لم تحظ التصريحات التي أدلها بها وزير الإسكان الإسرائيلي الحاخام يتسحاق غولدكنوف مطلع الأسبوع الماضي باهتمام رغم خطورتها، وقد قال فيها إن الحكومة ستعمل على توظيف المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية في حل مشكلة السكن وارتفاع أسعار الشقق السكنية داخل إسرائيل.
هذا التصريح المقتضب للوزير الذي يرأس أيضا حركة "يهدوت هتوراة" الدينية الحريدية، يعني أن توجه اليهود للاستيطان في الضفة الغربية لا يرتبط فقط بالدوافع الأيدولوجية والسياسية بل بالدوافع الاقتصادية ولمواجهة أزمة توفير سكن.
علما أن أقل سعر للشقة في منطقة الوسط في إسرائيل حوالي مليون دولار، مقابل نحو نصف مليون دولار في المستوطنات.
تضاف إلى ذلك التسهيلات الكبيرة التي تقدمها الحكومة لتشجيع الاستيطان في الضفة، حيث تعتبر المستوطنات "مناطق تفضيل أ"، وهو ما يلزمها بتقديم قروض إسكان ميسرة جدا للمتزوجين حديثا الذين يتوجهون للإقامة هناك.
كما تقدم الحكومة تسهيلات ضريبية كبيرة، إلى جانب مغريات على صعيد توفير بنية تحتية متطورة، كما تحظى المستوطنات بخدمات تعليمية وصحية أفضل بكثير مما عليه الأمور داخل إسرائيل.
وحسب ما نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت"، فإن الموازنات التي تخصصها الحكومة الإسرائيلية لتمويل التعليم في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية تبلغ ضعف تلك المخصصة لمناطق داخل إسرائيل.
وعلى سبيل المثال، يبلغ متوسط عدد الطلاب في الصف داخل مدارس إسرائيل 30.4 طالبا، في حين يبلغ في مدارس مستوطنات الضفة 23.4 طالبا.
قرار لصالح الحريديم
لكن أخطر ما انطوت عليه تصريحات غولدكنوف يتمثل في حقيقة أن أكثر الفئات التي ستستفيد من هذا التوجه هم أتباع التيار الديني الحريدي الذي ينتمي إليه الوزير.
ويعد الحريديم الفئة الأكثر فقرا بسبب عدم مشاركتهم في سوق العمل، واعتمادهم بشكل أساس على مخصصات الضمان الاجتماعي التي تمنحها الحكومات المتعاقبة لهم تحت ضغط الأحزاب التي تمثلهم والتي تشارك في الائتلافات الحاكمة.
كما أن التسهيلات والتشجيع المقدم للاستيطان في الضفة، يمنح الحريديم الفرصة في تدشين مجتمعات منفصلة تضمن ممارستهم أنماط حياتهم الدينية والاجتماعية الخاصة دون الحاجة إلى الاحتكاك بالعلمانيين.
ويتوقع أن تدشن الحكومة الإسرائيلية مستوطنات جديدة خاصة بالحريديم، تضاف إلى 4 مستوطنات حريدية، وهي: "كريات سيفر"، غرب رام الله، "عمونائيل"، شمال الضفة، "بيتار عيليت"، ومعاليه أفرايم، بين القدس وأريحا، شرق الضفة.
وسيفضي توجه أتباع التيار الديني الحريدي للاستيطان في الضفة على نطاق واسع إلى إحداث تحول كبير في الميزان الديمغرافي بين الفلسطينيين والمستوطنين اليهود، حيث يبلغ متوسط عدد ولادات المرأة اليهودية الحريدية نحو 7 ولادات.
كما سيعمل وزير الإسكان الحاخام غولدكناف على توفير المزيد من التسهيلات لأتباع التيار الذي ينتمي إليه لمساعدتهم في الحصول على شقق سكنية داخل مستوطنات الضفة، سيما وأن الحركة التي يقودها لديها نفوذ كبير داخل الائتلاف الحاكم.
وسيدفع توجه الحكومة الإسرائيلية لبناء مزيد من المستوطنات إلى تشجيع اليهود الذين يقطنون المناطق الفقيرة داخل إسرائيل، على التوجه للسكن فيها للاستفادة من التسهيلات على صعيد الإسكان.
وتتوسع الحكومة الإسرائيلية المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو في مصادرة الأراضي الفلسطينية في الضفة بهدف بناء المستوطنات، لتحقيق هدفها المعلن والمتمثل في جلب نصف مليون مستوطن جديد إلى الضفة والمساهمة في حل مشكلة السكن.
وذكرت صحيفة "هآرتس" آخيرًا أن وزير المالية الإسرائيلي بتسلال سموتريتش أصدر تعليماته لجميع الوزارات والمؤسسات الحكومية بتوفير كل الإمكانات اللازمة لتمكين المستوطنات من استيعاب نصف مليون مستوطن جديد.