يحاول الشاب الفلسطيني جهاد شحادة (25 عاماً) توفير احتياجاته وأسرته المكونة من 12 فرداً، بالرغم من التحدي الكبير الذي يعترضه بعد إغلاق الأسواق الشعبية نظراً لانتشار كورونا في قطاع غزة منذ آب/ أغسطس الماضي.
ويعتبر شحادة واحداً من بين آلاف الأشخاص الذين يعملون في الأسواق الشعبية ويتنقلون بين محافظات القطاع المختلفة يومياً من أجل بيع ما لديهم فيها، كونها تشهد ارتياداً أوسع نظراً لحجم البضائع الكبير الذي يعرض بها.
ومنذ انتشار فيروس كورونا أغلقت السلطات الحكومية في غزة التي تديرها حركة حماس مختلف المنشآت بما في ذلك الأسواق والمدارس، قبل أن تعاود فتحها بشكلٍ متدرج وضمن إجراءات السلامة والوقاية، فيما أبقت على الأسواق الشعبية مغلقة.
وتشكل هذه الأسواق مصدر دخل يومي لأصحابها كونهم يتنقلون بين المحافظات وفقاً لأيام الأسبوع لبيع ما لديهم من منتجات أو سلع، فيما يشكل غياب يوم عن السوق انتكاسة تلقي بظلالها على قدرتهم المالية في توفير احتياجات أسرهم.
ويقول شحادة لـ "العربي الجديد" إنه يعمل منذ سنوات في الأسواق الشعبية بعد أنهى دراسته الثانوية ولم يستطع إتمام دراسته الجامعية، وتشكل بالنسبة له مصدر دخلٍ يساعد من خلاله والده في إعالة الأسر المكونة من 12 فرداً.
ويوضح الشاب العشريني أن استمرار إغلاق هذه الأسواق يحرم آلاف الأسر من مصدر دخلها، ويكرر ذات السيناريو الذي جرى حين أغلقت الأسواق الشعبية في مارس/ آذار الماضي وبقي العاملين فيها أشهر دون مصدر دخل.
وتقدر إحصائيات الاتحاد العام لعمال فلسطين حجم الخسائر المالية في الشهر الأول لإغلاق جائحة كورونا في غزة بنحو 25 مليون دولار أميركي جميعها تشكل أجور ورواتب لمختلف العاملين في شتى المجالات التي تضررت بفعل حالة الطوارئ.
ويقول رئيس الاتحاد العام لعمال فلسطين، سامي العمصي، لـ "العربي الجديد" إن الأسواق الشعبية تشكل فرصة عمل لآلاف المتعطلين عن العمل، في ظل ارتفاع معدلات البطالة خصوصاً في فئة الشباب وخريجي الجامعات في السنوات الأخيرة.
ووفقاً للعمصي فإنه لا توجد إحصائية ثابتة بأعداد العاملين في الأسواق الشعبية، إلا أنها تشكل رافداً اقتصادياً مهماً ومصدر رزقاً لآلاف العائلات في القطاع، في ظل ارتفاع معدلات الفقر وانعدام الأمن الغذائي في صفوف السكان.
ويؤكد رئيس اتحاد عمال فلسطين في غزة على ضرورة تحرك الجهات الحكومية لتعويض هؤلاء المتعطلين في ظل استمرار حالة الإغلاق وعدم وجود موعد ثابت لإمكانية عودة الحياة لوضعها الطبيعي قبل انتشار جائحة كورونا.
ولا تعتبر الأسواق الشعبية الوحيدة التي ما تزال مغلقة، إذ أسهم استمرار تصنيف بعض المناطق على أنها بؤر تفشي في إغلاق الأسواق اليومية، ما ينعكس بالسلب على أصحاب المحلات والعاملين فيها نظراً لإعادة إغلاقها من جديد.
وحسب إحصائيات اتحاد العمال في غزة فإن 160 ألف عامل في شتى المجالات تضرروا منذ الشهر الأول لجائحة كورونا، غالبيتهم من أصحاب الدخل اليومي، بالإضافة إلى أن استئناف الأنشطة لم يحرك سوى 20 في المائة فقط من الأنشطة.
في موازاة ذلك، يقول مدير العلاقات العامة في غرفة غزة التجارية، ماهر الطباع، لـ "العربي الجديد" إن الإغلاقات التي اتخذت من انتشار جائحة كورونا فاقمت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وحرمت الآلاف من مصدر دخلهم اليومي.
ويبين الطباع أن استئناف الأنشطة من جديد لم يحرك المشهد الاقتصادي نظراً لاستمرار الإغلاق الليلي إلى جانب شح السيولة النقدية المتوفرة لدى السكان واستمرار الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع للعام الرابع عشر على التوالي.
ويشير المسؤول في الغرفة التجارية إلى أن الأسواق الشعبية تشكل فرصة عمل لكثير من المتعطلين خصوصاً وأنهم يعملون بنظام يومي يعتمد على التنقل ما بين المحافظات لبيع البضائع والسلع المتوفرة لديهم والتي في غالبيتها أسعارها محدودة.
ويرى أن حجم الخسائر الذي ألحقته جائحة كورونا من الصعب تحديداً في هذه المرحلة في ظل استمرار حالة الإغلاق لبعض القطاعات، وعدم كامل القطاعات الأخرى بطاقتها الإنتاجية الكاملة نظراً للإجراءات المتبعة في هذه المرحلة.