العقوبات الغربية المفروضة على موسكو.
يعترف لها بخبرتها الكبيرة، وانصرافها عن النقاشات السياسية وتركيزها على الجوانب الفنية، حيث تحرص هذه التكنوقراطية التي لم يسبق لها أن عملت في القطاع الخاص على التكتم، وهي التي تولت منصب وزيرة التنمية الاقتصادية بين العام 2007 و2012، ومستشارة الرئيس الاقتصادية، قبل أن تعين على رأس البنك المركزي في العام 2013.
تفوقت هذه الستينية، التي رأت النور بمنطقة قريبة من الأورال، من أب كان يعمل سائقا وأم موظفة بمصنع في دراسة الاقتصاد بموسكو، التي انتقلت منها إلى جامعة يال الأميركية، ويشهد لها المراقبون بقدرتها على اتخاذ القرارات الصعبة، وهي التي وضع تفادي تداعيات العقوبات قناعاتها الليبرالية على المحك.
أعلنت أنه تم اتخاذ تدابير للحيلولة دون الذين يقطنون خارج روسيا وإخراج أصولهم منها، مؤكدة في الوقت نفسه أن النظام البنكي يشتغل دون أن تخترقه ثغرات، ومشددة على استقرار وضع السيولة، كما أعلنت أن روسيا غير متخلفة عن سداد ديونها، وذلك في سياق حديث في العام 2022 عن عدم إمكان تسديد الديون الروسية بالدولار المحتجز في البنوك الأميركية.
تركزت عليها الأنظار منذ الساعات الأولى لاجتياح روسيا لأوكرانيا. فقد أعلنت في فبراير/ شباط 2022 عن رفع معدل الفائدة من 9.5 في المائة إلى 20 في المائة، وانكبت حاكمة البنك المركزي الروسي التي وضعتها "فوربس" منذ العام 2015 ضمن النساء المائة الأكثر تأثيرا في العالم، على إنقاذ النظام المالي والروبل، حيث أفلحت في وقف نزيف الرساميل.
وحظيت باهتمام "وول ستريت جورنال"، التي اعتبرت أنها تمكنت من حماية السكان من تداعيات العقوبات، بالهمة نفسها، التي وظفتها من أجل إدماج بلدها في اقتصاد السوق، بينما يعتبر مراقبون أنها نجحت في تشكيل تلك الصورة التي تجعل من روسيا بلدا غنيا برصيدها من العملات الصعبة التي تمنح البنك المركزي حضورا كبيرا.