أجبر إعصار "إيدا"، شركات الطاقة، على خفض إنتاج النفط والغاز الطبيعي في خليج المكسيك، بنسبة 91%، فيما تحصّنت المحلات التجارية في ولاية لويزيانا جنوب الولايات المتحدة، خلف ألواح خشبية وأكياس رمل لتفادي خسائر كارثية محتملة مع اقتراب الإعصار، الذي ازدادت قوته بسرعة في ساعة مبكرة من صباح، اليوم الأحد، ليصبح بالغ الخطورة.
ووفق مكتب السلامة والأمن البيئي المسؤول عن تنظيم صناعة الطاقة البحرية في الولايات المتحدة، فإن شركات الطاقة خفضت، أمس السبت، إنتاج النفط الخام من خليج المكسيك بما يعادل 1.65 مليون برميل مع اجتياح الإعصار حقول النفط البحرية.
وأشار المكتب، وفق وكالة رويترز، إلى أن شركات النفط والغاز أخلت 290 منشأة بحرية، وأوقفت 91% من إنتاجها البحري المعتاد قبل وصول العاصفة، لافتا إلى أن الشركات خفضت أيضا 1.89 مليار قدم مكعبة من إنتاج الغاز الطبيعي أو 85% من الإنتاج.
وبحسب وكالة بلومبيرغ الأميركية، تضمنت قائمة الشركات التي خفضت الإنتاج "بريتش بتريليوم بي إل سي"، "أتلانتس"، "ثاندر هورس"، "رويال دويتش شل بي إل سي"، "أكوينور أس ايه"، "بي اتش بي غروب"، "شيفرون كورب"، "فاليرو"، و"أكسون موبيل".
أسعار خام برنت زادت أكثر من 11% على أساس أسبوعي، وصعدت أسعار خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بأكثر من 10%، وهي أكبر مكاسب أسبوعية بالنسبة المئوية لكليهما منذ يونيو/ حزيران 2020
واستناداً إلى أحدث توقعات المركز الوطني للأعاصير، سيصل "إيدا" إلى اليابسة بالقرب من نيو أورليانز، أكبر مدن ولاية لويزيانا، في وقت متأخر من اليوم الأحد، أو في وقت مبكر من غدا الإثنين.
وتشير تقارير متخصصة إلى أن الإعصار قد يتسبب في صعود إضافي لأسعار النفط في السوق العالمية، بينما كانت قد ارتفعت بالأساس بنسبة 2% يوم الجمعة الماضي، محققة أكبر مكسب أسبوعي في أكثر من عام، وذلك بالتزامن مع بدء شركات الطاقة وقف الإنتاج الأميركي في خليج المكسيك قبل وصول الإعصار.
وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت عند التسوية إلى 72.7 دولارا للبرميل، فيما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي إلى 68.74 دولارا للبرميل. وهذا أعلى إغلاق لبرنت منذ الثاني من أغسطس/ آب ولغرب تكساس الوسيط منذ 12 أغسطس/ آب.
وعلى أساس أسبوعي، ارتفع برنت أكثر من 11%، وارتفع غرب تكساس الوسيط بأكثر من 10%، وهي أكبر مكاسب أسبوعية بالنسبة المئوية لكليهما منذ يونيو/ حزيران من العام الماضي 2020.
ولا تقتصر تداعيات الإعصار على إنتاج النفط والغاز الطبيعي وإنما تطاول قطاعات تجارية وخدمية حيوية. إذ تحصّنت المحلات التجارية في ولاية لويزيانا خلف ألواح خشبية وأكياس رمل، واتّبع سكان مدينة نيو أورلينز أكبر مدينة في الولاية، تعليمات السلطات عبر إخلاء منازلهم أو الاحتماء في داخلها، وفق وكالة فرانس برس.
وكتب المركز الأميركي للأعاصير على موقعه على الإنترنت أن "الإعصار إيدا يواصل اشتداده (...) بات الآن إعصاراً خطيراً من الفئة الرابعة".
ولا تزال ذكرى الإعصار كاترينا الذي لامس الأرض في 29 أغسطس/ آب 2005، منذ 16 عاماً تماما، مؤلمة في لويزيانا. فقد أودى هذا الإعصار بحياة أكثر من 1800 شخص وتسببت الأمطار الغزيرة بأضرار جسيمة قدرت بعشرات مليارات الدولارات.
وقد تتعرض منطقة جنوب لويزيانا لدمار وفيضانات، مع أمطار تصل إلى 50 سم في بعض الأماكن. ومع ارتفاع درجة حرارة سطح المحيطات، تصبح الأعاصير أكثر شدة، بحسب العلماء. فهي تشكل خصوصاً خطراً متزايداً على سكان المناطق الساحلية ضحايا ظاهرة غمر الأمواج التي يضخمها ارتفاع مستوى مياه المحيطات.
وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي دعا السكان إلى الاستعداد أثناء كلمة متلفزة بعد ظهر، أمس السبت، إرسال مئات الخبراء للتدخل بشكل عاجل وتحضير احتياطات من المياه والطعام والمولدات الكهربائية.
وكتبت مصلحة الأرصاد الجوية الأميركية على تويتر "إذا تلقيتم أمر إخلاء أو إذا كان بإمكانكم المغادرة، ارحلوا من فضلكم. ستكون الظروف مدمرة". وقالت لاتويا كانتريل رئيسة بلدية نيو أورلينز، المدينة التي قد تتضرر بشدة بسبب الإعصار، إن "الوقت يلعب ضدنا".
ويهدد الإعصار منطقة تعاني بالفعل من عودة انتشار فيروس كورونا، مع معدلات تطعيم منخفضة، وتفشي لسلالة دلتا شديد العدوى، وفق تقرير لوكالة أسوشيتدبرؤس الأميركية، إذ تنطوي ملاجئ النازحين من ديارهم على خطر إضافي يتمثل في أن تصبح بؤرا لانتشار إصابات جديدة.
لا تزال ذكرى الإعصار كاترينا الذي ضرب ولاية لويزيانا قبل 16 عاماً مؤلمة، إذ أودى بحياة أكثر من 1800 شخص وتسببت الأمطار الغزيرة بأضرار جسيمة قدرت بعشرات مليارات الدولارات
وقال جون بيل إدواردز، حاكم لويزيانا، أمس السبت إن "شعب لويزيانا الصامد والقوي سيتغلب على الإعصار"، مضيفا "مسؤولو لويزيانا يعملون بالفعل لإيجاد غرف فندقية للعديد من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم حتى لا يضطر عدد أقل للبقاء في الملاجئ الجماعية".
ومرّ الإعصار "إيدا" مساء الجمعة الماضي، على الساحل الجنوبي الغربي لكوبا، ولم يتسبب سوى بأضرار بسيطة فيما أخلى آلاف الأشخاص منازلهم وقُطع التيار الكهربائي بشكل احترازي.