إعدام فرحة الاستعداد للعيد في غزة: أسواق مدمّرة وغلاء فاحش
- تدهور القدرة الشرائية للفلسطينيين بسبب فقدان مصادر الرزق والتهجير القسري، مع تكدس شديد أمام الصرافات وارتفاع نسب الصرف، مما أثر على رغبة وقدرة النازحين على الشراء في ظل الظروف المعيشية الصعبة.
- غياب ملامح استقبال موسم عيد الفطر في أسواق قطاع غزة بسبب نقص المعروضات وتغير الملامح العامة للأسواق، حيث اضطر التجار لتغيير نوعية البضائع المعروضة لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان في ظل الأوضاع القاسية.
تغيب ملامح استقبال موسم عيد الفطر عن أسواق قطاع غزة بفعل تواصل العدوان الإسرائيلي للشهر السابع على التوالي، وتأثيراته على مُختلف نواحي الحياة، وفي مقدمتها النواحي التجارية والاقتصادية بفروعها كافة.
ويتسبب القصف الإسرائيلي المُركز، الذي طاول البيوت والمُنشآت والمُربعات السكنية والأبراج التي تضم المحال التجارية، بتأثيرات صادمة على واقع الحركة التجارية وحركة الأسواق، وبخاصة مع تزامن العدوان الإسرائيلي مع الإغلاق الكامل للمعابر ومنع دخول كافة المواد الأساسية، كالمواد الغذائية، والماء، والكهرباء، ومُشتقات البترول، والأدوية، والمُساعدات الإنسانية، والملابس، والأدوات المنزلية، وغيرها من المُتطلبات الأُسرية اليومية.
وتترافق التأثيرات الخطرة للعدوان الإسرائيلي غير المُتوقف مُنذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مع التأثيرات الاقتصادية والتي باتت تُضعِف القدرة الشرائية للفلسطينيين الذين فقدوا أماكن رزقهم جراء القصف أو التهجير القسري، أو حتى عدم القدرة على صرف مُخصصاتهم المالية نتيجة إغلاق البنوك والصرافات الآلية وعدم توفر السيولة، علاوة على التكدس الشديد أمام الصرافات القليلة العاملة في مدينة رفح، جنوبي القطاع، أو النسب المُرتفعة التي تفرضها نقاط الصرف، والتي تراوح بين 10 و20% من قيمة المبلغ المالي المَنوي سحبه.
وعلى الرُغم من رزمة التحديات التي يُعاني منها الفلسطينيون جراء تواصل العدوان الإسرائيلي، إلا أن تلك الأزمات تتضاعف في صفوف النازحين، وتُقدر نسبتهم وفق الإحصائيات الأخيرة بـ75% من مُجمل السُكان، والذين أجبرهم الاحتلال على ترك بيوتهم ومناطق سكنهم والتوجه نحو المُحافظات الوسطى والجنوبية، في ظل ظروف إنسانية وصحية واقتصادية مُتردية، أثرت بشكل مُباشر على قدراتهم الشرائية وعلى رغبتهم في الشراء، نظرا لفقدان أقاربهم وبيوتهم والملامح العامة لحياتهم.
وتشهد أسواق القطاع حالة غير مسبوقة من النقص في مُختلف المعروضات الخاصة باستقبال موسم عيد الفطر، والذي كان يتم التحضير لاستقباله مع انتصاف شهر رمضان، فيما تغيب لهفة شراء الملابس القليلة التي تمكنت البسطات الصغيرة والمحال التجارية المُتواضعة من عرضها في صفوف النازحين، المُنشغلين بتوفير لقمة العيش وسُبل البقاء على قيد الحياة لأسرهم التي تعيش ظروفا مأساوية وغير مسبوقة.
ويقول الفلسطيني أسامة الخليلي، وهو نازح من مدينة غزة، فقد بيته ومحله التجاري الخاص ببيع الملابس النسائية، إن الموسم الحالي لا يُمكن مُقارنته بأي موسم سابق، وذلك للاختلاف الجذري في كل شيء، سواء في الملامح العامة للمحال والأسواق المُدمرة، أو في الكميات البسيطة المعروضة على استحياء، أو حتى في القدرة والرغبة الشرائية عند سُكان قطاع غزة عموما، والنازحين على وجه التحديد.
تغيب عن أسواق مدينة رفح، التي تضم نحو 1.5 مليون فلسطيني، مظاهر استقبال موسم عيد الفطر التي درجت العادة على توفرها في الأسواق
ويلفت الخليلي، الذي افتتح بسطة لبيع أصناف البقوليات والمُعلبات، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن الوضع التجاري خلال الحرب غير طبيعي من مُختلف النواحي، بدءا بحالة الدمار الواسعة وفقدان البضائع وانعدام قدرة الفلسطينيين على شراء البضائع المحدودة، ووصولا إلى غياب الملامح العامة لاستقبال الموسم السنوي الهام بالنسبة للتُجار، والذين كانوا يعتمدون عليه في تعويض خسائرهم التي كانوا يتكبدونها بفعل تأثيرات الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ سبعة عشر عاما.
ويوضح الخليلي أن موسم عيد الفطر الحالي، والذي يُعتبر الأسوأ على التُجار والباعة والزبائن، يحل على الأسواق التي تمكنت من فتح أبوابها وسط حالة كبيرة من التهجين، إذ اختلفت المصالح التجارية لأصحاب محال بيع الملابس الذين اتجهوا لبيع المواد الغذائية المتوفرة، في محاولة لتوفير لقمة عيش أسرهم النازحة.
وتغيب عن أسواق مدينة رفح، التي تضم نحو 1.5 مليون فلسطيني، مظاهر استقبال موسم عيد الفطر التي درجت العادة على توفرها في الأسواق قبل حلول العيد، كالحلوى، والشوكولاتة، والمُكسرات والمُسليات الخاصة بالضيافة، وأصناف العصائر والمشروبات الغازية، والملابس، والإكسسوارات والأحذية، علاوة على تجهيزات الأدوات المطبخية والزينة المنزلية.
في الإطار ذاته، يلفت الفلسطيني عادل أبو زيد، وهو صاحب محل ملابس خاص بالأطفال، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنه اضطر للتوقف عن العمل بسبب التهجير الإسرائيلي القسري الذي أجبره على ترك مدينة غزة واللجوء لمدينة دير البلح، وسط قطاع غزة، ومن ثم تدمير سوق الشجاعية الشعبي، بما فيه من بضاعة تخصه.
ويوضح أبو زيد، الذي افتتح بسطة ملابس أطفال في سوق البلد بغرض توفير مصدر دخل لأسرته النازحة داخل مدرسة، أن الأوضاع الحالية للأسواق غير طبيعية، إذ تنعدم فيها كافة التفاصيل المتعلقة باستقبال موسم عيد الفطر، وهو الموسم الأقوى بالنسبة للتجار.
ويُرجع أبو زيد التدهور الشديد في الأسواق لمجموعة أسباب، أبرزها استمرار العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة الجماعية، والتي أعدمت أدق التفاصيل المتعلقة بالتجهيزات للموسم، كذلك إغلاق المعابر وعدم توفر البضائع اللازمة، علاوة على الأوضاع المادية المُتردية للفلسطينيين في ظل الأزمة المالية، إلى جانب نزوح مئات آلاف الفلسطينيين عن بيوتهم مُنذ 181 يوما.
وإلى جانب التأثيرات الكارثية للعدوان الإسرائيلي على حالة الأسواق والمواسم التجارية ودوران العجلة الاقتصادية، فإنه تسبب باستشهاد وفقدان قرابة 40 ألف فلسطيني، وإصابة 76 ألف شخص بجراح مختلفة، علاوة على تدمير نحو 70% من مباني ومنشآت قطاع غزة.