بدأت وزارة الموارد البشرية والتنمية السعودية "خدمة التنقل الوظيفي التي تتيح للعامل الوافد الانتقال عند انتهاء عقد عمله من دون الحاجة لموافقة صاحب العمل" وذلك في إطار "مبادرة تحسين العلاقات التعاقدية" في القطاع الخاص التي أطلقتها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي والتي تعني فعليا البدء في إنهاء نظام الكفالة المطبق منذ ما يزيد عن 70 عاما في المملكة.
ورغم أهمية المبادرة والتي بدأت خطواتها العملية منذ عام 2012 وتمت صياغة إعلانها بشكل نهائي العام الماضي، إلا أن الضوابط المنشورة للاستفادة من المبادرة والفئات العاملة المستثناة من تطبيق المبادرة ستؤدي إلى حرمان نسبة كبيرة من العمالة الوافدة من انطباق الشروط عليها.
أهمية المبادرة
تنطلق أهمية المبادرة من مساهمتها في فك القيود المفروضة على حرية العامل في نظام العمل السعودي أو ما يطلق عليه نظام الكفيل والذي انتقدته المنظمات الحقوقية الدولية واعتبرته استمراراً لنظام الرق، حسب القيود المفروضة أو المشددة في النظام المتبع في كل دولة.
ففي نظام الكفالة الذي كان مطبقا في المملكة يحق للكفيل " احتجاز جواز سفر العامل، واشتراط موافقته على استقدام العامل لأسرته أو طلب التصريح له بالحج أو الزواج أو زيارة أحد أقاربه في منطقة أخرى داخل السعودية، ومسؤوليته الشخصية بسبب تصرفات العامل الوافد خارج إطار العمل".
بينما تتيح المبادرة الجديدة للعمال الوافدين بالخروج والعودة والخروج النهائي والتنقل الوظيفي من عمل لآخر دون الحاجة لموافقة صاحب العمل، وهي تتعلق بالعقود القائمة، والمنتهية، والحالات الاستثنائية التي ليس لها عقود أو الذين لا يحصلون على رواتبهم.
كانت وزارة العمل السعودية التي تحولت إلى وزارة التنمية الإدارية بعد ذلك، بدأت منذ عام 2012 في بعض الإجراءات لتقويض نظام الكفالة مثل تغيير اسم اللائحة الخاصة بـ ''نقل الكفالة'' إلى لائحة ''نقل الخدمات''، ومنح الوافدين حرية التنقل، وعدم احتجاز الوثائق.
ضوابط الخدمة
ويستفيد العامل الوافد من الخدمة وفق شروط، أهمها أن يكون ضمن العمالة المهنية الوافدة الخاضعة لنظام العمل، وأن يمضي العامل الوافد 12 شهراً لدى صاحب العمل الحالي منذ دخوله السعودية.
ومن ضمن الشروط كذلك، أن يتقدم العامل بإشعار لصاحب العمل إلكترونياً، بطلب نقل الخدمة قبل 90 يوماً من الانتقال أو عند الرغبة في إنهاء العلاقة التعاقدية.
فئات مستثناة
تستثني المبادرة 5 مهن من العمالة الوافدة للاستفادة من الخدمة الجديدة وهي مهن "السائق الخاص، والحارس، والعمالة المنزلية، والراعي والبستاني".
ووفقا لآخر الإحصاءات الرسمية السعودية فإن عدد العاملين من غير السعوديين يبلغ نحو 6.5 ملايين، يعمل منهم نحو 6.27 ملايين في القطاع الخاص.
تستثني المبادرة 5 مهن من العمالة الوافدة للاستفادة من الخدمة الجديدة وهي "السائق الخاص، والحارس، والعمالة المنزلية، والراعي والبستاني"
ورغم قلة المهن المستثناة إلا أنها تمثل نسبة كبيرة من العاملين في القطاع الخاص مما يقلل إلى حد كبير من المستفيدين من المبادرة، فوفقا لتقرير منظمة مراقبة حقوق الانسان أو ( هيومان رايتس واتش Human Rights Watch) في ديسمبر/كانون الأول الماضي، فإن "الإصلاحات لا تنطبق على 3.7 ملايين عامل منزلي يستثنيهم قانون العمل"، أي أنهم يمثلون نحو 59% من العاملين في القطاع الخاص السعودي.
بينما تقدر إحصاءات سعودية رسمية العمالة المنزلية بنحو 2.4 مليون شخص من الذكور والإناث يمثلون نحو 38% من العاملين في القطاع الخاص بالمملكة.
وتدمج المنظمة السائق الخاص مع العمالة المنزلية في مهنة العمالة المنزلية، بينما تقدر إحصاءات سابقة نشرتها وسائل إعلام سعودية العمال الوافدين بمهنة سائق خاص في المملكة بقرابة الـ800 ألف سائق.
بينما يقصد بالعمالة المنزلية وفقا لنظام العمل السعودي " العاملون غير السعوديين من الجنسين الذين يعملون في المنازل ويشمل ( الخدم وعمال التنظيف والطباخين ومقدمي الطعام والسائقين والحراس والممرضين والمدرسين الخصوصيين في المنازل)".
ووفقا للوكالة ذاتها نقلا عن عمال فإن " أصحاب العمل أجبروهم على العمل حتى 18 ساعة في اليوم، من دون أيّ يوم عطلة، منتهكين بذلك لائحة العمالة المنزلية السعودية التي تتطلّب منح العامل تسع ساعات من الراحة المتواصلة في اليوم ويوم عطلة في الأسبوع. لا تُحدّد اللائحة، على عكس قانون العمل، يوم العمل بثماني ساعات أو تتطلّب دفع تعويض عن ساعات العمل الإضافية ".
وسبق أن وثّقت هيومن رايتس ووتش "مجموعة من الانتهاكات بحقّ العاملات المنزليات الوافدات، بما في ذلك عدم دفع رواتبهنّ، وتحديد إقامتهنّ قسرا، وحرمانهنّ من الطعام، وتعريضهنّ للعمل المفرط وللإساءة النفسية والجسدية والجنسية. وصلت بعض هذه الحالات إلى حدّ العمل القسري أو الاتجار".
وقالت المنظمة إنه "ينبغي أن تفكّك السعودية كليا نظام الكفالة لجميع العمّال الوافدين كي لا يضطر أيّ عامل إلى الاعتماد على صاحب عمل واحد للدخول إلى البلاد، أو الإقامة فيها، أو مغادرتها. على السلطات أيضا أن توسّع تدابير حماية قانون العمل وتطبّقها بالتساوي على ملايين العمّال الوافدين الذين يطهون، وينظّفون، ويقودون السيارات لعائلات في السعودية".