إسرائيل في دائرة شبهة الاتجار بالبشر عبر استقدام العمالة الأجنبية

12 فبراير 2024
منع الفلسطينيين من الالتحاق بأعمالهم (Getty)
+ الخط -

تجاهلت وزارة الإسكان الإسرائيلية تحذير وزارة العدل من أن استقدام العمالة الأجنبية عبر الشركات الخاصة من شأنه أن يزيد من خطر الاتجار بالبشر، وأصدرت قرارًا معاكسًا عبر الحكومة. وقد يتضرر ترتيب إسرائيل في تقرير المراقبة الأميركية إلى حد فرض العقوبات الاقتصادية، وفقًا لموقع "كالكاليست" الإسرائيلي.

وتعمل حكومة الاحتلال على استقدام 35 ألف عامل أجنبي عبر مؤسسات خاصة، 15 ألفاً منهم مخصصون للقطاع الصناعي والبقية للبناء. ووفق موقع "كالكاليست"، فإن هذه الخطوات تتعارض مع موقف وزارة العدل وسلطة السكان والهجرة، ولا تقل أهمية عن ذلك أنها تتعارض مع سياسة وزارة الخارجية الأميركية التي تدير وحدة ضد الاتجار بالبشر، وقد تؤدي هذه الخطوة إلى وضع إسرائيل على قائمة المراقبة في التقارير السنوية الأميركية، وهي خطوة قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تصنيف أقل في هذا المجال، وتضيف مشكلة أكبر في العلاقة الدولية والاقتصادية للحكومة الإسرائيلية.

ووفق الموقع الإسرائيلي، فإن قرار إدخال العمال الأجانب إلى قطاع البناء من خلال وسطاء من القطاع الخاص اتُّخذ في انقلاب قاده المدير العام لوزارة الإسكان يهودا مورغنسترن، خلافًا لاتفاق سابق مع وزارة العدل.

وأرسل نائب المستشار القانوني للحكومة جيل ليمون رسالة إلى سكرتير الحكومة يوسي فوكس، أفاد فيها بأن إجراءات اتخاذ القرار في الحكومة ليست طبيعية. من بين أمور أخرى، أعرب ليمان عن قلقه من أن السلوك في الاجتماع "كان يهدف إلى طرح مقترحات الحكومة للمناقشة لاتخاذ قرار فُرض حظر قانوني عليه".

وأضاف أن هذا التصرف "غير طبيعي، وقد يدفع الحكومة إلى اتخاذ قرارات غير قانونية". وذكر في تلخيص تصريحاته أنه يجب طرح القرار للنقاش مجددًا في الحكومة بعد انتهاء العمل المهني والقانوني.

الاتجار بالبشر

وأدت ظاهرة قيام العمال بدفع رسوم وساطة باهظة لشركات التوظيف في بلدهم الأصلي إلى انتهاك حقوقهم وسجنهم لسنوات حتى إرجاع الدين.

لذلك، يشرح الموقع الإسرائيلي، في عدد من القرارات التي اتخذتها الحكومة في الماضي، مُنع دخول العمال الأجانب إلا من الدول التي وقّعت اتفاقية ثنائية مع إسرائيل، والعمال لا يصلون إلا عن طريق الهيئات الحكومية في بلد المنشأ، وتُجرى الفحوص لهم، ويُختار العمال في إسرائيل عن طريق القرعة بما يقلل من القدرة على تحصيل رسوم الوساطة، لأن الرحلة إلى إسرائيل غير مضمونة، وفق الصحيفة.

ويقول الموقع إنه في أعقاب الحرب ومنع ما يقرب من 100 ألف عامل فلسطيني من العمل في شركات البناء، اتُّخذ قرار في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 بزيادة حصة العمال الأجانب من 30 ألفًا إلى 50 ألفًا. وتقرر أن نصف الإضافة، أي 10 آلاف شخص، يمكن أن يأتي من خلال شركات خاصة وليس في إطار الاتفاقات السياسية.

في ذلك الوقت، فُسّر هذا الإجراء على أنه طارئ، وحُدّد بـ 90 يومًا، لكنه فشل حتى الآن، لأنه لم يصل أي عامل إلى إسرائيل.

ووافقت الحكومة يوم الأحد الماضي على خطة وزارتي المالية والإسكان لدعم صناعة العقارات، وتضمنت المسوّدة الأولية قرارًا بالسماح بدخول 10 آلاف أجنبي آخرين سيأتون إلى إسرائيل عبر وساطة شركات خاصة. عارضت وزارة العدل هذه المبادرة بشدة، لأن هذه الخطوة تزيد من خطر استغلال العمال وتضر بمكانة إسرائيل في تقارير المراقبة الأميركية. وبعد ذلك، وُزّعت وثيقة منقحة للمخطط العقاري على الدوائر الحكومية، وحُذف القسم محل النزاع منها.

وبينما كان المهنيون في مختلف الوزارات يظنون أن هذا هو القرار الذي سيُعرض على الحكومة وتصادق عليه، كان لدى المدير العام لوزارة الإسكان خطط مختلفة تمامًا. الاجتماع كان بمثابة "كمين" (وفق تعبير كالكاليست)، قدم الخطة للحكومة، وادعى أن هناك احتمالين فقط لمنع انهيار صناعة العقارات: عودة الفلسطينيين أو خطوة أخرى، يسمح بتوظيف العمال من خلال الشركات الخاصة أيضًا.

تهديدات من الدول

ويقول الحاضرون في اللقاء إن المحامي كارميت أوليس، نائب المستشار القانوني للحكومة، والمحامي عاصي ميسينغ، المستشار القانوني لوزارة المالية، فوجئا بالخطوة و"تحركا بشكل غير مريح"، لكن في ضوء معارضة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ورؤساء الحكومات المحلية لعودة الفلسطينيين، وافق الوزراء الذين لم يكونوا على علم بالمناقشات المبكرة حول هذا الموضوع، في اللحظة الأخيرة على إعادة القسم الإشكالي.

بعد مرور أسبوع على المناقشة، لم يُنشر قرار الحكومة المخطط له مع البند محل النزاع على موقع الحكومة الإلكتروني، حتى كتابة هذه السطور، لذلك لا يزال الكثيرون غير مدركين للتغيير الذي حدث، وفق "كالكاليست".

وهددت مولدوفا التي وقعت اتفاقية ثنائية مع إسرائيل، بإلغائها عندما اكتشفت أن هناك محاولة لتوظيف العمال في بلدها من خلال شركات خاصة. وقد سُمع هذا الاستياء أيضًا في سريلانكا وأوزبكستان.

ويتفق كبار المسؤولين في مختلف الوزارات الحكومية الذين تحدث معهم "كالكاليست" على أن الطريقة الصحيحة لتوظيف الموظفين على المدى الطويل هي من خلال الاتفاقيات الثنائية. إلى جانب ذلك، من الممكن تخفيف أزمة العمال في الصناعة من خلال عودة محكومة للفلسطينيين. وهناك موافقة على ذلك في وزارة الدفاع وسلطة السكان والهجرة ووزارة الإسكان.

في الوقت نفسه، علم "كالكاليست" أن وزارة الاقتصاد بدأت بصياغة مقترح لقرار يسمح للـ 15 ألف عامل أجنبي القادم بالعمل في الصناعة بمساعدة شركات خاصة ودون اتفاقيات ثنائية.

تهدف هذه الخطوة إلى حل مشكلتين تراكميتين، وفق "كالكاليست". أولًا، تعاني الصناعة نقصًا في العمال منذ سنوات، وثانيًا، بعد الحرب، تفاقم هذا النقص بسبب تغيب حوالي 15 ألف فلسطيني عن المصانع. وعلى عكس العقارات، لم تهتم الحكومة حتى الآن بتعزيز الاتفاقيات الثنائية لتوظيف العمال الصناعيين، وتخشى وزارة الاقتصاد من أن تستغرق العملية الدبلوماسية لتوقيع الاتفاقيات مع الدول الأجنبية وقتًا طويلًا مما يؤدي إلى تعميق الأزمة.

وذكرت وزارة الاقتصاد ردًّا على ذلك، أنه "في القطاع الصناعي هناك نقص مزمن يُقدّر بآلاف العمال منذ سنوات، ما يثقل كاهل النشاط الحالي ويشكل عائقًا كبيرًا أمام الإنتاج بكامل طاقته، بل يسبّب أحيانًا تخفيض الطلبات وتأجيلها ودفع الغرامات في ظل عدم القدرة على توريد المنتجات.

المساهمون